أثناء تقليبى صفحات أحد الكتب، وقعت قصاصة لخبر نشر من أعوام فى جريدة قومية عن شاب أمريكى كفيف عمره ثلاثة وعشرون عاماً، استطاع بقوة إرادته أن يتسلق قمة إفرست البالغ ارتفاعها 8850 مترا وبعد أن قرأتها قلت فى نفسى لماذا لا أغمض عينى لبضع دقائق، وأحاول النزول على درجات السلم من الطابق الثالث، حيث أقيم إلى الطابق الأرضى مجرد محاولة لأعانى بعض الذى كابده بطل الخبر! وقبل أن أغمض عينى وفى طريقى لفتح باب الشقة اصطدمت قدمى بكرسى، وبالرغم من شدة الألم تماسكت ثم أغمضت عينى ونجحت فى فتح الباب ومددت ذراعى للأمام كقرنى استشعار ورحت أتحسس بداية الدرابزين، وعندما وضعت قدمى على أول درجة قلت لنفسى تشجع واترك الدرابزين وحاول الهبوط حراً بدون الاهتداء به، وهبطت الدرجات الأولى وكأننى أتعلم المشى للمرة الأولى، وفجأة سقطت متدحرجاً لأصطدم بحائط السلم.. فبلعت آمالى (بالعين وليس بالغين) وتماسكت وصممت ألا أفتح عينى بالرغم من أنى نكصت على عقبى وعدت صاعداً إلى الشقة آخذا جانب الحائط الأيمن، وأثناء صعودى سمعت همزات ولمزات النازلين والنازلات والصاعدين والصاعدات..فاضطررت لأن أفتح عينى مرغماً لأرى زوجتى على باب الشقة فى انتظار المغامر الكبير، ماطة شفتيها ومحوقلة، فبادرتها شارحا الموقف وقارئاً الخبر ومعتذراً عما كان منى وعازماً ألا أعود لمثله أبداً، فقالت فى أسى: قلد إللى بيشوفوا وسيب ده للى ما بيشوفوش !! فقلت مندهشاً : واللى بيشوفوا عملوا إيه ؟ فقالت : طلعوا القمر .. واخترعوا القنابل الذكية والتوما هوك و.. و..فقلت واللى ما بيشوفوش طلعوا قمة إفرست، وإحنا قاعدين محلك سر، وبنيجى فى الهايفة ونتصدر موش عاوزة تقولى كده؟ وأضفت: لو أن ذلك الشاب وأمثاله سمع تقريعاً كتقريعك ولم يجد تشجيعاً كما وجد من أهله وعشيرته لما صعد قيد أنملة، واستدرت فإذا جمع غفير قد احتشد فوق الدرج ليتسلى بما يسمع منا عما يغلى فى داخله من هموم الحياة اليومية فصحت فيهم: أيها السادة، إن الفرق بيننا وبينهم أن ما نراه هنا بداية الجنون يرونه هناك فناً من الفنون ولذلك يتقدمون ولا يتعثرون وتظلون أنتم فوق السلالم تتنصتون وتتعجبون فمطوا الشفاه واضطررت ألا أكمل الحديث بالرغم من أنه ذو شجون وقلت فى نفسى: عموماً المعانى تسكن البطون ؟ وافهموها كما تشاءون!
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة