يوم آخر تذهب فى نهايته "أفنان" تلك البنت الصغيرة، ذات الخمس سنوات، إلى حجرة نومها، ولكنها كعادتها لا تعرف للنوم طريقاً إلا بالاستمتاع بصوت أمها وهى تقص عليها قصة ما قبل النوم، وكانت الأم دوما ما تنسج الحكايات من وحى خيالها، ولكنها هذه الليلة قررت أن تحكى لأفنان قصة حقيقية.
وبدأت الأم تقص على ابنتها:
كان يا ما كان ولا يحلى الكلام إلا بذكر النبى العدنان محمد عليه الصلاة والسلام، كان فيه بلد زمان اسمها بلد الأمن والأمان، كان شعبها مقسوم، نص فقير وتعبان ونص غنى وشبعان، وكان ليها رئيس بيبطش فى كل مكان، وكان عامل الشرطة دراعه اللى بيأدب بيه كل من كان، وفارض حظر على جماعة اسمها الإخوان، الناس فى البلد دى تعبوا من بطش هذا الإنسان، وقرروا يقوموا بثورة تهز أرجاء البلدان، وطلعوا كلهم واعتصموا فى الميدان، أصل الشعب كان للحرية عطشان، شباب زى الورد فى البستان، وبعد ما هزموا الداخلية انسحبت وانضم الإخوان للثوار فى الميدان، والناس هربت من السجون، وقتلوا اللواء البطران، وبعد 18 يوما تخلى الرئيس عن السلطة وكان مهرجان، الشعب فرح وقال أخيراً خلعنا السلطان، وابنه كمان، يا للا بينا نبنى مصر ونخليها أجمل مكان، وحلموا بمصر الجديدة وسرحوا فيها سرحان، جم العسكر وقعدوا على الكرسى وسألوا: هى البلد دى بتتساق إزاى يا جدعان، أسقطوا الدستور وحلوا البرلمان، طلعوا قوانين وإعلان وراه إعلان، وحصلت أيامهم مجازر، ماسبيرو والعباسية ومحمد محمود كمان، وماتش كورة و74 شهيد، عاوزين حقهم وعاوزين الحق يبان، محاكمات ومحاكمات وفى الآخر براءات، يااااااه ده فعلاً مهرجان، وظهر السؤال: الدستور الأول ولا البرلمان؟، وجت الانتخابات بعد دوى كتير ع الودان، نزل الشعب وقال كلمته ونجح الإخوان، اللى كانو بيقولوا انتخبونا دة إحنا هنعمل قلبان، طلع مجلس فاشل وتعبان، واتحل هو كمان، جت انتخابات الرياسة والبلد بقا ليها رئيس الآن، صحيح هو إخوان... بس وماله.. أحسن من اللى كان أدامه فى الميزان، طلع فى التحرير وقال خللوا بينى وبين الشعب الفرحان، أنا هعمل نهضة فى كل مكان، فى الأراضى والسهول والوديان، وهعمل للمظالم ديوان، ولما الشعب جه يحاسبه قال: ما كان فى الإمكان أحسن مما كان، ومارضيش يغير الحكومة وقال دول جدعان، بس فضل نفس الأداء الهبطان، استلفوا بالربا ويقوللك دى مصاريف إدارية يا مان، الهرج زاد وبقا فى كل مكان، سرقة عربيات وخطف بنات والبلطجة زادت فى البنيان، النور مقطوع والمية والغلا بكل الألوان، الناس زعلت وقالت دة ماكانش كدة زمان، دة شىء ما كانش فى الحسبان، وقالوا: يا ريس كفاية بقا وانقذ المركب الغرقان، وسيبك من جماعتك ومرشدك والعريان، وخليك رئيس لينا إحنا كمان.. إنتى نمتى يا أفنان؟
صورة أرشيفية<br>
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عبد الكريم
منوفيه