مرة أخرى، كان الصحفيون يوم الجمعة 15 مارس 2013 على موعد مع التاريخ والثورة.. كانت المرة الأولى فى عام 2003 عندما هزم النقيب المستقل جلال عارف، المرشح الحكومى لمنصب النقيب فى سابقة كان لها ما لها.. فقد اختار الصحفيون حينها شعار "التغيير"، وحرروا سلم النقابة الذى صار حاضنة للحركات السياسية التى بشرت بالثورة.. شهد سلم النقابة مولد حركة "كفاية" التى فتحت الباب واسعا أمام انتفاضة القضاة ثم حركة 6 أبريل وغيرها.. ولا أخالنى مبالغاً إن قلتُ إن انتفاضة الصحفيين فى 2003 هى التى دشنت الحراك السياسى الذى تراكم وتصاعد حتى تُوج باندلاع ثورة 25 يناير العظيمة.
وسطر الصحفيون تاريخاً جديداً يوم الجمعة.. انعقدت الجمعية العمومية العادية فى غياب النقيب دون عذر للمرة الأولى فى تاريخ النقابة.. صحيح أن الأغلبية الساحقة من أعضاء الجمعية العمومية شعروا بكثير من الارتياح لتغيب النقيب، وخاصة أن مجرد دخوله النقابة فى الشهور الأخيرة كان كفيلاً بإثارة المشاكل والخلافات بين الزملاء.. ولكن تغيبه دون عذر كان سابقة خطيرة تنطوى على عدم احترام للجمعية العمومية، صاحبة السلطة الأعلى فى النقابة، وكان يجب توجيه اللوم إليه فى ذلك لأن التاريخ لا يعرف الخواطر.. ولكن الجميع تعاملوا مع الموقف على قاعدة "ابعد عن الشر وغنى له"!!.. والحقيقة أنه ما كان يجب إعفاء نقيب الصحفيين من إضافة هذه السقطة إلى سجل سوابقه السوداء التى ليس لها نظير فى تاريخ النقابة منذ إنشائها عام 1941.. فهو أول نقيب يستفيد من موقعه لتولى منصب أعلى مما كان يشغله وقت انتخابه، إذ قفز على منصب رئيس مجلس إدارة الأهرام بعد المشاركة فى جريمة "أخونة" المناصب العليا فى الصحف القومية عن طريق مجلس الشورى الإخوانى.. وهو أول نقيب يُحال إلى التأديب لأنه خالف قرار مجلس النقابة بمقاطعة اللجنة التأسيسية الباطلة المكلفة بوضع مشروع الدستور الجديد.. ولم يكتف بهذه المخالفة الفاجرة، بل كان أداؤه فى اللجنة واحتقاره من جانب رئيسها على الملأ أمراً مهيناً للصحافة والصحفيين لم يسبق له مثيل!!
ناهيك عن جريمة مشاركته فى دستور مشوه ومعيب معاد للحريات وخاصة حرية الصحافة والإعلام!!.. أما عن تخليه عن الدفاع عن حقوق زملائه، وتقاعسه عن السعى لتوفير الضمانات التى تكفل حمايتهم أثناء آدائهم لمهامهم، فحدث ولا حرج!!.. فحتى عندما بلغ الخطر تهديد الحياة والقتل، كما حدث فى حالة الشهيد الحسينى أبو ضيف الذى اغتالته ميليشيا الإخوان فى محيط قصر الاتحادية بينما كان يؤدى مهمته بصورة سلمية متسلحاً بكاميرته ليس إلا، فإن ذلك لم يحرك شعرة فى رأس النقيب الذى لم يقدم حتى واجب العزاء، فضلا عن الامتناع عن المطالبة بفتح تحقيق فى هذه الجريمة البشعة فى حق الصحافة!!
وفى غياب النقيب، نجحت الجمعية العمومية فى طى صفحته السوداء فى تاريخ نقابتنا العتيدة، واتخذت بالإجماع توصيات حاسمة وتاريخية أهمها رفض الدستور الإخوانى والمشاركة فى النضال من أجل إسقاطه، وكذلك إدانة الهجمة المنظمة التى يشنها الإخوان ضد الصحافة والإعلام، إضافة إلى التأكيد على القرارات المتتالية للجمعيات العمومية السابقة برفض التطبيع مع العدو الصهيونى حتى يحصل الفلسطينيون على حقهم الكامل فى تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس.. وكان من الأهمية بمكان صدور هذه التوصية الأخيرة فى هذا الوقت بالذات على خلفية الغزل الصريح والفج بين الإخوان وتابعتهم "حماس" من جانب، وبين أمريكا وإسرائيل على الجانب الآخر!!
غير أن أهم ما تمخضت عنه الجمعية العمومية هو السقوط المدوى لكافة المرشحين الذين كانت تدعمهم جماعة الإخوان، وخاصة المرشح على منصب النقيب الذى كان منتمياً للحزب الوطنى وترشح على قوائمه فى الانتخابات البرلمانية من قبل، ومع ذلك لم يجد الإخوان غضاضة فى تأييده فى إطار تعاونهم مع فلول الوطنى فى مختلف المجالات وأبرزها المناصب العليا فى المؤسسات الصحفية.. وليس صحيحاً بالمرة أن الإخوان لم يكن لهم مرشحون فى هذه الانتخابات، وإنما ذلك هو ديدنهم فى الكذب والمراوغة.. ففى كل مرة يدفعون بكوادر "نشطة" أو "نائمة" ويقدمون لها الدعم المادى والتنظيمى فإذا نجحوا اعترفوا بهم وتفاخروا، أما إن لم يحالفهم الحظ فإنهم يتبرأون منهم بلا خجل!!
ولكن يبقى الإنجاز الأهم والأبرز، بل والتاريخى، لجمعيتنا الأخيرة هو انتخاب الزميلة "حنان فكرى" لعضوية المجلس، وتلك هى أم المفاجآت بلا جدال.. فهى أول صحفية مسيحية تفوز بعضوية المجلس فى تاريخ النقابة.. وكونها امرأة ولا تنتمى إلى مؤسسة صحفية كبيرة، جعل من فوزها مسألة شبه مستحيلة، وخاصة فى ظل التعصب "القبلى" للمؤسسة، وكذلك الاستقطاب الطائفى الذى أصاب حتى الأسرة الصحفية منذ فتح النظام الساداتى أبواب مصر أمام طاعون التطرف الدينى الذى "ضعضع" هوية البلاد، وأثار رياح الكراهية والعنف التى أزهقت روحه وأرواح آلاف الأبرياء!!.. ورأيى المتواضع أن سر نجاح حنان يرجع أولاً إلى إصرارها على مواصلة نشاطها الثورى والنقابى بنفس الحماس رغم عدم نجاحها فى الانتخابات السابقة.. ولكن الأهم من ذلك أن الجماعة الصحفية اكتشفت، مثل أغلب المصريين، كذب الإخوان ونفاقهم وخيانتهم للثورة ودماء الشهداء، وفشلهم الذريع فى الحكم، وتورطهم فى التحريض والقتل، والعدوان الممنهج على حقوق المرأة والمسيحيين.. وربما تؤسس الجمعية العمومية الأخيرة لنقابة الصحفيين لموجة ثورية جديدة، ولكن الأهم والمؤكد أنها بدأت بالهتاف بسقوط حكم المرشد وانتهت بإعلان النجاح الباهر وغير المسبوق لصحفية مسيحية!!
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري مش فاهم حاجة
مبروك حنان وربنا معاكي
ربنا يكون معاكي في مواجهة الاشرار اقصد الاخوان
عدد الردود 0
بواسطة:
سامى السيد
العمل الجماعى
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود محمد حميد
كلام مرسل من شخص متحامل علي الاخوان
عدد الردود 0
بواسطة:
زياد عبد الرحمن
تجربة تستحق الوقوف
عدد الردود 0
بواسطة:
صحفى حر
النقر يقاتل عدواً غير موجودا
عدد الردود 0
بواسطة:
ســعيد متولـى
و إيه منعكـم تنجحــوا حنان الإنتخابات السـابقة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد الهواري
الكيل بمكيالين
عدد الردود 0
بواسطة:
د. حسين محمود
الحق لابد أن ينتصر في النهاية
عدد الردود 0
بواسطة:
miso
حسبى الله ونعم الوكيل
عدد الردود 0
بواسطة:
عادل ميلاد
كف عن المغالطات يا سيد نقر