عملية خلق بيئة حول أى نظام لعزله عما حوله، ليست سوى رد فعل لمحاولة أى نظام للإمساك بصورة منفردة بالحكم، وإبعاده لكل من يخالف أو يتعارض مع الرغبات والأهواء الشخصية لأفراد حزبه أو مع الأهداف الحزبية الخالصة، والتى لا تتبنى أهدافا وطنية بالمقام الأول.
وأى نظام يستشعر أن هناك بيئة عازلة حوله، لابد أن يغير من سياساته التى أدت به لتلك العزلة... وبشكل عام ... فإن الفجوة والعزلة حول أى نظام سوف تزداد، إذا لم يتخذ خطوات جادة لتقديم مصالح الوطن على المصالح الحزبية... والبعد عن محاولات الانفراد بمقاليد الحكم... وإشراك الجميع فى الإصلاح وتحمل المسئولية بصورة فعلية وليس بصورة تصويرية.
والشعب الذى ينتخب فرداً من أفراده لرئاسة الدولة بعد تعهده لهم علانية بوثائق معلنة تؤكد لهم مشاركتهم فى النظام الجديد، لابد أن يجد أفراده القدر الكافى المتاح من تلك المشاركة... أما أن يتخلى ذلك الفرد (بعد نجاحه فى انتخابات نتيجة لموقفهم المؤيد له فقط بسبب تلك التعهدات) عن تنفيذ تلك التعهدات بالإضافة لسعى المنظومة الحزبية التى ينتمى إليها الرئيس المنتخب السيطرة على مقاليد أمور الدولة... كل ذلك كاف لخلق بيئة معارضة للنظام ... فإذا استجاب النظام لتلك المعارضة... ووفى بتعهداته لهم ... سينجح فى تحويل الكثير من المعارضين (الذين شاركوا فى انتخابه) لشركاء ... أما إذا تم إهمال تلك المعارضة ولم يٌستجاب لها... وشعر المعارضون أن معارضتهم مهملة وأنه لا قيمة لمعارضتهم... فستستمر تلك المعارضة وستستقطب إليها كل من كان رافضاً للرئيس الجديد بالانتخابات ... ومع استمرار إهمال تلك المعارضة وعدم أخذها بالاعتبار... ستأخذ هذه المعارضة صوراً أخرى وتنتج كيانات جديدة رافضة للنظام الناشىء بمجمله ... مما سيؤدى بصورة حتمية لعزله عمن حوله والسعى لإسقاطه.
الخلاصة... استمرار المعارضة الشعبية لفترات طويلة مع إهمال النظام لها يؤدى إلى قبول الشعب لسياسة إسقاط النظام بالقوة... ولا ولن يستطيع أى نظام الوقوف أمام إرادة شعبية تريد إسقاطه سلميا أو بالقوة ... وقد تعلم الشعب الدرس من النظام السابق... "إذا أهمل النظام المعارضة السلمية فليسقط النظام بالقوة"... ولا يوجد مفر لأى نظام يريد أن يستمر بنجاح سوى أخذ المعارضة بعين الاعتبار وأن تكون آراء المعارضين من المرجعيات الأساسية لتعديل سياسات النظام الحالية والمستقبلية من أجل مصالح الوطن.
محمد عبد الرحمن مرعى يكتب: إهمال النظام للمعارضة السلمية يسقطه بالقوة
الأحد، 31 مارس 2013 08:37 م