مع كثرة المؤتمرات التى تعقد من لأجل سيناء ومع ما يتخللها من كلمات تنادى بمطالب متنوعة قد يتناقض بعضها مع بعض أحياناً، حسب توجه الداعين لها وتحديد المدعوين لها، إلا أنها فى مجملها تضع سيناء المكان والإنسان فى موضع الصدارة من حيث الأهمية والخصوصية.
ويشترك فى ذلك الجميع على اختلاف مشاربهم إلا أن الوسيلة لتحقيق الغاية من تلك المؤتمرات تختلف باختلاف رؤية أصحابها وطلاب المصلحة فيها، فمنهم من يجد طريقه إلى متخذ القرار وصاحب السلطة لعرض التوصيات عليهم، ومنهم من يبحث عن وسيلة ضاغطة عبر وسائل الإعلام أو تهيئة الشارع للاحتجاج، ومنهم من يدعو لمؤتمر تلو المؤتمر بغية التذكير المطرد، وخوفاً من نسيان القضية، ومنهم من يبحث عن موسم تتوافق فيه تلك المؤتمرات مع التوقيت الذى تعقد من أجله والغرض الكامن بها.
ولعل الإخلاص يحدو بالكثير فى أن توحيد الصف والتحاور والتشاور يجب أن يكون السمة الغالبة، وأن الوطنية والولاء والحديث باسم سيناء تلك البقعة الغالية يشترك فيه الجميع.
إلا أن غياب التنسيق وعدم توحيد الجهود لتكوين قنوات اتصال ومتابعة لما يمكن أن يتم على أرض الواقع، والاستفادة ممن سبق، وماهو متاح تفتقر إليه كثير من المؤتمرات لأن الطرح كثير والبيانات الختامية متعددة العناصر، والرغبة فى تحقيق الذاتية والخصوصية قائمة عند البعض، ولا يتخصص مؤتمر هنا أوهناك فى عرض قضية محددة.
كما أن الحزبية والعصبية القبلية، وإن كانت واقعاً ملموساً ينخرط فيه أغلب الناس إلا أنها تضفى على تلك المؤتمرات سمة ظاهرة لا تغيب عمن يراقب المشهد.
يأتى هذا من خلال ما شاهدناه وحضرناه من مؤتمر لقبائل وعائلات شمال سيناء فى النصف الثانى من مارس 2013م، تحدد فيه موضوعاً رئيساً بشأن إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية لمجلس النواب على نحو يعيدها لسيرتها الأولى قبل قيام ثورة يناير2011م.
إلا أن المؤتمر تطرق إلى ما هو أبعد من ذلك فى قضاياً تمس أبناء سيناء، وهذا شأن أى مؤتمرات شعبية لا تتقيد بقيود لأن أبواب التنوع فى الموضوعات مفتوحة على مصراعيها.
نعود إلى أساس الدعوة وهى إعادة النظر فى تقسيم الدوائر على نحو يعطى إتاحة لبعض المراكز الحدودية ووسط سيناء فى أن يكون تمثيلها النيابى لا يقل عما سبق الثورة كحد أدنى.
وبالنظر فى دستور2012م نجد أن المادة 231 حددت الانتخابات التشريعية التالية للعمل بهذا الدستور بواقع ثلثى المقاعد لنظام القائمة والثلث للنظام الفردى.
كما حددت المادة 113 الخاصة بمجلس النواب، أن تشكيل المجلس لايقل عن ثلاثمائة وخمسين عضواً "أى أنة قابل للزيادة بدون سقف معين" كما حددت أيضاً أن القانون يبين نظام الانتخاب وتقسيم الدوائر الانتخابية، بما يراعى التمثيل العادل للسكان والمحافظات.
غير أن المادة 128 الخاصة بمجلس الشورى لم تشترط تلك المراعاة للتمثيل، وإنما اختص النص مجلس النواب فقط، وفى ظل تلك القيود الدستورية لم يترك للمشرع القانونى أن يتجاوز تلك النصوص إلا فى حدود ضيقة لأن مظنة الطعن على القانون تكاد تكون قائمة.
ولقد كان طلب ثلاث دوائر انتخابية "بئر العبد، العريش، رفح" هو أحد أهداف المؤتمر الرئيسة إلا أن تطبيقه عملياً يحتاج فى ظل النصوص الدستورية الحالية أن يكون عدد مقاعد المحافظة ثمانية عشر عضواً، لأن الدوائر الفردية الثلاث مكونها ستة، وهو ثلث جملة المقاعد حسب النص الدستورى المذكور أنفاً، وهو ما لا يتوافق مع المعيار الذى وضعه الدستور، وهو التمثيل العادل للسكان والمحافظات لأن بعض المحافظات الأخرى سوف تطلب المعاملة بالمثل لأنها أكثر عدداً ومساحة.
كما أن القانون الذى تم انتخاب أول برلمان بعد الثورة بناء على نصوصه أعطى شمال سيناء ستة مقاعد للشعب، ومثلها للشورى، فأصبح حقاً مكتسباً لايتم المساس به بالنقصان.
إلا أنه بعد تعديل قانون مجلس الشعب وقانون مباشرة الحقوق السياسية والصادر برقم 2 لسنة 2013م فى 21 من فبراير 2013م، أبقى الدوائر الانتخابية كما هى وزاد عليها عدد 48 مقعدا وزعت على بعض المحافظات حسب الكثافة والمساحة وبعض المعايير الأخرى، وكان من بينها أسوان بزيادة ستة مقاعد عما سبق ولم تكن محافظات الحدود مشمولة بتلك الزيادة، لأن تمثيل العضو الفردى حسب مقترح القانون يصل إلى حوالى 282 ألف ناخب، وتمثيل عضو القوائم يصل إلى 141 حوالى ألف ناخب، وأنه قياسا على إجمالى سكان المحافظة وليس قاعدة الناخبين فإن التمثيل الفردى لا يصل إلى عضوين وتمثيل القوائم لا يصل إلى أربعه فكان الحد الأقصى لشمال سيناء ستة أعضاء، وقد تم الطعن على هذا القانون وتوقف إجراءات الانتخابات المقرر لها نهايه أبريل 2013م، مما أتاح الفرصة إلى المراجعة والتفكير فى مخرج ملائم لتقسيم الدوائر.
وعليه فقد اقترحنا أن يتم تقسيم شمال سيناء إلى دائرتين على الأقل "شرق وادى العريش وتشمل أقسام أول العريش والشيخ زويد ورفح والحسنة ونخل والقسيمة – وغرب العريش وتشمل أقسام ثانى وثالث ورابع وبئر العبد ورمانة" بواقع ستة مقاعد لكل دائرة "4 قوائم – 2فردى"، أو أن تكون المحافظة دائرة واحدة للقوائم بعدد ثمانية مقاعد فى حدود الثلثين، ودائرتين فردى "شرق وغرب" يمثل كل منهما بمقعدين فى حدود الثلث، وهذا إن تم قبوله فيعتبر استثناء من قاعدة التمثيل لمكانة سيناء ولطبيعتها القبلية، والخاصة، كما تم تمثيل أبناء النوبة بدائرة فردية، ويشتركون فى دائرة القوائم حسب المقترح الجديد الذى يتم تداوله الآن فى مجلس الشورى تمهيداً لإصداره.
لعل سيناء أخذت حظها فى الحروب والمعارك وغابت عنها كثير من أدوات التنمية فى وقت سابق، وحق لها فى الوقت الراهن أن تأخذ حظها ليس فقط فى التمثيل النيابى، ولكن فى كل ما يؤدى بها إلى أن تكون مصدر خير ونماء واستقرار وأمن وبوابة تتحصن بالمشروعات والاستثمار والتوزيع العادل للثروة حتى تؤتى ثمارها.
ولعل مثل هذا الطرح وإن كان عسيراً وصعب المنال، إلا أنه يمكن قبوله فى الوقت الراهن لأن النظام الانتخابى سوف يتغير بعد مجلس النواب القادم، فيكون الأمر كله من مشروع قانون يتم طرحه الآن يمثل استثناء يتم تصويبه وتعديله على نحو مستقر فيما بعد.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة