يعرض مركز الحرية للإبداع بالإسكندرية، الفيلم التسجيلى "طليان مصر" مساء اليوم الثلاثاء، للمخرج شر يف فتحى، ورامونا دى ماركو، ويعد الفيلم بمثابة تحية وإجلال للجالية الإيطالية، أعرق وأقدم الجاليات الأوربية فى مصر، والتى ساهمت مع بداية القرن الماضى وحتى الثلاثينيات من هذا القرن فى عجلة التنمية والتطوير فى تاريخ مصر الحديثة.
يذكر أن عدد الإيطالين فى مصر حتى العشرينيات من هذا القرن، بلغت حوالى 80 ألف نسمة بين الإسكندرية والقاهرة، وكان حضورهم فعال فى العديد من قطاعات الحياة المصرية، وحظوا بالتقدير وحسن الترحيب والاستحسان.
كانت إسهامات إيطاليو مصر جلية فى مجالات العمارة والصناعة، والأعمال اليدوية، والفن والأدب ومن أروع النماذج الإيطالية، نذكر المعمارى الإيطالى، ماريو روسى الذى قام بتصميم وبناء العديد من المساجد فى مصر،كمسجد المرسى أبوالعباس بالإسكندرية، ومسجد عمر مكرم بالقاهرة، وهو المعمارى الذى أصبح فى الثلاثينيات من القرن العشرين، كبير مهندسى وزارة الأوقاف المصرية، ونموذج أليفيزى أورفانيللى، وهو رائد فن التصوير السينمائى فى مصر، ومدير وحدة التصوير والذى تخرج على يديه الكثير من السينمائيين الواعدين فى مصر حيث إنه لم ينضب عطاؤه فى هذا المجال إلى أن واره الثرى فى القاهرة.
كما يقدم الفيلم تحية واجبة، للكتاب وللشعراء الإيطاليين فى مصر، أمثال جوزيبى أونجارتى وفيليبو تومازو مارينتى وإنريكو بيا وفاوستا تشالنتى الذين عاشوا فترة طويلة من حياتهم فى مصر.
ويحكى الفيلم تاريخ طليان مصر من خلال تقديم شهادات على إسهامات سبع شخصيات إيطالية، اثنين منهم يعيشون حتى الآن فى روما، وأربعة آخرين لم يبرحوا مصر بالمرة، وهم ما زالوا يعيشون بالقاهرة والإسكندرية، وواحد منهم عاد إلى روما فى الخمسينيات، ولكنه قرر بعد بلوغه سن المعاش العودة للعيش مرة أخرى بمدينة ميلاده ألا وهى مدينة الإسكندرية.
جدير بالذكر، أن إخراج عمل فنى كهذا على يد كل من شريف سالم، ورامونا دى ماركو، لم يكن أمراً يسيراً، حيث إنه نتاج عمل مضنى فى تجميع المادة اللازمة للفيلم بعناية ودقة متناهية، وبحب وشغف متناهيين، بل وباعتراف بالجميل لؤلئك الإيطاليين الأجلاء الذين عملوا جنباً إلى جنب مع المصريين لتنمية ورفعة مصر.
