منذ 11/2/2011 وحتيى الآن - أمتلأ مناخنا الإعلامى، ومناخ حواراتنا الشعبية، وكذلك حوارات ما يسمون أنفسهم بالنُخبة فى أستديوهات برامج التوك شو بالعديد والعديد من الأخبار الكاذبة دون تصحيح وتدقيق، والإتهامات الباطلة دون دليل، والمانشيتات الساخنة دون نار أو لهب، والحوارات الباطلة الناتجة عن مُجرد خوض العامة مع الخائضين ..
وحيث أن أعرافنا المستقرة فى مصر قد أشتملت على قاعدتين أساسيتين يشرحان ويُدحضان الباطل فى جميع صوْرهِ، وفى كل أشكاله، الأولى قاعدة دينية، والثانية قاعدة قانونية ..
فأما القاعدة القانونية فهى ( كل ما بُنى على باطل فهو باطل .. ) والتى وردت فى جميع أمهات الكُتب الشارحة والمُفسرة للقانون وتُمثل أحدى القواعد الحاكمة الـ 19 فى القانون المصرى، والمعنى فيها واضح وضوح الشمس بأن الباطل لا يُعد باطلاً فحسب، بل أن كُل مابُنى عليه فهو باطلاً مثله ..
فمثلاً إذا كانت إقالة المستشار/ عبدالمجيد محمود من منصبه كنائب عام باطلة، فأن تعيين المستشار / طلعت عبدالله نائباً عاماً مكانه باطلاً - لأنها قد بُنيت على باطل !!
وأما القاعدة الدينية فتلك التى وردت فى آيات كثيرة فى القرءان الكريم لتؤكد على أن الحق أحق أن يُتبع، وأن الباطل ليس له مآل إلا الزهق والدمغ !! ومن هذه الأيات على سبيل المثال لا الحصر مايلى :ـ
( وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ - البقرة 42) ... ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ - آل عمران 71 ) ... ( لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ - الأنفال 8 ) ... (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً - الاسراء 81 ) ... ( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمْ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ - الانبياء 18 ) ... ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِى الْكَبِيرُ - الحج 62 ) صدق الله العظيم ..
ومن أسف، فأن حديث الباطل قد سرى بيننا سريان النار فى الهشيم فى معظم حواراتنا، وإنتخاباتنا وقراراتنا، وسياساتنا، وتحليلاتنا، بشكل يصعُب معه الرجوع إلى الحق إلا إذا أردنا ذلك، وما نحن - الآن - لذلك بمُريدين لأسباب كثيرة أغلبها يتعلق بنفس يعقوب – عليه السلام ..
ولاننى لا أعتقد أن النهضة المأمولة لمصر ولأهلها يُمكن أن تتحقق ونحن نتنفس الباطل بهذا الشكل المُخيف، أو ونحن نتلذذ بالكذب والشماتة والجحود إلى هذه الحدود المُرعبة التى وصلنا إليها !!
ولأننى لا أعتقد أيضاً إمكانية سرد الباطل المقصود فى مقالة واحدة، فسوف أكتب ما تيسر لى منه على حلقات متتالية شارحاً أياه، وكيف هو باطل ولماذا ؟! وأين الحق فيه ؟! وكل ذلك سيكون وفق منظورى، ووفق رأيى الشخصى الذى قد يحتمل الخطأ بقدر ما قد يحتمل الصواب !!
كان أول ( الباطل ) وأقواه هو ما عشناه وما عايشناه منذ عشية تخلى الرئيس السابق / مبارك عن منصبه وحتى قبل الآن بقليل - بإتهام سيادته بأنه لص وحرامى كبير، وأنه سرق خيرات مصر لصالحه ولصالح أسرته، وأن حساباته وحساباتهم فى البنوك المحلية والعالمية تُقدر بـ 70 مليار $ ..
ولأن الباطل كان زهوقاً، فقد زهق تباعاً بإنخفاض المبلغ المُدعى به من 70 إلى 50 إلى 5 مليار $، إلى 400 مليون فرنك سويسرى، حتى أنكشف الرقم الحقيقى بأن الأرصدة هى 6.5 مليون جنية فى البنك الأهلى المصرى أكتسبها نتيجة عمله طوال 62 سنة ضابطاً ثم قائداً ثم نائب ثم رئيس جمهورية !!
ثم توالت دعوات الإتهام – زوراً وبطلاناً - بمختلف المحاكم والنيابات صدر فيها جميعاً أحكام البراءة، وبأن ذمته المالية نظيفة وبرئية من أى إتهام، ورغم كل ذلك، فمازالت التلاكيك والمؤامرات تُحاك ضده وضد أسرته، ومازال الناس متفقون على الباطل بتصديق هذه الروايات الكاذبة الباطلة، ومازال حديث الباطل حول ثروته وأرصدته وذمته المالية هو الحديث الدائر بين أهل مصر لأسباب يعلمها الجميع، ويعلم إلى ماذا تُشير، وإلى ماذا تهدف !!
فكل إتهام يصُب إما فى مصلحة جماعة الإخوان المسلمين الحاكمة، أو فى صالح مندوبهم فى القصر الجمهورى د. محمد مرسى، أو فى مصلحة الأحزاب الدينية المتعددة التى ركبت فوق أنفاس المصريين بعد أحداث يناير، أو فى مصلحة السادة ( الثوار !! ) بنفاق مُرتب من آلة إعلامية جبارة لها مآرب خاصة، أو – على الأقل فى مصلحة القنوات الفضائية وقنوات الإعلام المختلفة التى تسترزق على مصائب وفضائح الناس حتى ولو كانت باطلة كاذبة !!
فلماذا كل هذا الباطل، ولماذا الإصرار عليه، ولمصلحة من ؟!
لا أدرى .. إنما كل ما أدريه هو أنه باطل بطلاناً مُطلق، يتم تداوله بين الناس كأنه الصدق بعينه، وما هو كذلك، وأصبح من الصعب علينا - للأسف الشديد - تحويل دفة الصدق وبوصلته تجاه من صدق الباطل وآمن به زوراً وبطلاناً ..
وتلك هى المصيبة الأكبر
* مدير باحد البنوك
صورة اشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة