سعدت كثيراً بنتائج انتخابات الاتحادات الطلابية بالجامعات، والتى جاءت لتكشف الغبار عن وجه هذا البلد المتحضر الذى أساءت إليه كثيرا خلال الفترة الماضية مشاهد الاحتراب الداخلى والمعارضة بالذراع والقطع المتكرر للطرق، وخطوط السكك الحديدية، والعنف المفرط من قبل الشرطة فى عدد كبير من الوقائع.
الدرس الأكبر الذى علمه التلامذه لنا من خلال انتخاباتهم التى لم تشهد أية واقعة تزوير، بحسب ما أعلم، هو أن العودة إلى الاحتكام لقواعد الديموقراطية التى تسبب غيابها فى الإطاحة بنظام مبارك، وهو فى عز قوته، يبقى الحل السحرى للخروج من الأزمة السياسية بالغة الاحتقان التى تعيشها البلاد منذ عدة أشهر، والتى تسببت فى أزمة كبيرة بين الحكم والمعارضة.
فاز التيار الشعبى ومصر القوية والوسط عندما شاركوا فى الانتخابات الطلابية، وتمكنوا بالتنسيق مع المستقلين، من إحراز عدد كبير من المقاعد بمجموعة من الجامعات، والتى كان عدد منها معقلا تقليديا للتيار الإسلامى، وأعطى المشهد فى مجمله طاقة أمل لرجل الشارع الذى يقتله الإحباط منذ شهور بأن شيئا ما فى هذا الوطن يمكن أن يتغير بعيدا عن منطق فرض الأمر الواقع بقوة "الدراع".
خسائر المقاطعة للإنقاذ أكبر من أن تحصى، وفقا لما أفاض فيه الكثير من الخبراء والمحلليين طوال الأيام الماضية، ولكن أظن أن الخاسر الأكبر سيكون هذا الوطن الذى يتحمل حكامه ومعارضوه وزر شعبه، والذى أصبح عدد كبير من أفراده يترحمون اليوم على أيام الرئيس السابق حسنى مبارك.
مشاهد الدم والنار فى بورسعيد والمنصورة والتحرير تتطلب من الجميع شيئا من تحكيم العقل قبل فوات الأوان، والجلوس إلى مائدة حوار غير مشروط، يتم خلاله إلزام الجميع بتقديم قدر من التنازلات من أجل شىء واحد هو إنقاذ هذا الوطن وإطفاء النار التى يحاول البعض إشعالها فى كل شبر منه.
مصر تحتاج من الجميع اليوم أن يسدوا باب فتنة التخوين، وإعطاء غطاء للعنف المتبادل والتشكيك فى الشرعية التى تم الإسراف فيها خلال الأشهر الماضية، والتى يحصد الشعب اليوم ثمنها من قوته واستقراره وشعوره بالأمن.
جميعنا مطالب بالتطهر من ذنوبه حتى لا نلقى الله بخطايانا، ونتجنب لعنة الأجيال القادمة لإضاعة وطن بقامة مصر، بعد أن نجحنا فى استخلاصه من بين أيدى سارقيه بدماء غالية مازالت تنزف حتى اليوم.
لعبة عض الأصابع بين الحكم والمعارضة، لن تزيد الأوضاع سوى اشتعالا، ومصر لن ينتشلها سوى الحوار الجاد وغير المشروط، بشرط مشاركة جميع الأطراف وتقديمها مصلحة هذا الوطن على المعارك الحزبية والمكاسب الخاصة.
لا نشك فى نوايا أو صدق أى مصرى أيا كان دينه أو فكره، ولكننا نخشى من تقدير الجميع للأولويات، ولكننى فى النهاية استحلف الجميع بكل شاب لا يجد فرصة عمل، وبكل عامل يومية، لا يجد ما يطعم به أبناءه، أن يتنازل قليلا من أجل هذا الوطن، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
د. معتز سيف
صفوة المثقفين
عدد الردود 0
بواسطة:
عمرو خليفة
مقال رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
سيد
صوت العقلاء
ليت الجميع يتحدث بلسان العقل مثلك يا أستاذ سيد