"كان الظن أن الثورات العربية سوف تفتح الباب أمام مجتمعاتها لدخول عصر الحداثة العقلية والسياسية والاجتماعية، لكنه يبدو وكأن العرب – وكعهدهم فى التفرد دوماً – قد أرادوا لثورتهم أن تكون سبيلهم إلى النكوص إلى العصور الوسطى".
بهذه العبارة، بدأ الدكتور على مبروك، أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة، عرض بحثه عن "العنف فى الخطاب الدينى" والذى شارك به فى اليوم البحثى الذى نظمه مركز "دال" للأبحاث والإنتاج الإعلامى يوم الخميس الماضى، تحت عنوان "يحدث فى مصر الآن".
وأرجع الدكتور "على مبروك" رأيه إلى أن العرب جعلوا ثورتهم هى وسيلتهم فى تديين السياسة، ودعا إلى أهمية تحرير السياسة من التفكير فيها بالدين.
وأوضح الدكتور "مبروك" أن حالة العنف السائدة فى مصر الآن، تشمل كل القوى الإسلامية وغير الإسلامية، إلا أن العنف أوضح فى المعسكر القوى الإسلامية لطبيعة الفكر الدينى الذى يعتمد على المطلقات.
ورفض، التفريق بين قوى إسلامية تقدمية، وقوى إسلامية رجعية.. وقال، إن الإخوان لا يملكون التبرؤ من أحداث عنف مسئول عنها قوى إسلامية أخرى، بحجة أن الأدبيات أو الفكر الإخوانى لا يقر العنف، وذلك لأنهم جميعاً ينطلقون من العمل من تحت مظلة واحدة.
وانتقد أستاذ الفلسفة، المنطلقات التى تتبناها كل الاتجاهات فى البحث عن حل للأزمة السياسية، فبينما يرى أصحاب الاتجاهات الإسلامية، أنه لا صلاح لحال الأمة إلا بالأخذ بصلاح أولها، فإن المعسكر الآخر يؤمن بأنه لا صلاح لحال الأمة إلا بالأخذ بصلاح غيرها.
الدكتور سامح مهدى، أستاذ الاقتصاد، أكد فى بحثه "تحليل الموقف الاقتصادى فى ضوء توجهات الدولة" على عدم وجود ما يسمى بالاقتصاد الإسلامى، وأن ما أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم هو إقرار لبعض القواعد المنظمة للمعاملات الاقتصادية، وفى عهد الخلفاء الراشدين لم يثبت أن أحداً منهم اعتمد على أى مشروعات تنموية ولا حتى تجارية، وأن تمويل بيت المال كان يعتمد على مصادر مثل الزكاة والخراج وغيرها.
ووصف الوضع الاقتصادى فى مصر، بأنه اقتصاد ظل يعتمد على الأنشطة غير المشروعة مثل تجارة السلاح وغيرها.. وقال، إن اقتصاد الظل سائد فى بعض الدول مثل الهند إلا أن الوضع هناك يختلف حيث تعتمد الحكومة الهندية على مشروعات تنموية وصناعية كبرى تقلل من آثار انتشار أنشطة الظل.
ونفى، وجود ما يسمى بالاقتصاد الإخوانى، ووصف ما يحدث بأنه استبدال أشخاص مكان أشخاص وضرب مثلاً باستبدال أحمد عز من النظام السابق بـ"خيرت الشاطر" فى النظام الحالى، وأوضح أن النظرة المقارنة قد تشير إلى أفضلية أحمد عز باعتباره مستثمرا عن الشاطر وحسن مالك الذى يتوقف دورهم عند التجارة دون الاستثمار الإنتاجى.
وقال، إن هؤلاء التجار الذين يحكمون مصر، يستترون بالتمسك بالسلف الصالح، وأشار إلى أن الدولة تجرى وراء مشروعات قروض دون وجود مستثمرين، وحذر الدكتور سامح من فكرة الصكوك الإسلامية، وقال إنها تتشابه مع فكرة أسهم قناة السويس، وأنه ليس هناك أى ضمانات لوقف بيع هذه الصكوك لأى مستثمر أجنبى بما فى ذلك إسرائيل.
وفى بحث عنوانه "العنف السياسى والاجتماعى فى مصر بعد ثورة يناير"، أعده الدكتور عمار على حسن، وعرضه الباحث عصام فوزى مدير مركز "دال للأبحاث" لغياب الدكتور عمار بسبب مرضه، أكد على توافر البيئة المناسبة للتنظيمات التكفيرية فى ضوء عدة معطيات أهمها:
- انتشار شعارات وهتافات وآراء السلفية الجهادية المقتربة من تنظيم "القاعدة"، وظهور أصحابها فى كل وسائل الإعلام وانتشارهم فى كل مكان ورفضهم للمسار السياسى برمته من منطلق الاعتقاد بأن الديمقراطية عملية تكفيرية وكل ما ينتج عنها من مؤسسات وقرارات وتشريعات مخالف للشريعة.
- إصدار محمد مرسى قراره بالعفو عن البعض من هؤلاء وخروجهم من السجون وانضمام بعضهم إلى الإرهابيين فى سيناء.
- إطلاق الإخوان أحيانا تهديدات باستخدام أصحاب آراء السلفية الجهادية كعصا غليظة ضد منافسيهم السياسيين أو استخدام هذه التهديدات، أو باستعمالهم فزاعة للخارج، طمعاً فى دعمه ومناصرته للجماعة فى مواجهة هذه التنظيمات.
- أن كل هذه التنظيمات خرجت تاريخيا من عباءة الإخوان.
- أن مراهنات السلطة على بعض فصائل السلفية الجهادية تعد مقامرة ثمنها فادح على أمن مصر ومستقبلها لأنها ستفتح بابا، لا قبل لنا به، للتدخل الخارجى فى شئون مصر.
وطرح الدكتور عماد أبو غازى، وزير الثقافة الأسبق، تساؤلات من خلال بحثه "المشهد الثقافى فى مصر الآن"، وانتهى إلى أن هناك تهديدا حقيقيا يواجه الإبداع والمبدعين من قبل جماعات الإسلام السياسى المختلفة خاصة بعد أن سيطرت هذه القوى على السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، كما أن هناك تهديداً واضحاً لحرية الرأى والتعبير وحرية الإعلام، وهذا التهديد نتاج تخطيط واضح من الجماعات التى تسعى الآن للسيطرة على مقدرات البلاد والتى لن يتحقق لها التمكين دون أن تخرص كل الأصوات المعارضة وتكمم الأفواه.
باحثون يحذرون من انهيارات اقتصادية وثقافية ومجتمعية.. أبو غازى: "تهديد حقيقى يواجه المبدعين من قبل جماعات الإسلام السياسى".. عمار على حسن: "الإخوان يستخدمون السلفية الجهادية لابتزاز دعم الخارج "
الجمعة، 29 مارس 2013 08:38 م