أصدر مؤخراً، الدكتور عمرو الشلقانى، أستاذ القانون المساعد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وأستاذ متميز كرسى الأغا خان، للعلوم الإنسانية الإسلامية، بجامعة براون، كتاباً جديداً عن النخبة المصرية القانونية بعنوان" ازدهار وانهيار النخبة القانونية المصرية: 1805-2005"، حيث صدر الكتاب عن دار الشروق للطباعة والنشر.
فى كتابه، يتناول الشلقانى تاريخ النخبة القانونية المصرية من أوائل القرن التاسع عشر حتى الآن، كما يتتبع تأثير إحياء سيادة القانون على الرفع من شأن رجال القانون وتمكينهم، كصناع قرار فعالين، على التأثير فى مختلف القضايا العامة، ويعتقد الشلقانى أن المطالب الاقتصادية والسياسية الحالية لإحياء سيادة القانون قد تؤدى لاستعادة الوضع المفتقد منذ زمن طويل للمحامين المصريين أو النخبة القانونية المصرية، وأن العودة الأخيرة لسيادة القانون فى الصدارة قد تعنى أن الأبواب ستفتح للمحامين للعودة لصفوف النخبة، كما كان الحال فى القرن التاسع عشر.
ومع ذلك، فإن نجاح هذا المسعى يعتمد على قدرة رجال القانون فى تقديم مشروع كامل للإصلاح القانونى مستندا على الهوية الوطنية.
يقول الشلقانى، "لعل أكثر الإسهامات ابتكاراً هذه الأيام هى تلك التى تأتى من جانب محاميى الإخوان المسلمين الذين يقرنون تفسيرا إسلاميا للهوية المصرية بمشروع قانونى لإعادة حكم الشريعة فى نطاق التطبيق القضائى، ستقابل تلك المحاولات بإسهامات مماثلة من قبل القضاة، إلى جانب المحامين المدافعين عن حقوق الإنسان أو التابعين لمؤسسات، ولكن سيتوحد الجميع فى الدعوة الإصلاحية لسيادة القانون".
فى الكتاب، يناقش الشلقانى كيف أن الإصلاحات القانونية من 1876 وما تلاها سمحت بتصعيد نخبة قانونية للحكم فى نهايات هذا القرن، وبعد عقود، تمكن هؤلاء المحامون من السيطرة على الحركات الوطنية، لمنع التنافس مع العلماء الإسلاميين ورجال الجيش على حد سواء وتمكنوا من فرض مناخ سياسى محدد حتى منتصف القرن العشرين، وتمكن المحامون من تبوء أعرق المناصب بالدولة فى الوزارات والحكومة كما تميز الكثير منهم فى مجالات الأدب، الصحافة، الفن والمجالات الليبرالية المتعددة، حتى أصبح من الرائج استخدام مصطلحات مثل "الفصل بين السلطات" والتى لا يقدر البعض قيمتها الآن.
ويصف الشلقانى فى كتابه كيف أن عام 1937 وهو تاريخ زواج الملك فاروق من الملكة فريدة، التى درست القانون، يعد نقطة تحول أساسية فى تاريخ مهنة المحاماة.
"فى وقت من الأوقات كان يطلق على كلية الحقوق، كلية الوزراء. أما اليوم فالطلبة يطلقون على كلية الحقوق "جراج الجامعة" وهو ما يفسر كيف يرى الكثير مهنة المحاماة".
فى خلال الفترات السابق ذكرها، سعت النخبة القانونية لإعادة تشكيل الهوية المصرية، بعيدا عن الهوية العثمانية الإسلامية أو العربية إلى هوية مصرية خالصة بجذور مختلفة.
أما عن انهيار النخبة القانونية فى القرن العشرين، فيربطها الشلقانى بفشل مشروعهم الخاص بالهوية. تمكن انقلاب 1952، مع عوامل اقتصادية وسياسية، من استبدال النخبة القانونية المصرية بمسئولين عسكريين وتكنوقراط.
وأدى هذا التحول إلى إعادة تشكيل الهوية المصرية مرة أخرى، ولكن تلك المرة إلى هوية ذات طابع علمانى، وتوجه عربى.
"أدت تلك الاستراتيجية الوطنية إلى تضاؤل التأثير الثقافى والدور القيادى للنخبة القانونية".
وتبع ذلك أيضا خفض مجاميع الالتحاق بكلية الحقوق، مما جعلها ملاذ لأضعف الطلاب دراسياً الذين لم يتمكنوا من الالتحاق بكليات أخرى.
فى تعليقها على الكتاب، تقول الدكتورة سامية محرز، مدير مركز دراسات الترجمة، أن كتاب الشلقانى يتميز بقدرة فريدة على السرد.
"لست متخصصة فى المجال القانونى ولكنى استمتعت بقراءة الكتاب ليس القراءة وبالسرد الشيق والمثير إلى جانب استخدامه للغة أدبية متميزة لا تخلو من السخرية".