أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد جاد الله

على "حِجر" بنى إسرائيل

الأربعاء، 27 مارس 2013 11:44 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عاصرنا أثناء أحداث الثورة اقتحام المتحف المصرى، وما ترتب على ذلك من سرقة وتهشيم قطع منتقاة بعناية الخبير، تلا ذلك استمرار التهاون الأمنى المخل فى حماية المواقع الأثرية بتركها نهباً لمافيا سرقة التاريخ الدولية، ثم شهدنا منذ فترة دعوة بلهاء إلى تأجير الآثار المصرية، كوسيلة لجنى مليارات سهلة.
كل هذا يحدث فى واقع "تجاهل دولة ونظام حكم" لماهية الحضارة المصرية وأهمية شواهدها الأثرية والحضارية للإنسانية بأكملها.
فكيف يمكن للمرء أن يحافظ على ما يجهل قيمته؟ وكيف يحميه وهو لا يشعر بانتمائه إليه؟
ذكرنى هذا التاريخ من التفريط فى حق الحضارة علينا، حكومةً وشعباً، بقصة المزارع الأفريقى الذى غلبته شهوة التنقيب عن الماس، فنسى رسالته الأصلية فى الزراعة التى استخلفه الله فيها، وانطلق ينقب فى أرضه عن الماس، مقلداً لمن حوله، فلم يجن من محاولاته إلا تدمير محصوله، ولم يعثر على أية قطعة ماسية.
فقط وجد عروق من الفحم الأسود بين الأحجار، فأصبح نادماً.

دفعه اليأس لبيع أرضه التى ورثها عن أجداده إلى الغرباء، وانطلق لسنوات يتاجر فى رحلة اتباع شهواته المادية التى أعمته، يشترى الأراضى من الغرباء وينقب فيها، ولا يجد شيئاً ثم يبيعها، وهكذا.

واستمر به الحال عقودا على هذا المنوال حتى غلبه كبر السن واليأس، فقطع طريق العودة المضنى إلى أرضه الأصلية، كى يحاول شراءها مرة أخرى، فقط ليدفن فيها بجوار أجداده، فخانته أنفاسه وهو على مشارفها، وخر صريعاً، دون أن يعرف أن الملاك الجدد من الغرباء قد اكتشفوا فى تربة الأرض التى ضيعها، أكبر مناجم الماس فى عصرهم.

الغرباء كانوا بعلمهم يدركون أن الماس فى صورته الأولى يبدو تماماً كالفحم، بينما المالك الأصلى بجهله كان لا يعرف عن الماس إلا البريق.

والمسئولون فى مصر بدءًا من رئيس الجمهورية والقائمين على أجهزة ومؤسسات الدولة، إضافة إلى رجال الأعمال والمستثمرين والتجار والعاملين بقطاعات السياحة والآثار، لا يرون فى آثار مصر شيئاً غير أنها مصدر دخل قومى، ويجب معاملتها تماماً كالفرخة الأسيرة التى تبيض "عملة صعبة" لخزانة الدولة وللاقتصاد الوطنى.

تلك رؤية مادية قاصرة، تليق بعصور جهل الجباية المملوكية، ولا تليق بقوة مصر الثقافية الكامنة تحت طبقات من الهزل والعبث والتفريط.
إنهم لا يرون فيها الأمانة إنسانية، التى تحملتها مصر قدرياً عبر تاريخها، وهى موكلة بتحمل مسئوليتها وحفظها وحتى نهاية الزمن.

قد يتصور البعض أن الحديث عن قضية حماية الآثار، يعد شكلاً من الرفاهية الفكرية فى وقت يئن فيه المجتمع، من هول الحراك الفوضوى الذى يعيشه.

لكن هيهات أن يستسلم مثقفى هذا البلد، لما يروجه قاصرى العلم والبصيرة، فالآثار يا بنى وطنى هى "شواهد تحمل رسالة عن جذور الإنسانية"، وهى التى تثبت أن لأبناء هذا الوطن حق فى ترابه منذ آلاف السنين.

لذا فإن أى مساس بالسيادة المصرية الخالصة على تلك الشواهد الأثرية، وأى تهاون فى حمايتها من قبل الدولة أو الأفراد، يجب أن يعامل قانونياً ومجتمعياً كقضية أمن قومى.

وتفريط الدولة فى ذلك هو نوع من خيانة الأمانة الإنسانية، وتفريط فى قيم الوطنية، لأن التهاون فى هذا الأمر يمثل هزيمة فى الصراع الحضارى المقدر بين الملاك المصريين، وبين الغرباء الطامعين فى تزوير حقيقة تاريخها وطمسه فى الوعى العالمى.

مُفَرِّط من يتجاهل منا أن الصهيونية العالمية تروج زيفاً لخرافة أن العبرانيين هم بناة الهرم الأكبر، وأن الدولة العبرية تنشر هذا الوعى المزيف عالمياً.
جهول من ينادى بيننا بكفر الحضارة التى علمت العالم القديم أسس العدالة والإيمان والعلم قبل عصر إبراهيم عليه السلام بآلاف السنين.

بائس من لا يسمح له جهله بالتخلص من أوهامه وأفكاره النمطية عن جذور الإنسانية، والتى وجد عليها آباءه وأجداده.

وأهم من يصدق بيننا أنه يمكن لهذا البلد أن ينمو يوماً وينهض على ساق حضارى مجتزاً من جذوره الإنسانية.

فلمن يترك المصريون مهمة تحرير جذور التراث الإنسانى من هذا الإفك والافتراء الضارب فى القدم؟

إن الغرباء المتحكمين فى مقادير العولمة ونظام العالم الجديد، يريدون لأنفسهم جذوراً حقيقة فى التاريخ الإنسانى، لذا فهم يسعون جاهدين هم وشركائهم بالوكالة فى الشرق الأوسط، لفرض قرصنتهم، وإيجاد علاقة لهم بالشواهد الأثرية المصرية الخالدة.

هم يحتاجون منذ دمار مملكة سليمان عليه السلام، إلى أساس إنسانى قويم لترويج حزمة خرافاتهم، التى أقاموا عليها دولتهم المبتسرة.

هم يسلكون كل الدروب بهدف السيطرة على جذور الخط الزمنى لتاريخ الإنسانية بأكمله، من أجل تحقيق الخرافات المؤسسة لكيانهم المصطنع.
هم ينجحون، ونحن نفشل..
هم يأخذون بأسباب العلم فى صناعة وترويج الخرافة، بينما نأخذ نحن بأسباب الخرافة فى صناعة الفشل.

ولأنهم يستطيعون بالعلم تمييز الماس فى صورته الأولى، فهم يدركون أن السيطرة على جذور التاريخ الإنسانى فى حضارتنا، يعنى القدرة على صناعة المستقبل والسيطرة عليه.

ولمن لم يزل مطمئناً إلى تقصيره: ها هو أوباما يعطيهم وعد النظام العالمى بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل..

أما آن لنا أن ننزل عن "حِجر" بنى إسرائيل!
لهم زيفهم..
ولنا حقنا..








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 6

عدد الردود 0

بواسطة:

عادل حسن

من يسمع؟

عدد الردود 0

بواسطة:

Ahmed zaki

الحقيقة فى صورتها وطعم المرارة

عدد الردود 0

بواسطة:

عمر - غزة

مصر العظيمة

عدد الردود 0

بواسطة:

نيفين ابراهيم كامل

أصبت كبد الحقيقة

عدد الردود 0

بواسطة:

نبيل ناجي

ما نفعله بأنفسنا أسوأ

عدد الردود 0

بواسطة:

صلاح

وماذا عن اعداء الحضاره واعداء الاسلام واعداء البشريه والانسانيه وهم الوهابيون الذين يدمرون

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة