ظهر جليا فى السنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق تجريف طبقات المجتمع وخلخلة منظومة القيم والأخلاقيات بسبب استشراء الفساد واتساع نطاقه.
فعندما أصبحت الرشوة والمحسوبية والتزوير هى الأصل فى المعاملات المالية وليس العكس، ظهرت الكثير من الفئات الطفيلية وارتفع شأن معدومى الضمير والمرتشين ولم تعد الرشوة واستغلال النفوذ عيب يخجل الناس منه أو جريمة يعاقب عليها القانون ما دامت للفساد سلطة ونفوذ تحميه وتدلس على المجتمع بل قد يزج بالشرفاء إلى السجون لأنهم ضعفاء بدلا من المذنبين الحقيقيين.
وزادت الفجوات بين طبقات المجتمع عندما تم إيقاع المشروعات الناجحة والمربحة فى القطاع العام من الداخل حتى تنهار ويسهل بيعها بأبخس الأثمان لكبار رجالات الدولة والمستثمرين الذين يدفعون ببذخ للمرتشين لشراء المصانع والشركات والأراضى بأبخس الأثمان فاجتمعت سياسات اقتصادية غير مدروسة مع إملاءات صندوق النقد الدولى يعاونها فساد إدارى مستشرى لتجهز على الصناعة والعمال فى مصر.
كل ذلك غير منظومة القيم وأفسد الذمم ونشر الفساد والانحرافات الأخلاقية ورفع معدلات الإدمان، بشكل لافت فى السنوات الأخيرة من الحكم.
ظهرت الفروق الطبقية بين أفراد المجتمع بوضوح مع انسحاب الطبقة المتوسطة شيئا فشيئا من المشهد فعادة ما تكون تلك الطبقة من المتعلمين والمثقفين رمانة الميزان فى تماسك المجتمعات، لكن مع إهمال التعليم وتدنى الرواتب انضمت الطبقة المتوسطة للطبقات الفقيرة والمعدمة، ولم يعد التعليم أو الوظيفة الحكومية ميزة اجتماعية بل علامة على الفقر وضيق ذات اليد.
ومع هبوط الطبقة المتوسطة تدهورت أوضاع الطبقة الفقيرة ووصلت لحالة متردية وطفت على السطح ظواهر غريبة عن المجتمع مع تفاقم أحوال المهمشين والمعدمين وسكان العشوائيات والمتسربين من التعليم وانفجرت قنبلة أطفال الشوارع فى وجه المجتمع لتعرى قسوته وفجاجته وتظهر بؤس هؤلاء المنسيين، بعدما انتشر هؤلاء الأطفال بلا مأوى فى كل مكان حتى فى الأحياء الراقية فى زمن غاب فيه دور الدولة والأسرة والمجتمع وأصبحت ظاهرة أطفال الشوارع فى ازدياد مطرد، واستيقظ المجتمع على بشر جعلتهم مرارة الأيام وقسوة الظروف يتجردون من المعانى الإنسانية ويصبحون سيفا مسلطا على رقاب أفراد هذا المجتمع الذى لم ينظر يوما لهم سوى عندما فزع على همجية ووحشية وانتهازية الجوع والجهل والحاجة التى تربى عليها هؤلاء.
وأصبح مثلث الرعب، الفقر والجهل والمرض يزحف على حياة الناس رويدا رويدا، يخنق أحلامهم ويشل حاضرهم ويهدم مستقبلهم بلا هواده وينذر بموت بطىء لكافة أشكال الحضارة الإنسانية، وللحديث بقية إن شاء الله.
غادة عطا تكتب: الثورة ما بين حلم التغيير وظلال المؤامرة(2)
الأربعاء، 27 مارس 2013 12:09 ص
صوره - ارشيفيه
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
شمس
جيد
عدد الردود 0
بواسطة:
نادية
طبقات المجتمع
عدد الردود 0
بواسطة:
طارق
تمام
عدد الردود 0
بواسطة:
Ali
رائع