فى ظل هذا الظلام الدامس، وفى أتون الحرب الشرسة التى أعلنتها الثورة المضادة، وفى ظل انجراف كثير من أبناء الثورة المصرية إلى تنفيذ كل مخططاتها بأيديهم، وبمحض إرادتهم غير أن عقولاً قد سلبت منهم، وفى ظل بحور الدم التى أمسينا وأصبحنا نسبح فى أعماقها، تجرفنا أمواجها إلى مستقبل مجهول، كان لزاماً أن نقتفى آثار وميض شعاعٍ لأمل قد يبعث فى النفوس شهيقاً تتنفس منه وبه رئة الثورة، فتعيد الحياة إلى الثوار والأمل إلى شعب مناضل، طال صبره حتى فقد مبتغاه فى أبناء ضلوا الطريق لتحقيق منتهاه.
تلقفت القلوب المصرية مبادرة حملتها عقول بعض أبنائها فى بداية الثورة المصرية، بفتح حساب لتلقى أموال وتبرعات يمكن أن تساهم فى سداد بعض من النفقات، أو أن تخفف من عبء وعناء الدولة المصرية بفتح حساب، حمل أفضل ذكرى بتاريخ الثورة المصرية، وهو (25/1/2011)، غير أن تلك المحاولة كانت مصيرها طى النسيان.
وحقيقة الأمر أن تلك المحاولة أُقتبست من المملكة العربية السعودية التى أطلقت مبادرة أشارت إليها العربية نت، بفتح حساباً لمن يريد أن يتوب عن جرم اقترفه، أو مال اكتسبه عن غير ذى حق بأن يودع تلك الأموال فى ذلك الحساب دون الوقوع تحت طائلة القانون بدون الكشف عن هويته، ويكفيه ما فعل ويكفيه التوبة وإبراء الذمة إلى الله.
حظيت المبادرة بنجاح باهر، حيث أشارت التقارير إلى إيداع 22.513 تائب سعودى، لما يقرب من 219.141 مليون ريال سعودى فى حساب أطلق عليه حساب صحوة الضمير.
وأشارت صحيفة "عكاظ" السعودية، إلى أن أقل مبلغ تم إيداعه 0.01 هللة، وأكبر مبلغ تم إيداعه 20 مليون ريال، وهو ما يعكس حجم وتنوع المشاركات من مختلف المستويات، وهو ما يعد دليلاً على نجاح التجربة نجاحاً كاملاً.
ومما زاد من التجربة نجاحاً هو تخصيص الدخل لتقديم قروض من دون فائدة للمنشآت الصغيرة والناشئة ولأصحاب الحرف والمهن من المواطنين والمواطنات، تشجيعاً لهم على مزاولة الأعمال والمهن بأنفسهم ولحسابهم الخاص، كما شمل تقديم قروض اجتماعية من دون فائدة، لذوى الدخل المحدود من المواطنين والمواطنات، لمساعدتهم على التغلب على صعوباتهم المالية، والقيام بدور المنسق لرعاية قطاعات المنشآت الصغيرة والناشئة، والعمل على تشجيع التوفير والادخار للأفراد والمؤسسات، وإيجاد الأدوات التى تحقق هذه الغاية.
إن تلك المبادرات هى الأساس الذى تبنى عليه المجتمعات والأوطان، فبصرف النظر عن صغر التجربة، أو حجمها فإنها توفر قدراً وأسساً لمشاركة مجتمعية، وتعاوناً وتكافلاً وتراحماً وتوحداً نرجوه ونتمناه فى أوساطنا.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة