أحمد الغـر يكتب: نظرية أعواد الثقاب!

الجمعة، 29 مارس 2013 08:30 ص
أحمد الغـر يكتب: نظرية أعواد الثقاب! أعواد الثقاب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى عام 1826، كان الصيدلى جون واكر يجرى إحدى التجارب فى المعمل عندما خلط نسبة من كلوريد البوتاسيوم وكبريتيد الأنتيمون وقام بتقليبهما باستخدام عود من الخشب، وبعد فترة قليلة التصق الخليط بالعود الخشبى المستخدم فى التقليب، وحاول واكر أن يفصل الخليط عن العود بحكه فى حجر صخرى فوجد أن هناك شرارات تصدر نتيجة الاحتكاك فخرج للدنيا باختراع جديد اسمه "أعواد الثقاب"، لكن إذا كان اختراع الثقاب قد تم بالصدفة.. فإن من استخدموه فيما بعد لم يكن من قبيل الصدفة، بل بوعى وإدراك تام.
وقد أشعل بعضنا خلال حياته الآلاف من تلك الأعواد، وقبل اختراع القداحات "الولاعات".. خاصة من يدخنون السجاير، وأتمنى أن يعرفوا ان التدخين حرام شرعا "كما ورد فى فتوى لدار الافتاء المصرية"، وقبل أن تغزو الصين بلادنا بأشكال غريبة وعجيبة من تلك القداحات ذات الاحجام والالوان المختلفة، بعود ثقاب واحد يمكنك أن تحرق منزلا أو شركة أو مصنعا.. بل وطنا بأكمله، عمليا الحرق يحدث بسبب النار التى يولدها الثقاب، لكن فى الواقع أن البغض والحقد والكراهية والعنف الذى يحمله مشعل عود الثقاب هو ما يسبب الحريق الأكبر والأشمل.
وللثقاب بعد حرقه.. وجهٌ آخر حسن، هناك فن.. يطلق عليه "فن أعواد الثقاب"، حيث يرى الفنان الحياة فى احتراق الأعواد، وأحد فنانى هذا النوع من الفن هو الفنان ستانسلاف اريستوف.. وهو روسى الجنسية والتقط الكثير من لقطات احتراق أعواد الثقاب ولحظات انطفائها، ويفسر نظريته فى ان الاعواد المحترقه تمثل الحياة ذاتها حيث يرى أن الاحتراق يمثل الماضى والدخان المتصاعد منه يمثل الذكريات والجزء المتبقى من العود هو المستقبل أما النار فهى الحياة، وإن كنت أنا شخصيا أعترض على الجزء الأخير من تفسيره هذا.. بأن النار هى الحياة، صحيح أنها مهمة فى حياة الإنسان، وأن اكتشاف الإنسان لها فى البداية كانت أمراً هاما ونقلة كبيرة فى تاريخ البشرية، لكنها ليست الحياة !
إن أسوأ ما قد يحدث فى أى وطن أن تجد بعضا ممن يصفون أنفسهم بالنخبة وقد أصابهم الخرس على ما يحدث من حرق أو تخريب لمقدرات الأوطان، صمتهم حفاظا على شعبية صنعتها الصدفة أو الظروف لن يمنع النيران أن تلتهمهم لاحقا، خلال الحرب العالمية الثانيةعندما كان يتعين على الحلفاء قتال اليابانيين فى مناطق تتميز بالأمطار الموسمية الشديدة، اقتضت الضرورة صناعة عود ثقاب مقاوم للماء. فى عام 1943م، تمكّن ريموند دى كادى من اختراع تركيبة كيميائية تحمى عود الثقاب الخشبى إلى حد أنه أمكن إشعاله بعد بقائه 8 ساعات تحت الماء، حيث يطلى هذا الثقاب المقاوم للماء بمادة مقاومة للماء والحرارة، ولكن هذه المادة لا تمنع توليد احتكاك كاف لإشعال الثقاب، لكن الثقاب الذى يحرق وإن طالت مدة بقائه مشتعلاً.. فلابد له من نهاية يموت بها منطفأة ناره.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة