للمرة الثانية منذ دخوله البيت الأبيض والأولى منذ نجاحه فى الحصول على فترة رئاسية ثانية، يزور الرئيس الأمريكى باراك أوباما المنطقة، وبينما كانت تهدف الأولى لفتح أواصر تعاون جديدة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامى بعد التوتر الذى شاب علاقة الطرفين على إثر تفجيرات الحادى عشر من سبتمبر 2011، فإن الزيارة الثانية لا تتمتع برفاهية الحوار أو الخطب الرنانة على غرار تلك التى أدلى بها فى جامعة القاهرة عام 2009.
وتأتى الزيارة المقررة لأوباما هذا الأسبوع إلى المنطقة وتحديدًا دولة إسرائيل وفلسطين والأردن وسط العديد من التوترات والاضطرابات التى تموج ببلدان الشرق الأوسط وحلفاء واشنطن، وقد يحتاج الرئيس الأمريكى للتعامل مع العديد من القضايا والملفات الحساسة خلال رحلته وعلى رأسها التهديدات التى تواجه إسرائيل من ناحية الحدود مع سيناء التى يسيطر عليها الجماعات الجهادية المسلحة والحرب الأهلية فى سوريا التى تمثل أيضا تهديد للحدود الإسرائيلية وقضية السلام مع الفلسطينيين والتى تتضمن بشكل رئيسى قضية التوسع الإستيطانى فى ألأراض الفلسطينية.
ويحتاج أوباما بعد أربع سنوات من العلاقات الباردة لإعادة تحسين علاقته مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو، ورغم أن أوباما لن يحمل خطط كبيرة جديدة للسلام فى الشرق الأوسط، وفيما أكد مسئولون من إداراته لوكالة الأسوشيتدبرس، فإنه العمل على إصلاح العلاقة مع نتانياهو، الحليف الرئيسى لواشنطن والذى على خلاف دائم مع أوباما، هو فى حد ذاته خطوة حاسمة نحو إعادة فتح الطريق للسلام فى المنطقة.
أكد البيت الأبيض، أن الرئيس الأمريكى سيركز خلال زيارته على فتح بداية جديدة مع نظيره الإسرائيلى، وقال إيتان جلبوع، خبير العلاقات الأمريكية الإسرائيلية بجامعة بار إيلان فى إسرائيل، إن المحادثات بين أوباما ونتانياهو، قد تقود إلى صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين والعلاقة الشخصية بينهما.
وقد دب الخلاف مبكراً بين أوباما ونتانياهو منذ بداية الفترة الرئاسية الأولى للرئيس الأمريكى، ففى زيارة لواشنطن، أعطى رئيس الوزراء الإسرائيلى محاضرة لأوباما بشأن مزالق صنع السلام، وألقى كلمة فى الكونجرس تبدو أنها تحشد التأييد ضد أوباما، كما أن مدح نتانياهو لميت رومنى، المرشح الجمهورى للانتخابات السابقة والصديق القديم لرئيس الوزراء الإسرائيلى، يبدو أنه أغضب البيت الأبيض، هذا بالإضافة إلى خلاف رأيهما على مستوى قضية الاستيطان والملف النووى الإيرانى.
لكن بأى حال لن تخلو محادثات أوباما مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو من العلاقات مع الحكومة المصرية الجديدة ولاسيما بعد الكشف عن التصريحات المعادية لليهود التى أدلى بها الرئيس محمد مرسى قبل ثلاث سنوات والتى كانت محور حديث السيناتور الجمهورى البارز جون ماكين والوفد الأمريكى الذى زار مصر يناير الماضى، حيث طالبت واشنطن الرئيس المصرى بتوضيح تصريحاته وهو ما خضع له مرسى بالفعل قائلا أن تصريحاته مجتزأة من سياقها.
بالإضافة للوضع السياسى المتوتر فى مصر والعنف الذى يشهده الشارع المصرى سواء من قبل الشرطة أو المتظاهرين، وهو ما دفع الإعلام الغربى للتأكيد على فشل مرسى فى التعامل مع المعارضة وسيره على النهج الاستبدادى لسلفه المخلوع.
وتؤكد وكالة الأسوشيتدبرس، أنه من المتوقع أن يتناول أوباما ونتانياهو فى حديثهما العنف فى سوريا والتوتر السياسى فى مصر، البلد العربى الوحيد الذى يحتفظ باتفاق سلام مع إسرائيل، وهو ما دفع دان شابيرو، السفير الأمريكى فى إسرائيل، لوصف أجندة أوباما الإقليمية خلال زيارته لإسرائيل بالملحة جدا.
ويقول برينت بودويسكى، المستشار السابق بالكونجرس، إنه يجب على الرئيس مرسى أن يختار بين احترام التطلعات الديمقراطية لشعبه وتأييد تطلعات كل من الفلسطينيين والإسرائيليين.
وأضاف قائلاً: "سيكون خطأ مأساوى لمصر ولجيشها أن يتوقعا دعم أمريكى دائم لنظام مثل نظام مبارك يمارس القمع الوحشى".
ويقترح بودويسكى وفق مقال نشر مؤخراً بصحيفة "ذا هيل" المقربة من الكونجرس أن تعمل الولايات المتحدة مع البلدان الرئيسية الحليفة على نسخة مصغرة من "خطة مارشال" مداها ثلاث سنوات بمبلغ 1 تريليون دولار تشمل مساعدات وقروض وائتمان وتعاون تجارى لكل من إسرائيل ومصر والأردن ولبنان وفلسطين وغيرها للتصديق على اتفاقات السلام بين إسرائيل وجيرانها.
ويشير المستشار السابق للكونجرس، إلى أن جميع أنحاء الشرق الأوسط اليوم، من تل أبيب إلى طهران ومن القاهرة إلى غزة، هناك تتوق إلى وضع حد لانتصار المذابح على حساب التعايش وإنهاء هجمات الكراهية على الأمل. فهناك جيل من الشباب يطالب بحقه الطبيعى فى حياة أفضل وجيل من النساء يتطلع إلى العدالة وعالم من الفرص وكذلك جيل من الرجال والنساء، المسلمين واليهود والمسيحيين والعلمانيين الساعى للحرية من الطيغان والعبث والفقر، لكنهم جميعا يجدون تطلعاتهم رهينة هيمنة سياسيون ودبلوماسيون ذو عقول ضيقة لا يزالوا غير ملتفتين للدماء والدمار الذى تعانى منه المنطقة.
وقبيل زيارة الرئيس الأمريكى للمنطقة، يدعو مستشار الكونجرس واشنطن وحلفاءها من المحيط الأطلنطى إلى المحيط الهادئ والصين وروسيا والبنك الدولى وصندوق النقد الدولى والمجموعات الخاصة مثل مبادرة كلينتون العالمية للبدء على الفور فى وضع مشروع تاريخى بقيمة تريليون دولار، يشمل المساعدات الاقتصادية والقروض المتطورة والائتمانات التجارية، فى سبيل رفع مستوى معيشة تلك البلدان التى تصدق على اتفاقات السلام. وهو ما من شأنه أن يبعث رسالة قوية بشأن تكاليف الدماء ومنافع السلام.
ويؤكد بوديسكى، أن الوقت هو المناسب للاختيار بين الدماء والتعايش، وبالنسبة لإسرائيل والفلسطينيين ليس هناك سوى خيار واحد وهو حل الدولتين، وليس بديلاً لا يضمن مستقبل من الرعب والبؤس لكلا الطرفين الدولة اليهودية والشعب الفلسطينى.
وأضاف: "بالنسبة للرئيس مرسى فلابد من أن يدرك أنه خطأ مأساوى له ولجيشه أن يتوقعا استمرار الدعم الأمريكى لنظام يمارس القمع الوحشى ضد شعبه، أما ما يخص إيران، فإن الخيار الذى أمامها هو بين حل القضايا النووية دبلوماسيا لوضع حد للعقوبات الدولية أو مواجهة شكل من أشكال العمل العسكرى الذى سيصبح خيار لا مفر منه فى حال فشلت الجهود الدبلوماسية".
الرئيس الأمريكى يزور المنطقة فى مناخ ساخن.. الزيارة تركز على إصلاح علاقة أوباما ونتانياهو.. وتوقعات بالتركيز على مصر وسوريا.. مستشار سابق بالكونجرس يطالب أوباما بالإعداد لـ"خطة مارشال"فى الشرق الأوسط
الإثنين، 18 مارس 2013 12:07 م