رغم مرور ثلاثة أيام على إعلان وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى، تقديم مساعدات لمصر بقيمة 250 مليون دولار، إلا أن الإعلام وخبراء أمريكيين شنوا هجوما شرسا على هذا القرار، معتبرين أنه خطوة خطأ من واشنطن لدعم حكومة الإخوان المسلمين فى مصر.
جاى سيكيولو، رئيس مجلس المركز الأمريكى للقانون والعدالة، وهو منظمة قانونية مقرها واشنطن، قال فى مقال له على موقع شبكة فوكس نيوز الإخبارية الأمريكية، إن تقديم تلك المساعدات لحكومة الإخوان المسلمين الهشة، بناء على مجرد آمال ووعود، هو أسوا نهج ممكن ويمنح نظاما عدائيا وقمعيا شريان حياة فى الوقت الخطأ، موضحا "أنه نظرا للسجل الأخير للإخوان المسلمين، فمن المستحيل تصديق أى وعود بالإصلاح من جانبهم".
وأضاف سيكيولو أنه بينما لا يزال الاقتصاد المصرى ينهار، والعنف يشتعل بشكل دورى فى القاهرة ومدن القناة، فإن أولوية الرئيس محمد مرسى المستمرة هى المضى قدما فى أجندته المعادية لأمريكا وإسرائيل، وقائمة خطايا الإخوان المسلمين طويلة ومتنامية على حد قوله، وحدد سكيولو هذه الخطايا فى اضطهاد الأقلية المسيحية بعنف إلى حد اعتقال أطفال لمزاعم بتدنيسهم القرآن، وفشل قوات الأمن فى القيام بمسئوليتهم القانونية فى حماسة السفارة الأمريكية مع اقتحام المتظاهرين لها فى سبتمبر الماضى وقيامهم بتمزيق العلم الأمريكى والاستعاضة عنه بالعلم الأسود لحركة الجهاد.
ويتابع الكاتب قائلا إن مصر لم تصبح فقط مصدرا للإرهابيين، ولكن أيضا نقطة انطلاق لهجمات إرهابية ضد إسرائيل، وكان هناك إرهابيين مصريين مشاركين فى الهجوم على القنصلية الأمريكية فى بنغازى وفى الهجوم والعنف الأخير فى الجزائر، وواصل سكيولو رصد الخطايا قائلا إنه " على الرغم من وساطتها بين غزة وإسرائيل لوقف إطلاق النار فى نوفمبر الماضى، إلا أن مصر تدعم علانية حماس، التى هى أحد فروع جماعة الإخوان المسلمين، كما وافقت مصر على دستور يستند إلى الشريعة ويقيد الحريات الدينية ويقدم الأساس القانونى لاستمرار اضطهاد الأقلية المسيحية المحاصرة "، على حد وصف الكاتب.
ومن بين الخطايا التى رصدها المقال أيضا، رفض السماح للمسئولين الأمريكيين بلقاء أحد المشتبه بهم فى هجوم بنغازى، إلى جانب تصريحات مرسى المناهضة لليهود، والتى وصفها الكاتب بأنها معادية للسامية.
وختم الكاتب مقاله قائلا إن مصر لا تزال تكافح لتحديد مصيرها، وإذا كانت الولايات المتحدة تتدخل، فلا ينبغى أن تكون فى جانب "الجهاديين".. فالإخوان المسلمون يريدون أموالا أمريكا وأسلحتها، بينما لا تحتاج واشنطن الإخوان فى شىء.
كما انتقد عضو بمجلس النواب الأمريكى القرار الأمريكى بتقديم مساعدات مالية لمصر فى الوقت الذى تواجه فيه الولايات المتحدة أزمة بسبب تخفيض الميزانية، وقال لوى جوهمرت، العضو الجمهورى فى مجلس النواب، إنه أصيب بالارتباك من قرار المساعدات الأخيرة لمصر، وأضاف فى حديث تلفزيونى إنه فى الوقت الذى يتم فيه تخفيضات فى الميزانية العابرة للحدود، فإنه لم يستطع أنه يفهم لماذا تقوم الولايات المتحدة بإرسال أموال إلى الخارج، وتابع جوهمرت ساخرا: كل ما أستطيع أن أفهمه من هذا هو إحساس الرئيس أوباما بالعدالة، فهو يحسب أننا دولة أقوى كثير بالنسبة لهؤلاء الذين يكرهوننا ويريدون تدميرنا، "فدعونا نعطيهم السبق هنا".
وهاجم عضو الكونجرس عن ولاية تكساس قرار المساعدات، وقال إنه بعد الاضطرابات الشديدة التى شهدتها مصر فى 2012 بسبب فيلم "براءة المسلمين"، فإن أمريكا ليست فى حاجة إلى تمويل سوء نية تجاه الولايات المتحدة. وأضاف إننا نمنحهم، أى حكام مصر، ما يحتاجون لقصف إسرائيل وأمريكا، وهذا أمر سخيف جدا.
من جهتها قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن قرار إدارة الرئيس باراك أوباما منح مصر مساعدات بقيمة 250 مليون دولار يعد تصويت ثقة لبلد يمثل أهمية بالغة فى استقرار المنطقة، بينما يتأرجح على حافة كارثة اقتصادية.
وأضافت الصحيفة الأمريكية فى افتتاحيتها، اليوم الثلاثاء، أن الأمر متروك الآن للحكومة المصرية ومعارضيها، لخلق توافق سياسى واقتصادى يمكنهم من الاستفادة من الأموال الأمريكية لتغيير مسار دولتهم "الفاشلة"، لافتة إلى أن وزير الخارجية جون كيرى، أكد خلال زيارته لمصر هذا الأسبوع، أن مسئولية إيجاد توافق تقع أولا على الرئيس محمد مرسى. وأوضحت أن مهمة مرسى تتمثل فى إقناع المعارضة السياسية بمشاركته فى مجموعة الإصلاحات الاقتصادية الصعبة والتى تمهد الطريق نحو الحصول على قرض صندوق النقد الدولى.
وأضافت أن التعاون أيضا مطلوب من جانب المعارضة، فمصر بحاجة ماسة إلى مؤسسات ديمقراطية قوية واقتصاد أكثر قوة للتحرك نحو مستقبل أفضل. وبدلا من ذلك فإن الأطراف المختلفة تخوض نمط متكرر من الأزمات السياسية والاقتصادية، مما يتسبب فى خيانة الثورة التى أطاحت بمبارك، وفق تعبير الصحيفة الأمريكية.
وأشارت أن مرسى وجماعته سيطروا على السلطة، هارعين نحو دستور معيب محل تنازع كبير، كما فشلوا فى إصلاح جهاز الشرطة الفاسد، وعلاوة عليه فإنهم طرحوا قانون جديد من شأنه أن يقيد بشدة لحق فى التجمع السلمى ويشجع على مزيد من انتهاكات الشرطة.
وشنت نيويورك تايمز هجوما على قرار جبهة الإنقاذ الوطنى بمقاطعة الانتخابات البرلمانية المقررة أبريل المقبل، واعتبرته بأنه أحدث نكسة للعملية السياسية فى البلاد. غير أنها أشارت إلى أن خطوة المعارضة هذه تأتى نتيجة لفشل حكومة الرئيس الإسلامى فى طرح ضمانات لنزاهة الانتخابات.
ومضت بالقول أن قرار المعارضة بالمقاطعة لا يصلح الأحوال وإنما يشير إلى أنها تهزم نفسها بنفسها. وأنتقد رفض المعارضة دعوة الخارجية الأمريكية التى تحثهم على المشاركة فى الانتخابات ورفض بعض كبار قادة جبهة الإنقاذ لقاء كيرى. وقالت، بصراحة أنه من الصعب أن نعرف ما تريده المعارضة المصرية من واشنطن، فتارة تحذر ضد التدخل ومرة أخرى تنتقد تساهل الأمريكان مع مرسى.
من جهتها قالت صحيفة واشنطن تايمز الأمريكية، إن إعلان وزير الخارجية جون كيرى منح مصر مساعدات بقيمة 250 مليون دولار، زادت النقاش المشتعل فى واشنطن بشأن وجود دعم حكومة فى مصر يقودها الإخوان المسلمين.
وأشارت الصحيفة أنه بينما يدعو العديد من المشرعين إلى وقف المساعدات الأمريكية لمصر، فإن معظم المحللين يتفقون على أن الكونجرس يفتقر إلى الإرادة لوقف قرابة 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية التى واصلت واشنطن إرسالها إلى القاهرة طيلة سنوات عدة.
وقال بريان كاتوليس، الزميل البارز لدى مركز التقدم الأمريكى، أن مشرعى الكونجرس غارقون فى اختلال وظيفى وجمود، ومن المحتمل أن تواصل إدارة أوباما تقديم المساعدات العسكرية والاقتصادية الحالية.
وأوضحت الصحيفة أن مسألة المساعدات الأمريكية لمصر تسببت فى أشهر من التوتر على صعيد السياسية الخارجية بين البيت الأبيض والكونجرس، حيث أعرب العديد من المشرعين عن قلقهم حيال تعامل الحكومة التى يهيمن عليها الإخوان المسلمين مع القضايا الأمنية والمرأة والمعارضة وإسرائيل.
وتعد النائبة إليانا روس ليتنين، رئيس اللجنة الفرعية لشئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أحد أشد المعارضين للمساعدات، وقالت خلال جلسة عقدت الثلاثاء الماضى بشأن الوضع فى مصر، أن حكومة الرئيس محمد مرسى فرضت السجادة الحمراء أمام الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد.
وأضافت أن هذه الخطوة تمثل محاولة من جانب الإخوان المسلمين لإقامة علاقات مع دولة راعية للإرهاب تسعى بنشاط لتدمير أقرب حلفاء واشنطن فى المنطقة. وشددت على ضرورة أن تعترف الإدارة الأمريكية بأن حكومة مرسى غير مستقرة ولم تثبت بعد استحقاقها للدعم الاقتصادى أو العسكرى.
وأكد مايكل روبين، الباحث بمعهد أمريكان إنترابرايز، أنه ليست من الحكمة أن تعمل واشنطن على إنقاذ مرسى كل بضعة أشهر. وأوضح: "من خلال منح أموال لنظام مثل نظام مرسى، فإننا نمنع محاسبته عن تصرفاته".
وتقول واشنطن تايمز، إنه يبدو أن مرسى له تأثير ما خلال لقاءاته بالقادة الغربيين، وقد استطاع أن يمرر فكرة أن دعم الحكومة الحالية فى القاهرة ليس كله سيئا. فلقد قلل السيناتور الجمهورى جون ماكين، لهجته الحادة حيال المساعدات الخاصة بمصر بعد لقائه بالرئيس المصرى فى منتصف يناير الماضى.
ويوضح إيد رويس، رئيس لجنة الشئون الخارجية بالكونجرس، أن الأموال التى تعهد بها كيرى خلال زيارته للقاهرة سبق وتم الموافقة عليها واعتمادها من قبل الكونجرس. وأضاف أن أى مساعدات مالية فى المستقبل ستتطلب موافقة جديدة من الكونجرس، مشددا: "نطلع أن نرى إصلاح اقتصادى وتقدم ديمقراطى. فطريق مصر لايزال طويلا جدا".
هجوم أمريكى على إعلان كيرى تقديم 250 مليون دولار مساعدات لمصر.. عضو بالكونجرس يهاجم القرار.. وخبير: تقديم المساعدات الآن خطوة خاطئة.. وتايمز: واشنطن منحت لمصر الثقة والكرة فى ملعب الحكومة والمعارضة
الثلاثاء، 05 مارس 2013 12:26 م
جون كيرى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة