علم التنويم بالإيحاء يلجأ إليه الإنسان لمواجهة التحديات والمشاكل النفسية وبعض العادات المذمنة، باحثاً عن فرصة لحياة أجمل وأكثر إشراقاً من خلال الوصول لحالة الألفا- إحدى المراحل التى تسبق النوم- وتتميز بالسكون والهدوء والقدرة على تلقين العقل اللا وعى بالأفكار والصور الذهنية ، للتخلص من الإحباط والإكتئاب والتوتر، والابتعاد عن العادات السلبية المزمنة كالتدخين والإدمان.
ويرجع التنويم بالإيحاء إلى القدماء المصريين حيث عُثر على مخطوطات لمراحل التنويم ونقش أثرى يُظهر شيرون الطبيب أثناء ممارسة التنويم على أحد تلاميذه ويرجع النقش الفرعونى للقرن التاسع قبل الميلاد، كما استخدم الهنود التنويم وامتزج لديهم بالطقوس العلاجية والدينية، ثم ازدهر بأوروبا فى القرن الثامن عشر حين فشل الطب فى مواجهة أمراض العصر، وذلك قبل انتشار الدجل والشعوذة والتخاريف والتى كان لها بالغ الأثر فى تراجع هذا العلم.
والتنويم بالإيحاء ما هو إلا مزيج من الاسترخاء وتركيز الفكر، وتحدث ابن سينا عن تركيز الفكر قائلاً “إن قوة الفكر قادرة على إحداث المرض والشفاء منه، وأن للفكر قوة مؤثرة ليس على جسم الفرد نفسه بل على أجسام الأخرين وأحياناً يحدث ذلك عن بعد”، وفى المثل الشعبى يقال “لا تسم بدنك” أى لا تعكر صفو حياتك فينعكس على صحتك الجسمانية، وقد تحدث ابن القيم ببلاغة رائعة عن التركيز الذهنى قائلاً “إن المؤمن المتفكر الذاكر يفتح له باب الإنس بالخلوة والوحدة فى الأماكن الخالية التى تهدأ فيها الأصوات والحركات فتجمع عليه قوى قلبه وإرادته وتسد عليه الأبواب التى تفرق همه وتشتت قلبه، ثم يفتح له باب حلاوة العبادة بحيث لا يكاد يشبع منها ويجد فيها من اللذة والراحة أضعاف ما كان يجده فى لذة اللهو واللعب، ونيل الشهوات، فإذا استولى عليه هذا الشاهد غطى عليه كثيراً من هموم الدنيا وما فيها، فهو فى وجود والناس فى وجود آخر”.
وقد انتشرت العديد من الأحكام الخاطئة على التنويم بالإيحاء تارة بأنه سحر أو كطريقة لسلب الإرادة، وقد حرمه البعض دينياً دون سند، وهناك من أنكر وجوده متحدثاً عنه كنوع من الشعوذة والدجل.
ولتوضيح فكرة التنويم ما عليك سوى الرد على سؤال واحد “ألم يحدث لك أن نمت أمام شاشة التليفزيون؟؟” إذا كانت الإجابة بنعم فدعنى أوضح لك ما حدث:
هذه حالة من التنويم حيث اجتمع الاسترخاء والتركيز بالإضافة لإجتذاب العين للكهرومغناطيسية الصادرة عن التليفزيون فنتج عن ذلك دخولك فى حالة الألفا “إحدى مراحل النوم”، وإن حدث تغير لأحد المؤثرات الثلاث “الاسترخاء – والتركيز – الكهرومغناطيسية” ستجد نفسك مستيقظاً فجأة، كأن يغلق أحد التليفزيون أو ينتهى البرنامج أو تتغير وضعية جسمك فهنالك تجد نفسك وكأنك تفاجئت مستيقظاً، بل وستعجب بكونك تتأثر عكسياً بالمحتوى موضع التركيز كأن تبكى أو تضحك وأنت فى تلك الحالة “الألفا” وذلك ناتجاً عن تلقى العقل اللاواعى للمحتوى موضع التركيز الذهنى…. فماذا لو استطعنا تسخير تلك القدرة نحو أفكار وصور ذهنية إيجابية؟؟.
