أشجب بشدة تركيز البعض على «صوابع» السيد الرئيس، خاصة أصبع السبابة، مع إهمال حركة باقى الصوابع، فالرئيس حر تماماً فى استخدام صوابعه، وذلك جزء لا يتجزأ من صلاحياته الدستورية وفقاً للدستور الجديد الذى لم يأت به الأوائل.. وترتبط حركة «الصوباع» فى الفولكلور المصرى بإشارات عديدة، بعضها إيحاءات لا محل لها فى هذا المقام، ولكنها فى مقامات القيادة والسيطرة تحمل العديد من الدلالات التى ينبغى أن يجتهد فيها التحليل السياسى، فهناك علامة النصر باستخدام «صوباعين» على شكل الحرف «V» فى لغات العجم والكفرة، وهناك حركة الإبهام لأعلى للإشارة بالاستحسان، ولأسفل للإشارة إلى الاستهجان، ثم إن حركة الصوابع بشكل عام هى اللغة المعتمدة للصم والبكم. وحين تتعطل لغة الكلام على رأى العلامة المطرب عبدالوهاب، فلا يبقى أمام المسؤول، أى مسؤول سوى استخدام لغة الصوابع، ولا يزال التاريخ السياسى يتذكر صوباع نيرون الذى أشار به إلى روما قبل أن يتفضل بإحراقها وهو يداعب بصوابعه القيثار متغنياً بأشعار هوميروس التى يصف فيها حريق طروادة، كما لا ينسى أحد الخطابات الحماسية لخالد الذكر أدولف بن هتلر وهو يهز سبابته بانفعال مهدداً ومتوعداً بحرق الأخضر واليابس، بينما الجماهير المتحمسة ترفع يدها مشيرة بكل صوابعها بتحية النازية الشهيرة وهى تصرخ بهستيريا «يحيا هتلر»، بل يكفى هنا أن نشير إلى أن آخر ما يفعله الإنسان المؤمن حين يشعر بدنو الأجل هو أن يرفع صوباع التوحيد وهو يردد الشهادتين.
ولا شك أن حركة الصوابع هى علم وفن لا يعرفه سوى من أنعم الله عليه بنعمة السلطة، خاصة إذا شعر بالغيظ من رعيته ووجد أنهم لا يستحقون سوى الإشارة بأطراف أصابعه كى يخروا أمامه ساجدين خوفاً وهلعاً، ومن يتأمل ملياً فى أجساد الفراعنة المحنطة فى المتاحف، سيجد أن الأصابع نحيفة ممددة وكأنها لا تزال تشير بقوة إلى سحرة فرعون كى يلعبوا دورهم المرسوم، ثم إن هذا العلم يتجاوز أصحاب السلطة والسلطنة إلى إطار الحياة الزوجية حين لا يبقى للزوج بعد طول عمر ومعاشرة إلا صوابعه ينهى بها ويأمر زوجته وجاريته كى تنفذ تعليماته السنية، بينما ينشغل سعادته بأموره الهامة مثل قرقضة أظافره وقراءة البخت.
لم تفهم المعارضة المصرية حتى الآن لغة الصوابع، لذلك هى عاجزة عن فك شفرة إشارات الرئيس، ومن المحزن أن بعضهم يستخدم أيضاً صوابعه، ولكن دون دراية فيتسبب فى تخريب الوطن وتهديد الأمن القومى وطبقة الأوزون، وأولئك يستحقون بلا أى شك قطع أصابعهم كما أشار السيد الرئيس، ولا بد لهذه المعارضة الطائشة أن تبذل بعض الجهد فى التدريب على علم الصوابع، أو أن ترسل بعض كوادرها فى بعثات دراسة فى دار الحرب لدى الفرنجة كى يتزودوا بهذا العلم الفريد، خاصة أن شباب الأحزاب المعارضة يستخدم صوابعه فى إشارات غير لائقة تهدد السلم الاجتماعى.. وربما قال قائل إن أقطاب المعارضة مثل الدكتور البرادعى يستخدم صوباعه أيضاً دون أن يعلق أحد على ذلك، ولا شك أن هذا هو الدور المنحرف الذى تلعبه صوابع الإعلام التى تستحق قطعها، لأن صوباع البرادعى صوباع دولى تم تمويله من مكافأة جائزة نوبل، وإذا كانت وكالة الطاقة النووية هامة، فإن وكالة «ناسا» لا تقل أهمية، مع ملاحظة أن الصاروخ يشبه الصوباع شكلاً، كما أنه موضوعاً يتفق كثيراً مع الوظائف المرعية للحركة الصوباعية، خاصة حين يخترق الغلاف الجوى وتنعدم الجاذبية ويصبح الإنسان أهون وزناً من الورقة، ختاماً نأمل أن يكون التحليل السياسى عاليه مجرد طرق على باب «علم الصوابع» بما يدعو أبناء وادى النيل أحفاد الفراعنة كى يتعمقوا فى بحثه ودراسته، وبذلك تدخل مصر عصر النهضة ولو على أطراف صوابعها، حمى الله كل صوباع بناء، وقطع دابر الصوابع المعارضة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
صلاح العربي
شكراً لليوم السابع
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عبد الله
لا أحد يتعلم من دروس الماضي