وفاء داود

نمو اقتصادى أم إصلاح ديمقراطى؟

الثلاثاء، 19 مارس 2013 07:49 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شاركت خلال الأيام الماضية فى مناظرة شبابية بعنوان "هل يجب على المصريين التخلى عن الإصلاح الديمقراطى من أجل النمو الاقتصادى"، وبدأ تصويت الجمهور قبل المناظرة فصوت نحو 36.5% للفريق المؤيد للنمو الاقتصادى، و63.5% للفريق المؤيد للإصلاح الديمقراطى.

وبدأت المناظرة بالاستماع إلى حجج وأسانيد الفريق المصر على ضرورة الإلتفات لأوضاع النمو الاقتصادى، وأولويته نتيجة تدنى الأوضاع الاقتصادية والتى تثبتها تقارير وزارة المالية الآخيرة وكأنها تدق ناموس الخطر لما وصل له الوضع الاقتصادى، مستشهدين لما حققته الصين من انطلاقة اقتصادية بعيداً على الشأن السياسى، فضلاً عن أن شعار ثورة 25 يناير وضع أولوية للعيش ثم الحرية والعدالة الاجتماعية.

ومن ناحية أخرى، رد الفريق المؤيد للإصلاح الديمقراطى أولاً، بأن أى عمل فى أى منظومة سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو حتى ثقافية لم ولن يكتب لها النجاح إلا إذا تحقق الإصلاح الديمقراطى، وقد ترجع حجية هذه الفريق إلى أن مجالات وموضوعات العلوم الاجتماعية معقدة ومركبة ومتشابكة مع بعضها البعض، وبالتالى لا يرى هذه الفريق أى نجاح لأى منظومة دون الإصلاح السياسية واستكمال استحقاقات عملية التحول الديمقراطى.

وبعد هذا الجدال، تم الرجود للجماهير وكانت المفاجأة أنه أنقسم بين الفريقين 50% مؤيد، و50% للمعارض. وأقف هنا، وبصرف النظر عن رؤيتى الشخصية من الفريقين، استرجع بعض الأمور والحقائق الهامة التى يجب طرحها فى هذا الموضوع، ومن هذه النقاط:

- إنه إذا قمنا بتحليل الاتجاهات والسلوكيات التصويتية لأغلبية المواطنين لا نجدها تحتكم إلى ركائز الديمقراطية أو أولويات الإصلاح السياسى، بل فى حقيقة الأمر يستند إلى تفسيرات اقتصادية وهو ما يعبر عنها فى صورة التصويت لمن يقدم له الخدمات (كالزيت والسكر وشنط رمضان) حتى لو كانت وقتية ومرتبطة بالفترات الانتخابية.

- إنه رغم الانخراط المتزايد للمواطن المصرية فى العمليات الانتخابية والشأن السياسى عموماً بعد الثورة إلا أنه مع رصد سلوكه الانتخابى فى المراسم الانتخابية بعد الثورة لوحظ تدنى وتراجع منحنى المشاركة السياسية فعلى سبيل المثال نجد نسبة التصويت فى استفتاء 19 مارس 2011 مثلت نحو 41.1% مقارنةً بـ 32.86% فى ديسمبر استفتاء 2012.

إن مصر بعد الثورة رجحت عملية الإصلاح الديمقراطى، ورغم مرور 5 عمليات انتخابية لغرفتى البرلمان والرئاسة والاستفتاء على الدستور لم تستقر الأحوال السياسية بل انشقت الصفوف وتشرذمت الجهود الوطنية وظهرت هتافات ومطالب للبدء من جديد وكان نتيجة ذلك تكبيد الدولة المليارات صرفاً على الانتخابات فى وقت هى فى أمس الحاجة إليها، وارهاق المواطن فى انتخابات لم تنعكس عليه بالإجاب أو بتلبية حاجاته ومتطالباته.
- إن الاتحاد الأوروبى بدأ بحوالى 5 دول ووصل إلى 27 دولة محققاً وحدة اقتصادية متماسكة ومتكاملة وكانت بدأية للتحول إلى تدشين الوحدة السياسية وهو ما نطلق عليه بـ spill ove فى حين أنه لو بدأ سياسياً ما كان سيكتب له النجاح، وفى تجربة مماثلة وهى الإمارات وإيران فرغم الصراع وتوتر العلاقات بينهما بسبب النزاع على جزيرة موسى إلا أن هناك تعاول قد يصل إلى درجة التكامل بين البلدين اقتصادياً.

إن النقاط سالفة الذكر، تؤكد تدنى ثقافة الديمقراطية فى المجتمع، وضرورة العمل على غرسها لكى يؤسس ويكرس الحكم المدنى الديمقراطى، وإن المطالبة بالإصلاح الديمقراطى لا يعنى بالضرورة التخلى عن النمو الاقتصادى، كما لا يعنى التركيز على النمو الاقتصادى إهمالاً للإصلاح السياسى ولكن هناك أزمة فى مصر، فيجب الانتباه إليها والتكاتف سوياً لمواجهتها، وإن عدم الالتفاف لها تحت دعاوى الإصلاح الديمقراطى أولاً فهو بدأية لتدشين صومال وسودان تانى فى مصر، وفى هذا الوقت لا ينفع الحديث عن نمو اقتصادى أو إصلاح سياسى بل سيكون الحديث كيف أحمى نفسى لدقائق قادمة.

وفى الختام أود الإشارة إلى أن الهدف من تدشين وإطلاق مثل هذه المناظرات ليس فى الحجج والأسانيد بل الغاية الرئيسية هو نشر ثقافة الحوار واحترام الرأى والرأى الآخر – وهذا ما نفقده الآن – وتعلم مهارات المناظرة، حيث أصبح كل منا لا يسمع إلا نفسه، ولا يرى أحد صح غيره، كما جمعنا نلاحظ المستوى المدنى الذى وصلت إليه نخبتنا الإعلامية فى جدالها مع الآخر عبر المناظرات التى نشهدها كل ساعة على الفضائيات.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة