قال إريك ترايجر، خبير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إن الإخوان المسلمين رغم أنهم وصلوا إلى السلطة لكنهم لا يفرضون سيطرتهم، مشيرا إلى أن الأصوات ربما تمنحهم فوزا فى الانتخابات، لكن سفينة مصر تظل بلا قيادة.
أضاف فى مقاله بمجلة فورين بوليسى الأمريكية: "وصلت جماعة الإخوان المسلمين الآن إلى أعلى قمة سياسية فى مصر، وهى تفعل أقصى ما فى وسعها من أجل البقاء فيها، ويؤكد مسئولو الإخوان المسلمين أن سلسلة انتصاراتهم الانتخابية منذ الإطاحة بمبارك قد منحتهم الشرعية، وهى الكلمة التى يستدعيها الإخوان بشكل تلقائى للدفاع عن تعيين الرئيس محمد مرسى للإخوان المسلمين فى المناصب السياسية العليا".
وتابع: "وعلى الرغم من السلطة السياسية للإخوان، إلا أنها لا تمارس أى سيطرة فعليا، بل إنه منذ الإعلان الدستورى الذى أصدره فى نوفمبر الماضى والإسراع فى الانتهاء من الدستور بعدها، وقعت سلسلة من المظاهرات الحادة وإضرابات العمال والصدامات بين الشرطة والمحتجين أغرقت البلاد فى حالة أقرب إلى الفوضى، واقتصاد مصر الضعيف بالأساس يسقط الآن دون عوائق، بينما أجبر عدم الاستقرار الجيش على تولى السيطرة على مدن قناة السويس الثلاثة، والجماعة الإسلامية التى تعتبرها الولايات المتحدة إرهابية قامت بنشر أعضائها للقيام بدوريات فى مدينة أسيوط.
ويستطرد الخبير الأمريكى قائلا: "إن تركيز الإخوان على السيطرة على السلطة قد حفز مقاومة كبيرة لحكمها، وساهم هذا فى عدم استقرار البلاد، إلا أن الجماعة لا تبدى أى مؤشر على تغيير النهج، وتعتقد على ما يبدو أن مزيدا من تعزيز سلطتها هو الطريقة الوحيدة لإحباط ما تراه مؤامرة واسعة ضد حكمها".
ويقول ترايجر، إنه فى المقابلات التى أجراها مع عدد من قيادات الإخوان المسلمين خلال رحلة أخيرة لمصر، وجد أنهم يتتبعون بشكل كبير مؤامرة الفلول ضدهم، ونقل عن سعد الحسينى القيادى بالإخوان ومحافظ كفر الشيخ قوله "إن الفلول يعملون ضد مصر، فهم ضد النظام الحاكم الآن بشدة لأن الرئيس من الإخوان المسلمين".
أما محمد البلتاجى، القيادى بحزب الحرية والعدالة فكان أكثر وضوحا، وقال إن هناك جزءا من النظام لا يزال حتى الآن مرتبطا بالنظام السابق، وهذا موجود فى العديد من أجهزة الدولة مثل الشرطة والإعلام والقضاء.
ويرى ترايجر أن مرسى والإخوان ركزوا خلال العام الأول لهم فى السلطة بشكل مباشر على التهديدات المتصورة لسلطتهم فى اثنين من هذه المؤسسات الثلاثة، ففى أغسطس عين مجلس الشورى الذى يسيطر عليه الإخوان رؤساء تحرير جدد للصحف القوية، وأقال الصحفيين المنتقدين للإخوان، وتعرض معارضو الإخوان فى الإعلام الخاص للتحقيق باتهامات تتراوح ما بين الإساءة للإسلام وإهانة الرئيس.
ولا يزال قادة الإخوان يشكون من أن الإعلام ضدهم، إلا أنهم يؤكدون أن المد يتحول، فيقول عضو البرلمان الإخوانى السابق صابر أبو الفتوح، أن الإعلام موجه ضد مشروع النهضة، لكن المجتمع يكره الإعلام الآن.
ويتابع ترايجر: "تحرك الإخوان ضد القضاء فى نوفمبر أيضا بإعلان الدستورى الذى أعطى حصانة قضائية مؤقتة لقراراته ضد القضاء، ثم أرسل الإخوان بعد ذلك كودارهم لمحاصرة المحكمة الدستورية العليا للضغط على القضاة الذين كان سيبتون فى شرعية الجمعية التأسيسية التى تصيغ الدستور، وعين مرسى نائب عام دون استشارة المجلس الأعلى للقانون فى خطوة ندد بها معارضوه واعتبروها هجوما على استقلال القضاء".
ومن المرجح أن يأتى فيما بعد الاستحواذ على وزارة الداخلية التى لديها تاريخ فى القمع، وحسبما قال البلتاجى لترايجر أثناء المقابلة فإنه يرى "دوره المستقبلى فى علاقات مدنية عسكرية وفى إعادة هيكلة وإصلاح وزارة الداخلية".
وأضاف البلتاجى ضمن إجراءات أخرى أنه سيسعى إلى السماح لخريجى الجامعات على التدرب، للقيام بعمل الشرطة بدلا من قصر هذا التدريب على خريجى أكاديمية الشرطة فقط، وعندما سأله إذا كان هذا يعنى السماح للإخوان المسلمين بدخول الشرطة، قال البلتاجى إن من حق الإخوان المسلمين أن يرفعوا الحظر عن "التحاق الجماعة بالجهاز" وهو الحظر الذى كان موجودا فى عهد مبارك، إلا أن الإخوان لا يسعون إلى امتيازات خاصة لأعضاء الجماعة.
وأشار ترايجر إلى الجدل الشديد الذى تسببت فيه تصريحات البلتاجى عن دوره فى إصلاح وإعادة هيكلة الداخلية قبل أسبوعين، ويشعر العديد من المصريين بالقلق من أن السماح بدخول الإخوان الشرطة سيمكنهم بمرور الوقت من استخدام الوزارة كوسيلة لفرش أجندتهم الدينية، وتحدث "ترايجر" عن رد فعل البلتاجى على ما ذكره ورفضه لما قاله بأنه سيكون مسئولا عن إصلاح الداخلية، لكنه رفض توضيح ما سيشمه إصلاحا وإعادة هيكلة الداخلية، وذلك فى المناقشة الحادة على شاشة التليفزيون المصرى، واختار البلتاجى بدلا من ذلك أن يهاجمه شخصيا ويصفه بأنه صهيونى ومعادى للإسلام بدلا من أن يجيب على هذه الأسئلة.
وسواء وضح البلتاجى خطط الإخوان المحددة لإصلاح الداخلية أو لم يفعل، فإن المصريين محقون فى شعورهم بالقلق، حسبما يقول ترايجر، فكل الإخوان ملتزمون بمبدأ السمع والطاعة الذى يثير شكوك مهمة بشأن استعداداهم فى اتباع سلاسل القيادة الأخرى.
وتوقع "ترايجر" أن يعتمد الإخوان على إستراتيجيين فى محاولتهم لتحقيق السيطرة: الأولى حينما يكون ذلك ممكنا، فإنه من المرجح أن تتجاوز الجماعة البيروقراطية التى تشرف عليها الآن، ويقول وزير الشباب المنتمى للإخوان أسامة ياسين، إن البيروقراطية هى العدو القاتل لكل المبادرات التنموية، فهى وحش برى "ونحن جميعا نعمل معا لقتله".
وأوضح ياسين أنه يحاول خلق وزارة بلا أسوار، تقوض فيها الوزارة مؤسساتها الخاصة وبالتالى فإن الخدمات التى تشمل البرامج الثقافية وأنشطة المعسكرات وتدريبات العمل إلى الشباب مباشرة أو المنظمات غير الحكومية.
ورغم نفى ياسين أن تكون هذه الخدمات تم تسليمها للقنوات التى تسيطر عليها الإخوان لتحقيق طموحاتها السياسية، إلا أن أداء الإخوان فى الوزارات الأخرى يشير إلى أن هذا هو أسلوب عملها.
أما الإستراتيجية الثانية، فستكون استمرار جماعة الإخوان فى تجميع السلطة من خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة فى ظل الافتراض الواضح بأن هذا الفوز يعز من شرعيتها وبالتالى تعزيز سيطرتها.
وفى النهاية، قال ترايجر إنه مهما كان عدد الانتخابات التى ستفوز فيها الإخوان، أو الألقاب السياسية التى ستجمعها، فإنها ستظل على الأرجح ترى نفسها متورطة فى صراعين، الأول تاريخى ضد النظام القديم، والأخرى حديثة ضد المعارضين من غير الإسلاميين، ولذلك، فبدلا من اتخاذ القرارات الصعبة وغير الشعبية سياسيا التى يتطلبها الحكم، فإنها ستسمر على الأرجح فى التركيز على توطيد سلطتها.
لكن مع تصاعد الرفض لأسلوب الإخوان الاستبدادى، فإن لا أحد يجب أن يخطئ هذه السيطرة على السلطة، فحكم الإخوان القاصر لمصر ورفضها لبناء توافق سياسى يقرب البلاد من الفوضى يوما بعد يوم.
الأمريكى إريك ترايجر: الانتخابات أعطت للإخوان السلطة ولم تمنحهم السيطرة.. والجماعة ركزت هجماتها على الإعلام والقضاء.. ومعظم المصريين يخشون أخونة الداخلية.. وإدارتهم تقرب البلاد من الفوضى يوما بعد آخر
الجمعة، 22 مارس 2013 06:12 م
محمد البلتاجى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
صبرى عبدالعال ـ الأتصالات سابقا
فضفضة