العيش بكرامة أحد أهم أهداف ثورتنا السلمية فى 25 يناير. لا يمكن أن يكون لأى مصرى كرامة إلا إذا حافظنا على كرامة مصر التى نعيش فيها وتعيش فينا. كرامة مصر هى اللبنة الأولى فى كرامة المصريين. كرامة مصر هى كرامة المصريين بل هى كرامة واحدة لا تتجزأ. الكرامة الوطنية هى أرقى أنواع الكرامة التى نبحث عنها جميعا.
على مر العصور دفع الأجداد الغالى والنفيس والعرق والدماء فى سبيل الحفاظ على الكرامة الوطنية أى كرامة مصر، وكلنا نردد مقولة مصطفى كامل "لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصريا" لأننا نعيض هذه الكرامة ونحس بها وتجرى فى دمائنا.
لا يمكننا الحفاظ على كرامة الوطن وكرامتنا نحن المصريين إلا بالعمل من أجل مصلحة مصر العليا التى تعلو فوق مصلحة أى فصيل أو حزب أو تيار أو جماعة. الحفاظ على كرامة الوطن لا معنى لها بدون الحفاظ على كرامة الرموز سواء كانت دينية أو تاريخية.
قامت ثورة 25 يناير لاسترداد كرامة مصر التى ضيعها بعض المصريين من أقطاب النظام السابق عندما زوروا الإرادة ونهبوا الأرض والأموال وانبطحوا أمام الأعداء وعلى أيديهم ضاعت قوة مصر الناعمة بين الأشقاء والأصدقاء.
عندما هب الشعب وانتزع حريته وكرامته بالنضال السلمى اللاعنفى ونجح فى ذلك ومارس حقوقه الديمقراطية فى اختيار حكامه وممثليه وبدأت مصر فى استرداد كرامتها الوطنية واعترف العالم بحقوق المصريين، بدأنا نشعر بمعنى الكرامة وارتفعت رؤوسنا وهاماتنا إلى عنان السماء.
بالرغم من نجاح ثورتنا وتقدم شعبنا المصرى على طريق الحرية والديموقراطية إلا أن البعض منا مازال لا يفهم معنى الحرية والديمقراطية وأصول اللعبة السياسية على أنغام هذه الديمقراطية. لازال البعض منا لا يفهم معنى الدولة المدنية أو معنى السلمية أو معنى الصراع السلمى على السلطة.
مازال البعض منا لا يؤمن إلا بإقصاء الآخر حتى لو كلفنا ذلك ضياع مصالح الوطن وكرامته. مازال البعض لا يعرف طريقا للتغيير إلا بالفوضى أو العنف حتى لو اتخذ أشكالا إجرامية.
مازال البعض يحمل فى نفسه معاناة الإحساس بالفشل السياسى بالرغم من فرحة الشعب بالحالة الجديدة التى أنتجتها ثورة 25 يناير لأول مرة فى مصر. مازال البعض يعانى من حالة ما بعد الفشل عندما لم يصل إلى عقل ووجدان شعب مصر الذى هو صاحب الحق الأصيل فى تحديد الهوية واختيار من يحكمه أو يمثله.
بكل أسف هذا الفشل السياسى دفع البعض منا إلى اللجوء إلى أعمال فوضوية وأحيانا إجرامية ولا اسم لها غير ذلك سواء كانت على أيدى بلطجية أو ما يسمون أنفسهم ثورجية. أعمال تخالف المنطق والفطرة التى فطر الله عليها المصريين.
فطرة المصريين وكرامتهم هى حماية النفس والممتلكات والأعراض ضد أى معتد أثيم سواء كان مخربا من داخل الوطن أو غازيا من خارجه. فطرة المصريين التى دفعتهم للخروج بالملايين لخلع نظام الظلم والاستعباد. فطرة المصريين الذين خرجوا بالملايين لاختيار رئيسهم والموافقة على دستورهم فى سلمية تامة وطوابير حضارية أبهرت العالم. فطرة وكرامة المصريين هى فى النضال السلمى والحضارى وليست بارتكاب الجرائم وتكوين كتائب للمشاغبين والمخربين والملثمين والمسلحين بالسكاكين والسيوف والشوم والمولوتوف.
فطرة المصريين وكرامتهم ليست فى التخريب وإشعال الحرائق والاعتداء على الممتلكات سواء كانت عامة أو خاصة. فطرة المصريين وكرامتهم لا يمكن أن تكون بتعطيل المصالح والتوقف عن العمل وقطع الطرق وتعطيل المواصلات. فطرة المصريين وكرامتهم لا يمكن أن تكون فى صناعة الأزمات ونشر الإشاعات والأكاذيب.
فطرة المصريين وكرمتهم لا تسمح بالسب والشتائم والفرح فى المصائب والشماتة فى كل ما يواجه الحكومة من كوارث ومصائب لا ذنب لها فيها. فطرة وكرامة المصريين ليست فى افتعال الأزمات والمشاجرات وإهدار الدماء ثم نسرع ونحمل المسئولين المسئولية.
فطرة وكرامة المصريين لا يمكن أن تكون فى الفوضى والمعارك المصطنعة ومحاولات إظهار فشل الدولة وعجزها واستغلال أجواء الحرية الجديدة.
فطرة وكرامة المصريين هى فى احترام إرادة شعب مصر وإجبار العالم على احترام هذه الإرادة الشعبية الحرة.
تعلمنا من التاريخ أن البقاء للأصلح فى المجتمعات البشرية وأن البقاء للأقوى فى الغابات. علمنا التاريخ الإنسانى أن النصر دائما بجانب الشعب الذى لا يؤمن إلا بالسلمية والحرية والديمقراطية.
عاشت مصر بلادى حرة وديمقراطية وعاش الشعب على الفطرة السليمة والكرامة الإنسانية.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة