لماذا دائماً مدينة الإنتاج الإعلامى؟

كنت أنتظر من الرئيس خطابًا به الحد الأدنى من الاحتواء للجميع، خاصة أنه اختتم خطابه بوصف ذاته على أنه رئيس لكل المصريين، وذلك فى مؤتمر المرأة الذى ترأسه منذ أيام قليلة، ولكن، على العكس تماماً، كان الخطاب مليئًا بالتهديد والوعيد لمعارضيه، وما لفت نظرى فى كلمته هو إلقاء اللوم على الإعلام، مما أعطى غطاء سياسياً للبعض أن يذهب ويحاصر مدينة الإنتاج الإعلامى. ودلالة حصار الإنتاج الإعلامى واضحة وهى تعبر عن قوة الإعلام المصرى المستقل الذى لم يستطع النظام ترويضه حتى الآن، ويبدو أن الصحافة المستقلة سواء المكتوبة أو المسموعة قد أصبحت قلب المعارضة الحقيقى الذى قد يؤثر على قطاعات كبيرة من المجتمع المصرى ويجعلها تفهم وترى الصورة كاملة، ويبدو أن الأحزاب والحركات المعارضة وجدت فى الإعلام المستقل سبيلاً للوصول إلى الناس بشكل أسرع من الطرق التقليدية التى تمارسها هذه الأحزاب، ومن هنا نفسر صب غضب النظام وأتباعه على رموز الإعلام المستقل ومحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى، هناك من الإعلاميين شخصيات لها وزن يفوق حزبًا كبيراً كاملاً ومنهم من يستطيع الوصول لطبقات فى المجتمع تعجز النخبة عن الوصول إليها وآخرون لكلماتهم وزن كبير قد يفتح آفاقاً جديدة ويحرك وجدان الطبقة المتوسطة المتعلمة التى تطوق إلى رؤية مصر دولة حرة حديثة. لاشك أن النظام الحاكم مازال لا يرى إلا ما يريد أن يراه ولا يستمع إلا إلى من يقول له ما يحب أن يسمعه، وهنا لابد أن نتذكر معاً ما قاله الرئيس المخلوع عندما كانت الغالبية العظمى من المصريين ضد التوريث وغير مقتنعة بنتيجة الانتخابات البرلمانية فى 2010 وكانت تقارير الأجهزة السيادية تشير إلى غليان فى المجتمع ومع ذلك قال مبارك «خليهم يتسلوا» وفعلاً قام الشعب المصرى واتسلى عليه وخلعه هو ووزير داخليته الذى كان يقمع ويعتقل التيار الحاكم حالياً، وهنا يجب أن نتذكر أن هذا الشعب هو من أتى بحكامنا الحاليين من المعتقلات إلى سدة الحكم، ونفس الشعب الآن يبدو أن مزاجه العام قد دب فيه اليأس والسخط والشعور بالإحباط، ألا يذكرنا هذا برائحة عام 2010.