قال المهندس عبد الله غراب الوزير السابق للبترول إن الحكومات السابقة فى عهد النظام الماضى لم توضح الموقف الاقتصادى للشراكة مع المواطنين فى اتخاذ القرار،حيث كان الوضع فى مصر تحول الشعب إلى أنه يعمل عند الحكومة، التى صورت للشعب أنها "تصرف عليه"، رغم أنها فى الحقيقة خادمة له، وتدير أمواله.
وأشار غراب أن الحكومة تعمل فى أموال المواطن ولا تنفق عليه، ولابد أن يطلب المواطن هو نفسه برفع الدعم عن المنتجات البترولية والتى تلتهم كل الموازنة، وكانت السبب فى تأخرنا، والمستفيد الأول من دعم المنتجات البترولية هو الغنى، على حساب الفقير الذى تم إهمال تعليمة وصحته،مؤكدا على ضرورة توجيه موازنة دعم المنتجات البترولية على الإنفاق على التعليم والصحة وإنشاء أسطول نقل يليق بالمواطنين.
وقال غراب إن الشعب دائما يسأل أين تذهب الحكومة بأموال الضرائب والإيرادات المختلفة، ولا تنعكس على تحسين الخدمات والمواصلات، فى حين أن هذه الموارد تذهب إلى دعم البنزين والسولار والبوتاجاز، لذلك على الشعب الاختيار بين استمرار هذا الوضع أو مساعدة الحكومة فى تنفيذ برامج لترشيد الدعم وتوصيله لمستحقيه.
وضرب غراب مثلا بأزمة النقل العام قائلا: كيف يمكن للحكومة تطوير النقل العام وحل مشكلة الازدحام المرورى، بينما تدعم البنزين وحده بـ 20 مليار جنيه سنويا، بالإضافة إلى تسهيل وتشجيع النقل الفردى، بينما يتجه العالم كله إلى النقل الجماعى، حيث يمكن حل مشكلة النقل الجماعى من خلال توفير مبلغ من دعم البنزين على سبيل المثال، لتوفير وسائل نقل آدمية ومريحة، وبالتالى لا يحتاج المواطن إلى شراء سيارة أو استعمال سيارته طوال الوقت واستهلاك بنزين.
وقال غراب إن الحكومات قبل الثورة وصلت إلى مرحلة "إذلال" الشعب بالدعم، وتركت دورها الرئيسى فى توفير فرص حقيقية للعمل وخدمات جيدة تسهم فى عيش المواطن بشكل حر وكريم.
وأكد غراب أنه لا صحة لما يقال بأن مصر لم يعد لديها بترول، مؤكدا أن مصر لا تزال لديها ثروة بترولية وكل ما أنتجته خلال السنوات الماضية هو " البترول السهل الرخيص"، مشيرا إلى أن ما يقف أمام استغلال موارد مصر واستخراج البترول فى الطبقات العميقة من الصحراء والبحر المتوسط، هو الخوف من زيادة تكلفة ما سيتم إنتاجه عن السعر الحالى.
وأضاف غراب أن المشكلات القائمة حاليا مع الشركاء الأجانب بسبب عدم قدرة هيئة البترول على سداد مستحقاتهم نظرا لتراكم الديون عليها والقروض، نتيجة تمويلها لفارق السعر بين تكلفة الإنتاج والسعر المدعم للمنتجات البترولية.
ورفض غراب دخول القطاع الخاص فى استيراد الغاز، وتحديد سعره، لأن الاستيراد لابد أن يكون عن طريق هيئة البترول التى تقوم باستيراد المنتجات البترولية المختلفة مثل البنزين والسولار.
وقال غراب إن المواطن يرى أن وزارة البترول يتلخص دورها فى أنبوبة البوتاجاز والسولار فقط، بل على العكس الوزارة تعد أقوى القطاعات فى مصر وتعد من أقوى القطاعات الإنتاجية، حيث تبيع الطاقة بأسعار التكلفة الفعلية والتى تصل إلى 5 دولار للبرميل، وتستكمل باقى الاحتياجات عن طريق الاستيراد.
وأكد غراب أن حالة نقص السيولة التى تواجها قطاع البترول حاليا يرجع إلى عدم انتظام فى المعاملات المالية بين جهات الدولة المختلفة، ولو انتظمت تلك المعاملات سيكون قطاع البترول من أغنى القطاعات فى مصر.
وأشار غراب إلى أن السبب وراء أزمة السولار الحالية ترجع إلى ضرورة إعادة النظر فى منظومة البترول، حيث تتكون المنظومة من إنتاج محلى وتكرير وتخزين فى المستودعات وتوزيع فى المحطات إذا حدث خلل فى بندا منهم تفاقمت الأزمة خاصة وأن أى نقص يتسبب فى أحداث تدافع ونقص فى المحطات، لافتا إلى أن المشكلة ليست فى توافر البنزين أو السولار المشكلة هى عدم انتظام عمليات التوزيع، وأتحدى من يقول أن هناك أزمة سولار، حيث إن مصر تنتج 60% من الاحتياج وتستورد 40%، فإذا تأخرت مركب بكميات السولار مثل وهى تمثل 5% فيجب أن تكون الأزمة 5% وليست بنسبة 100%، فلا توجد أزمة والأزمة فى التوزيع.
وقال غراب إنه لابد أن يطلب المواطن من الحكومة رفع الدعم عن المنتجات البترولية وتوجيه الموازنة إلى الإنفاق على الصحة والتعليم والنقل، وأن يحاسب الحكومة إذا قامت بالتقصير.
وانتقد غراب تحديد سعر الإنتاج للمستثمرين وهو الأمر الذى يؤدى إلى تأخر العديد من المشروعات خاصة وأن بتحديد الأسعار يقلل من الجدوى الاقتصادية وينتج عنه توقف مشروعات كثيرة، لافتا إلى أن سعر الإنتاج فى مصر مهما ارتفع سيكون اقل بكثير عن أسعار الاستيراد، على سبيل المثال الحكومة تشترى وحدة المازوت بـ 17 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية، وترفض تحديد سعر وحدة الغاز بمشروع شمال إسكندرية بـ 4 دولارات للمليون وحدة حرارية، ويجد معارضة كبيرة فى تنفيذه فى الوقت الذى نقوم نحن حاليا بالاستيراد من الخارج وبالأسعار العالمية، وبالعملات الأجنبية التى تتراجع حاليا.
وقال غراب إن صناعة البترول صناعة عالمية متخصصة وتحتاج إلى شركاء أجانب حيث تفوق إمكانيتها كل الدول، ونحن نحتاج فى مصر مزيد من الشركاء الأجانب فى قطاع البترول للإنفاق على البحث والتنقيب عن البترول والغاز وألا سنواجه أزمة طاحنة فى الطاقة السنوات القادمة، حيث لا توجد دولة فى العالم تعمل فى قطاع البترول دون شريك حيث تصل تكلفة حفر البئر الواحد نحو 350 مليون دولار.
ورفض غراب الانتقادات الموجة إلى مشروع شمال الإسكندرية والتى أدت إلى توقف الإنتاج والذى كان مقرر له الإنتاج العام الحالى، لافتا إلى أن ذلك المشروع والذى يواجه انتقادات كبيرة لتحديد تكلفة الإنتاج بـ 4 دولار حاليا، أدت إلى تأخر إنتاجه كان سيوفر علينا الاستيراد من الخارج وبالأسعار العالمية وتوفير النقد الأجنبى.
وقال غراب إنه لابد أن يدرك المواطن أن الموازنة العامة هى ملكا له وتم تخصيصها من أمواله، والحكومة لا تجب عليه، وأن الحكومة اختارت فقط أن تنفق تلك الأموال على شراء المنتجات البترولية وتهمل باقى القطاعات الصحة والتعليم والنقل وغيرها من القطاعات الأخرى.
وشدد غراب على أهمية تطوير معامل التكرير فى مصر بما يؤدى إلى تحقيق المنافسة، مع تغير أساطيل النقل والتى تم إنشائها منذ إلـ60، ولم تجد الموارد اللازمة لعمليات التطوير، مضيفا أننا كنا قد بدأنا فى عمليات التطوير وقد طلبت ذلك من رئيس الوزراء لاعتماد خطة لتطوير معامل التكرير، وأساطيل النقل، منتقدا أن يكون 90% من محطات الوقود التى تمتلكها شركة مصر للبترول والتعاون يديرها القطاع الخاص من خلال متعهدين ووكلاء، كما أن البترول لا تمتلك حق الضبطية القضائية، ومراقبة محطات الوقود تقع تحت سيطرة التموين والمخالفات التموينية ليست مسئولية البترول.
ويرى غراب أن المحافظين لابد أن تكون مسئوليتهم الأساسية هو ضمان سلامة المنتجات البترولية وسلامة توزيعها، لافتا إلى أن أزمة السولار الأخيرة ليست أزمة أفراد ولكن الأزمة الحقيقية هى أزمة تسعير، حيث تحتاج المنظومة إلى تعديل وهى بداية الحل.
وانتقد غراب من يقول إن مصر بها أزمة طاقة، حيث إن أزمة الطاقة هى عدم قدرة الدولة على توفير المنتجات البترولية، ولكن رغم ما تعانيه الدولة حاليا من نقص فى السيولة الدورلارية إلا أن الحكومة تقوم بتوفير السيولة المالية المطلوبة للاستيراد بمعاناة شديدة جدا.
وشدد غراب على ضرورة وجود زيادة فى أسعار المنتجات البترولية، يقابلها تقديم خدمات للمواطنين، حيث أن دعم البنزين يخل فى دعم النقل العام، لافتا إلى أن الدولة تدعم السيارة الشخصية لأنه ليس لديها بديل، فى الوقت الذى لا يصدق فية أن لازالت لدينا مزلقانات لازالت تعلق بسلكه، خاصة وأن الحكومة ليس لديها ما يكفى من الموازنة لتطوير السكة الحديد، وهل يعقل أن المواطن يريد الحصول على بنزين رخيص دون تحسين الخدمات، وهل يعقل أن يكون 120 مليار جنية للدعم المنتجات البترولية والمرافق كلها فى خطر، ولابد من تغيير مفاهيم الناس.
وقال غراب إنه لابد أن تقوم الحكومة بإجراء حوار مع المواطنين لمعرفة أن دعم المنتجات البترولية يحجب فرص كبيرة مثل دعم التعليم والصحة والطاقة البديلة، ويجب أن تواجه الحكومة المواطن بان هناك سوق موازى ولابد من إنهائه على سبيل المثال، مهربى السولار والذين يحصلون على السولار المدعوم وبيعة، وسرقة فروق الأسعار التى هى من قوت الشعب، فأول بند يتم تغطيته من موازنة الدولة هى دعم المنتجات البترولية، والباقى يتم إنفاقه على الأكل والشرب والتعليم والصحة.
وحول التوقعات بأن مصر سوف تعيش هذا الصيف فى ظلام أكد غراب أن 60% من الاستهلاك هى للأغراض المنزلية، ولابد من ترشيد الاستهلاك.
وحول إحجام المستثمرين عن ضخ استثمارات جديدة قال غراب إن قطاع البترول هو قطاع إنتاجى بالدرجة الأولى ينتج ويبيع إنتاجه للدولة وقانون الهيئة هو أن فارق الأسعار عن التكلفة تدفعها الدولة للهيئة وهناك صعوبات مالية ونقص فى السيولة قد تؤثر على الفرص الاستثمارية نتيجة تأخر الهيئة فى دفع مستحقات الشريك، ولابد أن تحصل الهيئة على مستحقاتها من القطاعات المستهلكة، كما أن وزارة المالية لا تدعم البترول ولكن تدفع للهيئة من مستحقاتها لديها من فارق السعر والتكلفة .
وقال غراب إنه بديل الإنتاج هو الاستيراد بخمس أضعاف سعره المنتج محليا، وهو ما يتطلب تشجيع الاستثمار من خلال تقديم حوافز للمستثمرين.
وقال غراب انه مع الدعم لمستحقى الدعم، لافتا إلى أن المواطن خارج مصر لا يقبل الدعم، وأن سياسة الدعم كان الغرض منها السيطرة على المواطن من خلال المرتبات والأسعار، كما أن السيطرة على الأسعار حاليا مستحيلة.
وأكد غراب أن الطاقة الشمسية هى أمل مصر ومستقبلها، لافتا إلى أنه لا توجد دولة فى العالم تدعم البنزين، حيث يعد البنزين استهلاك شخصى، ولابد أن تدعم الدولة نقل جماعى حيث نحتاج 20 مليار جنيه لتطوير منظومة النقل الجماعى، حيث لدينا إهدار كبير فى مواردنا.
وشدد غراب على ضرورة أن تحصل الهيئة العامة للبترول على مستحقاتها من القطاعات الحكومية، حيث لابد أن تكون هيئة البترول هيئة قوية خاصة وأنها الشريك الوحيد لكبريات الشركات العالمية، وكما أنه لابد من إعادة النظر فى منظومة الدعم.
ودخل المهندس عبد الله غراب، وزير البترول والثروة المعدنية، السابق، حكومة الدكتور عصام شرف، فى شهر مارس من العام 2011، عقب الثورة، وذلك خلفا للمهندس محمود لطيف، الذى تولى الوزارة بعد الثورة مباشرة بدلاً من المهندس سامح فهمى، واستمر فى حكومة الدكتور الجنزورى حتى رحيلها.
وزير البترول السابق: حكومات قبل الثورة وصلت إلى مرحلة "إذلال" الشعب بالدعم
الأربعاء، 27 مارس 2013 02:09 ص
عبد الله غراب ومحرره اليوم السابع
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة