مصطفى محمود جبر يكتب: التواكل بدعوى الانتساب إلى الإسلام

الإثنين، 25 مارس 2013 06:21 م
مصطفى محمود جبر يكتب: التواكل بدعوى الانتساب إلى الإسلام صوره - ارشيفيه

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من نعم الله على الإنسان أن خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا له أجمعين، ثم جعله خليفة فى الأرض؛ ليحمل الأمانة التى أبت السموات والأرض والجبال أن يحملنها، فيعبده ولا يشرك به شيئا، ويطبق شرعه، ويقيم حدوده، ويؤدى فروضه، ولم يترك الله عز وجل الإنسان وحيداً تائهاً فى تلك الحياة، هائما على وجهه فى الصحارى والجبال، فخلق المخلوقات من أجل معيشته ورغده، ولكى يتم الله عز وجل نعمته علينا، جعل لنا فى هذا الكون سننا ربانية لا تتبدل ولا تتغير بتغير الزمان أو المكان أو الأشخاص إلى أن يرث الأرض ومن عليها؛ حتى لا يضل الناس، ويتحيروا فى دنياهم، ومن هذه السنن سنة التدافع بين الحق والباطل، وسنة الله فى الابتلاء والتمحيص، وسنة نصرة المظلوم ولو كان كافراً، ومن هذه السنن أيضاً الأخذ بالأسباب بعد التوكل على الله، فأمرنا الله سبحانه وتعالى بتحرى سبل النجاح والإنجاز، وعدم الركون إلى الكسل والدعة بدعوى الانتساب إلى الإسلام.

فكان أول ما نزل من الوحى على رسول الله صلى الله عليه وسلم (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ) الآية (1) من سورة العلق، وهى آية صريحة لطلب العلم والأخذ به، والقرآن الكريم به الكثير من الآيات التى تدعو إلى العمل والآخذ بالأسباب، وفى الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه )، وقال الله عز وجل (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُو اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ) الآية (60)من سورة الأنفال، وهذه آية صريحة للآخذ بالأسباب وتسليح الجيش بأقصى استطاعة من العدة والعتاد لمحاربة العدو.

وقد ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة فى الحث على العمل، فقال الرسول "ما أكل أحدٌ طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل يده".

وفى غزوة الخندق حفر الرسول مع الصحابة الخندق، وكان يشاركهم الجوع والعطش، فشد على بطنه حجراً من شدة الجوع، وقالت السيدة عائشة رضى الله عنها: "كان رسول الله يخصفُ نعله، ويخيط ثوبه، ويعمل فى بيته كما يعمل أحدكم فى بيته ) ؛ ليعلمنا الأخذ بالأسباب.

والآن وقد قامت ثورة 25 يناير، والجميع يدعى الثورية والحرية،ولم نرى سوى الصياح والنعيق فى الميادين، وللأسف كل هذا لا يجدى ولا يساوى شيئاً فى مقدرات الشعوب وتقدم الدول، يقول الإمام الأوزاعى ( إذا أراد الله بقوم شرا ألزمهم الجدل ومنعهم العمل)، فالصياح لن يبنى المصانع أو يحفر القنوات أو يشيد المبانى أو يصنع ترسانات الأسلحة،ولكن الذى سيفعل هو سنة الله الكونية المتمثلة فى الأخذ بالأسباب بعد التوكل على الله، ويتساوى فى ذلك المسلم والكافر، فإن أخذ الكافر بالأسباب فسيحقق النجاح، وإن لم يفعل المسلم، فلن يجد سوى الفشل والخسران، فذات يوم رأى الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه وأرضاه أناساً من أهل اليمن، خرجوا للسفر بلا زاد أو راحلة، فقال لهم :من أنتم، قالوا : نحن متوكلون على الله، قال: بل أنتم المتواكلون، وهذا ما نحن عليه الآن، من ضعف وهوان، ومع ذلك نريد أن نسود العالم، ونكون فى مقدمة الدول، فكيف هذا ونحن متواكلون؟!





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة