نشرت صحيفة "الهندو" الهندية نص مقابلتها مع الرئيس محمد مرسى، الذى بدأ زيارة رسمية للهند اليوم تستغرق ثلاثة أيام.
وقالت الصحيفة فى البداية، إن محمد مرسى أول رئيس منتخب ديمقراطياً قد علق فى عاصفة سياسية، فثقل التوقعات التى خلقتها الثورة فى مصر، والمطالب بنتائج سريعة، والدور المحتمل لعناصر النظام السابق، تشعل التوتر باستهداف القيادة الإسلامية المنتخبة، بما شكل ضغطاً كبيراً على سلطة الدولة المصرية.
وأضافت الصحيفة، أنه على الرغم من التحديات الهائلة، إلا أن مرسى بدا واثقا من نفسه ويمتلك قدرًا هائلا من "وضوح الرؤية"، كما أنه يجمع بين المبدأ والبرجماتية، ولديه طموح كبير لتحويل مصر إلى دولة متقدمة يمكن أن تلعب دورًا مؤثرًا فى المنطقة وخارجها.
وتحدث مرسى فى المقابلة عن تطلعاته لمستقبل العلاقات مع الهند، كما تطرق إلى الأوضاع الداخلية فى مصر والعلاقات مع إيران ودول الخليج.
وقال الرئيس بدايةً إنه يحمل آمالاً كبيرة، وتوقع أن تكون تلك العلاقات على قدر كبير من الأهمية فى السنوات القادمة، وأضاف أن الجذور التاريخية للتجربة الهندية، ولاسيما التجربة السياسية والديمقراطية منذ الخمسينيات، تجعله حريصاً للغاية على بناء هذه العلاقة، وتطوير شراكة حقيقية حتى يفيد كل طرف الآخر، وهذا هو الهدف الأساسى لزيارته.
وأكد الرئيس مرسى على إدراكه التام بنجاح التجربة الهندية فى مجالات التعليم وتكنولوجيا المعلومات، ومكافحة الفقر والصناعات الصغيرة والإلكترونية، وقال إنه يتطلع بشغف للتفاعل المقبل مع التركيز على نقل التكنولوجيا الهندية، وأضاف إنه لا يستطيع أن يفوت الفرصة لتوجيه الشكر للشعب والحكومة الهندية على دعمهم القوى للثورة المصرية.
وتحدث الرئيس عن مشروع النهضة، والدور الذى يمكن أن تلعبه دول مثل الهند والبرازيل والصين لتحقيق رؤية هذا المشروع، وقال مرسى إن مشروع النهضة يغطى جوانب عدة مثل تعزيز القيم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وتمكين منظمات المجتمع المدنى مثل المنظمات غير الحكومية والنقابات والاتحادات العمالية.
وفى المجال الاقتصادى، قال "إن لدينا خططًا قوية للغاية على المدى القصير والمتوسط والطويل"، وأكد الرئيس على اهتمام مصر العميق بالانضمام إلى تجمع البريكس (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب أفريقيا) ليتحول إلى (إى- بريكس) وذلك عندما يتم تحريك الاقتصاد الوطنى.
وأشاد بالاقتراح الخاص بإنشاء بنك البريكس الذى سيدعم الدول لتحقيق معدلات نمو أعلى، وليكون بمثابة دور مكمل لصندوق النقد والبنك الدوليين والمؤسسات المماثلة.
وسألته الصحيفة: هل يمكن أن تعطينا لمحة عن مدى مشروع النهضة، فرد قائلاً: "إننا نتحدث عن مشروعات ضخمة واستثمارات إضافية تقدر بحوالى 200 مليار دولار. تغطى تنمية محور قناة السويس. فى الوقت الحالى، 20% من التجارة العالمية تتدفق عبر القناة، ونريد أن نزيد هذه النسبة بشكل قوى، ونعمل على تطوير مدن القناة، السويس والإسماعيلية وبورسعيد، باعتبارها المحور الاستراتيجى للتجارة العالمية.
فى الصناعة، لدينا مشروعات فى الإسماعيلية. ونحو شرق سيناء، لدينا الرؤية لبناء وادى سيلكون جديد مثل الموجود فى كاليفورنيا. والهند بالطبع متقدمة فى مجال تكنولوجيا المعلومات، ونأمل أن نستفيد منها. ومن المشروعات الكبرى الأخرى تطوير برودباند وهذا سيتم تنفيذه مع تطوير قناة السويس. إننا نتحدث عن التواصل مع الشركات الهندية التى تعمل فى منطقة الخليج للعمل معنا على تطوير مجال الخطة الأساسى. ولدينا مشروعات أخرى كبرى فى مجالات الزراعة. وحتى الآن، كل الصناعات فى مصر لها طبيعة تجميعية مثل السيارات، ونتطلع لأن يكون لدينا مشروعات أكثر تكاملا من البداية وحتى النهاية.
ولذلك فمن المهم الاستفادة من الدول التى لها تجارب استثنائية فى التحول من الفقر والمصاعب الاقتصادية إلى الاستقرار والرخاء، مثل الهند والبرازيل وسنغافورة.
وردت الصحيفة الهندية على ما قاله "مرسى" قائلة: "من خلال ما قلت وهو متاح فى المجال العام، فإنك عندما يتعلق الأمر بالتصنيع الثقيل، تنظر إلى الصين، لكن عندما يتعلق بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة فإن الهند تكون مناسبة، كما أنك تفكر فى أن تلعب الهند دورا فى قطاع تكنولوجيا المعلومات؟ فهل هذه هى الطريقة الصحيحة لتفسير رؤيتك؟
أجاب "مرسى" بالإيجاب، مضيفا أن الهند متقدمة أيضا فى مجال الصناعات العسكرية، ويجب أن يكون هناك علاقة فريدة فى هذا المجال.
وتحدث الرئيس أيضا عن حركة عدم الانحياز، التى تشارك الهند فيها، وقال إنه أكد خلال المؤتمر الأخير للحركة فى طهران على أهميتها وحاجتها لأن تصبح أقوى وتحدث توازنا مهما، وتؤكد على السلام الشامل فى العالم اليوم، مشيرا إلى أن أهداف الحكم العالمى لن تتحقق إلا عندما يكون هناك أمن وسلام لكل الدول المشاركة فى إدارة شئون هذا العالم.
وردا على سؤال عن العلاقات بين مصر وإيران بعد تبادل الزيارات بينه وبين رئيسها محمود أحمدى نجاد، وما إذا كان هذا يعنى تطلع مصر لمنع صدام شيعى سنى فى المنطقة، قال مرسى، إنه لا يوجد ما يسمى بالصراع السنى الشيعى. فهناك دين واحد وهو الإسلام، لكن هناك فقط تنوع، يعود ربما إلى المفاهيم الخاطئة وبعض الخلافات حول نقاط الفهم أو المواقف السياسية، وقال نحن حريصون على علاقتنا مع إيران مثلما هو الحال مع جميع الدول. وبينما تتقدم إيران فى مجالات محددة، إلا أنها تواجه تحديات، ومصر أيضا تواجه تحديات، إلا أننا نتطلع للحفاظ على علاقات قوية مع إيران، لكنه استدرك قائلا إنه لا مجال لأن يضر هذا بعلاقتنا مع دول أخرى أو مصالحها، فلدينا علاقات طبية مع الدول العربية، ولاسيما دول الخليج، وهم أشقاؤنا ومن المستحيل أن تؤثر علاقتنا بطهران على علاقتنا بأشقائنا. بل على العكس، فإن مصر حريصة على تقوية علاقتها مع دول الخليج.
وطرحت "الهندو" على الرئيس مرسى سؤالاً يتعلق بما إذا كان يجد نفسه فى وضع جيد للتوسط للحد من التوترات فى المنطقة، فى ظل علاقات مصر الودية مع إيران والخليج؟ فأجاب: نعم نحاول أن نفعل ذلك، وهذا واضح جدا فيما يتعلق بجهودنا فى سوريا، متحدثا عن اللجنة الرباعية التى تضم إيران والسعودية، وقال إن مصر تلعب دورا محوريا فى التقارب بين جميع الأطراف، وسنستمر فى لعب هذا الدور لمنع الانقسامات المتعلقة بالوضع فى المنطقة. كما أن الأزهر يلعب دورا مهما فى هذا الشأن لأنه رائد الاعتدال فى الإسلام، ولديه أيضا علاقات استثنائية مع هذه الدول.
وختمت الصحيفة مقابلتها مع مرسى بسؤال عن الأوضاع الداخلية فى مصر، وما إذا كانت قد تغلبت على الثورة المضادة وأسباب الاضطرابات المستمرة وخطة الرئيس للتغلب عليها.
وقال مرسى إن الثورة المصرية كانت هائلة، ومضى عامان وشهران، وكانت هذه مرحلة الانتقال. هناك تطلعات وتحديات هائلة، لكن فى نفس الوقت هناك البعض الذين لا يريدون تحقيق أهداف الثورة.
واعترف مرسى بوجود مشكلات، لكنه قال إنه يتعامل معها، وقال إن المرحلة الأخيرة ستكون الانتخابات البرلمانية، ومنها سنكون قادرين على تحقيق الاستقرار ومواصلة تحقيق الأهداف والمصالحة بين كل طبقات وقطاعات الشعب المصرى، وسيحدث هذا فى الأشهر القليلة المقبلة، وهناك ثمن يدفعه الناس للحصول على الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وما تخوضه مصر الآن هو جزء من دفع الثمن، والشعب المصرى قادر على عبور هذا والتغلب على هذه المرحلة الصعبة.
الرئيس مرسى لصحيفة "الهندو" الهندية: ما تشهده مصر جزء من ثمن الحرية.. نعم لدينا مشكلات لكننا نتعامل معها.. لا يوجد صدام شيعى سنى بالمنطقة.. لا مجال لأن تؤثر علاقتنا بطهران على علاقاتنا مع الخليج
الثلاثاء، 19 مارس 2013 03:23 م