هو محمد يسرى سلامة، طبيب الأسنان، الذى ترك الطب ليعمل فى المخطوطات والتراث، بدأ الدكتور محمد يسرى حياته السياسية كمتحدث باسم حزب النور الذى نشأ بعد الثورة.
وما لبث أن اختلف سلامة مع حزب النور واكتشف أن تلك الأحزاب التى تصف نفسها بالأحزاب الإسلامية، إنما تنادى بإسلام ظاهرى يرتكز على بعض المظاهر الشكلية كالنقاب للنساء والجلباب القصير للرجال، فى الوقت الذى تتنكر فيه تلك الأحزاب للقصاص والحرية وحق الإنسان فى العيش الكريم.
لقد كره سلامة أن يختزل الإسلام فى بعض المظاهر الشكلية على حساب جوهر الإسلام وقيمه النبيلة أو أن يتخذ البعض الإسلام ستاراً يختبئون خلفه لتحقيق أهداف سياسية لا علاقة لها بالإسلام.
فكان قرار سلامة بمغادرة حزب النور والانضمام إلى الدكتور محمد البرادعى والدكتور أحمد حرارة أحد أبرز شباب الثورة، والدكتور محمد غنيم والأستاذ جورج إسحاق وغيرهم لتأسيس حزب الدستور.
لقد كان انضمام الدكتور سلامة (الملتحى) ابن الدعوة السلفية للدستور، صدمة كبيرة للمتاجرين بالإسلام والشعارات الدينية بعد أن وصفوا حزب الدستور بأنه حزب كافر يدعوا إلى الرذيلة.
واجه سلامة الكثير من الانتقادات واستقبل العديد من الرسائل مثل التى وجهها له وجدى غنيم، فقد قال غنيم خلال فيديو له، إن سلامة يقول إن حزب الدستور ليس ضد الإسلام، مؤكداً أن هذا تضليل للناس؛ لأنهم يرون سلامة بذقن وهم يثقون فيه بسبب ذقنه، ووجه كلامه إلى سلامة قائلاً: "يا أخ محمد اتقى الله، ربنا هيسألك فى الآخرة عن كل شىء بتعمله، فما بالك وأنت بتدعوا إلى حزب كافر".
وفى المقابل كان لسلامة تصريحات، قال فيها، إننا يمكننا أن نطلق على حزب "الدستور" اسم "حزب إسلامى"؛ لأن أهدافه ومقاصده تتفق مع أهداف ومقاصد الإسلام، فحزب "الدستور" يرفع شعار "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية.. مساواة..." وغيرها من الأمور التى تتفق مع مقاصد وأهداف الشريعة الإسلامية"، وأضاف سلامة: "من هذا المنظور يمكننا أن نرى أن حزب الدستور "حزب إسلامي".
هكذا رأى سلامة، أن الحزب الإسلامى هو الحزب الذى يعلى قيم الإسلام وتتفق مبادؤه مع المقاصد والأهداف الحقيقية للشريعة، لا من ينادى ببعض المظاهر الشكلية فقط.
وقال سلامة، أيضا فى أحد تغريداته على تويتر: "ابتعدوا بالدعوة عن السياسة، بكل الدعوات عن السياسة، أخرجوا رجالا يقودون الأمة ولكن لا تحرقوا الدعوة بنار السياسة".
هكذا علمنا سلامة أن الدين تسليم بالإيمان، وأن الرأى تسليم بالاختلاف، فمن جعل الدين رأياً فقد جعله محل اختلاف، ومن جعل الرأى ديناً قدّسه.
رحل سلامة بعد أن علمنا أن الإسلام ليس دين مظاهر، وإنما هو دين الحرية والعدل، دين الكرامة والمساواة.
رحم الله محمد يسرى سلامة وأسكنه فسيح جناته.
