أثارت توصية هيئة مفوضى الدولة الصادرة مؤخرا بتأييد قرار حل جماعة الإخوان المسلمين لعدم قانونيتها، وإشهارها والاعتراف بها كجمعية أهلية، تساؤلات عديدة حول مصير هذا الفصيل السياسى الذى أصبح مسيطرا على الشارع المصرى الآن، وشكل ممارستها للعمل السياسى فى الفترة المقبلة، وكذلك أيضا نوعية وشكل التنظيم بداخلها هل سيتأثر أم لا، وكذلك علاقتها بالتنظيم الدولى للجماعة وطرق تمويلها؟ وهذا ما ذهب عدد من رجال السياسة والقانون للإجابة عنه فمنهم من رأى أن التشكيل الجديد للجماعة شكلى ولن تخضع للقانون يوما، وتعلن عن مصادر تمويلها بشكل صريح، وآخرون أكدوا أن الجماعة ستستمر فى ممارسة عملها السياسى من خلال حزبها الحرية والعدالة، ولن يفرق معها كثيرا توصية مفوضى الدولة أو حتى صدور حكم بحلها نهائيا.
عندما تأسست جماعة الإخوان المسلمين عام 1928 بدأت كجماعة دعوية، حريصة على نشر تعاليم الدين الإسلامى فى كل مكان حتى جاء انخراطها فى العمل السياسى تدريجيا بعدما أعطى إمامها ومؤسسها حسن البنا الرخصة لأبنائها ليخرجوا من عباءة العمل الدعوى، ويبدأوا فى ممارسة السياسة من باب فهمهم العام للإسلام وأن مشاركتهم ستأتى من منطلق الإصلاح فى الأمة وتطبيق لتعاليم الإسلام وأحكامه.
ولكن لم تستمر محاولات الجماعة فى الانخراط فى العمل السياسى كثيرا، فدائما ما كانت تتعرض لمضايقات السلطة الحاكمة، وعقب ثورة الـ25 من يناير ازداد ظهور الجماعة على السطح وانخرطت بشكل لم يسبقه مثيل فى العمل السياسى، هنا تذكر الجميع الدعاوى القضائية التى كانت تلاحق هذه الجماعة وتطالب بحلها منذ فترة الخمسينيات، التى كان مصيرها التأجيل.
وبقيت هذه الدعاوى تطارد الجماعة منذ عشرات السنين، بينما هى مستمرة فى عملها السياسى وأعلنت عن موقفها هذا صراحة من خلال تشكيلها لحزب الحرية والعدالة، حتى جاء تقرير هيئة مفوضى الدولة بتأييد الحكم السابق صدوره من محكمة القضاء الإدارى «أول درجة» بتأييد قرار مجلس قيادة ثورة يوليو 52 بحل جماعة «الإخوان المسلمين»، وعدم قبول الطعون على الحكم استنادا إلى أنها أقيمت من غير ذى صفة، واعتبار أن جماعة الإخوان كيان غير قانونى ومن ثم فلا يتمتع بتمثيل قانونى.
هنا اهتمت قيادات الجماعة بجانب آخر وهو إعلان إشهارها وتوفيق أوضاعها طبقا لقانون الجمعيات الأهلية لتتحول إلى جمعية الإخوان، وبالتالى فيلزم عليها تطبيق أحكام القانون والالتزام بالعمل الأهلى فقط، ويحظر عليها ممارسة أى نشاط سياسى أو تجارى ويخضع تمويلها وميزانيتها للرقابة، وهذا كله كان كفيلا بطرح عدة تساؤلات، على رأسها ما شكل الممارسة السياسية التى ستتجه إليها جماعة الإخوان؟ هل ستصبح الجمعية مجرد هيئة شكلية بينما يستمر مكتب الإرشاد فى المقطم وحزب الحرية والعدالة هو الآمر الناهى فى كل شىء أم لا؟
المحامى مختار نوح، أحد القيادات المنشقة عن جماعة الإخوان المسلمين، يقول: الخوف على الإخوان المسلمين ليس من هذا الواقع السياسى، ولكن من المستقبل فهم فى حقيقة الأمر ليسوا فى حاجة الآن إلى جمعية أهلية ولا قانون يضبط ممارستهم لأن الدولة المصرية رخوة وغاب عنها القانون، ومادام الرئيس الدكتور محمد مرسى عجز عن تطبيق القانون على الدولة ككل، فبالتأكيد سيعجز عن هذا مع أبناء جماعته.
ويضيف نوح: الجماعة لا يهددها تقرير مفوضى الدولة أو تحويلها إلى جمعية أهلية لأنهم فى غاية الاطمئنان بسبب ضعف الدولة، ولكن المستقبل هو الذى يخيفهم، خاصة أنهم كانوا يعتمدون على مشروعيتين الأولى الشرعية الواقعية وتعاطف الشارع معهم، والثانية شرعية تأييد المستضعف أو المظلوم التى كانت تلقاها من التيارات السياسية الأخرى، ولكنها على أى حال فى طريقها لخسارتهما معا، نظرا لأن الجماعة ليس لها استراتيجية جذابة وبدلا من أن ينالوا التأييد من باب أنهم المظلومون أصبحوا هم من يظلمون الناس، وبالتالى لن يحدث اختلاف.
الناشط السياسى جورج إسحاق عضو جبهة الإنقاذ الوطنى يقول: هناك حالة من التخبط الشديد ولا أحد يعلم الحقيقة فى الشارع السياسى الآن، ما الفرق بين الجماعة والجمعية وحزب الحرية والعدالة، ففى الوقت الذى صدر التقرير الذى أوصى بتنفيذ قرار حل الجماعة هنأت قيادات الجماعة بعضها البعض بإشهار الجمعية الأهلية، وأنا أرى هذا نوع من «الفتونة» من وجهة نظرى.
فى حين قال الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية: إن تقرير هيئة مفوضى الدولة يمكن الاستعانة به فى صدور الحكم ولكنه ليس إلزاميا، فى حين صدور الحكم القضائى بحل الجماعة لا أعتقد أنها ستعلن استسلامها بسهولة، وأعتقد أن فى حال إصدار الحكم بحل الجماعة سيتجه حزبها «الحرية والعدالة» لضم مقرات الجماعة إليه، وتستمر فى ممارسة العمل السياسى من خلاله ويقتصر دور الجمعية الأهلية على تنفيذ المشاريع الخيرية وتخضع للقانون المنظم للجمعيات الأهلية فى مصر.
موضوعات متعلقة...
سياسيون: الإشهار شكلى.. والجماعة لن تكشف عن تمويلها
تقنين أوضاع الجماعة يلغى وظيفة «بديع» ..المرشد العام ومجلس الشورى كيانات تبحث عن دورها فى الوضع الجديد لجماعة الإخوان المسلمين
سيناريوهات مستقبل «الإخوان» بعد تقرير «مفوضى الدولة» بتأييد قرار حل «الجماعة» ..أسئلة مطروحة حول علاقة الجماعة كتنظيم خارج القانون مع الجمعية التى تخضع لرقابة الدولة
الأحد، 24 مارس 2013 10:41 ص