أودعت محكمة جنايات الجيزة المنعقدة بالتجمع الخامس حيثيات حكمها ببراءة كل من وزير السياحة السابق زهير جرانة ورجل الأعمال هشام الحاذق، فى قضية الاستيلاء على 5 ملايين متر مربع من أراضى العين السخنة.
قالت المحكمة فى حيثيات حكمها برئاسة المستشار حسام دبوس، وبعضوية المستشارين زكريا شلش ومجدى عبد البارى وبأمانة سر محمد الجمل ومحمد طه، إنه بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الشهود ومرافعة النيابة العامة والمدعين بالحق المدنى والدفاع وما دار بجلساتها فقد ثبت فى يقينها أن أدلة الإثبات المقدمة فى الدعوى التى تستند إليها النيابة العامة قد جاءت قاصرة عن بلوغ حد الكفاية ولا تطمئن إليها المحكمة لإدانة المتهمين لأسباب أهمها:
أولا: أن المحكمة لا تطمئن إلى ما انتهى إليه تقرير اللجنة المشكلة من خبراء الكسب غير المشروع، بأن سعر المتر المربع فى الأرض التى تم تخصيصها لشركة النعيم للفنادق والقرى السياحية بواقع 10 دولارات، إذا جاء بهذا التقرير أنه لا يوجد تعاملات قد تمت من قبل الهيئة على مساحة بنفس القدر من الأرض بذات المنطقة، كما خلا التقرير مما يفيد أن اللجنة قد قامت بمعاينة الأرض محل الفحص من حيث كلفة تهيئتها لإقامة المشاريع المزمع إنشاؤها أو وجود أرض مماثلة بيعت بسعر يقارب السعر الذى حددته اللجنة وهو 10 دولارات للمتر المربع وفى ذات وقت التخصيص للشركة التى يملكها المتهم الثانى وآخرون.
ثانيا: المحكمة تطمئن إلى الشاهد سراج الدين سعد حامد رئيس الإدارة المركزية بهيئة التنمية السياحية والذى شهد أمام المحكمة بجلسة 18 يونيه عام 2011، أن الدكتور ممدوح البلتاجى، وزير السياحة الأسبق، أصدر قرارا بتشكيل لجنة فنية بصفته رئيس مجلس إدارة الهيئة بتقدير ثمن بيع المتر من الأرض، والتى انتهت إلى تقديره بواقع دولار واحد للمتر المربع ، وقد استمر العمل بهذا التقرير حتى عام 2008، وقد تم تخصيص بعض قطع الأراضى بذات السعر لشركات أخرى غير شركة النعيم واعتمدها الوزير المذكور باعتبار أن هذه الأراضى صحراوية وأنه لا يوجد مخالفات للتخصيص لشركة النعيم.
وأضاف الشاهد أن الوزير "البلتاجى" قد أخطر مجلس الوزراء بهذا التقرير للسعر فى ذلك الوقت، وأن التصرفات القانونية للهيئة العامة للتنمية السياحية لا تخضع للمناقصات والمزايدات حتى يوليو 2008، كما أن هناك حالات استبدال للأرض تمت لصالح شركات أخرى غير الشركة، التى تخص المتهم الثانى ومن ثم يكون ما أثارته النيابة العامة عن مخالفة المتهم الأول لأحكام المادة "12" من قرار رئيس الوزراء رقم 2908 لسنة 1995 على غير أساس متعينا الالتفاف عنه كما تلتفت المحكمة عما ورد بالمرافعة التى أبدتها النيابة العامة، بأن الأرض المجاورة لتلك الأرض قد بيعت بسعر 10 دولارات للمتر المربع، لعدم تقديم ثمة عقود أو تخصيصات تفيد ذلك وفى تاريخ معاصر لتخصيص الأرض محل النزاع.
والتفتت المحكمة أيضا عما ورد بتحريات هيئة الرقابة الإدارية بذات المضمون لذات السبب فضلا عن أن التحريات ليست سوى مجرد رأى لمجريها، تعتمد على مجرد تنافر أخبار أو ادعاءات تحتمل الصدق أحيانا والخطأ أحيانا أخرى ما لم تكن مدعمة بدليل مادى يساندها.
ثالثا: إن اتهام النيابة العامة للمتهمين الأول والثانى بالتربح والإضرار العمدى بالمال العام لقيام الأول بتخصيص قطعة أرض بمساحة ضخمة بدون وجه حق، حيث إنه لما كان الثابت من محضر اجتماع مجلس إدارة الهيئة للتنمية السياحية فى 26 نوفمبر لعام 2006 من رئيس الجهاز التنفيذى للهيئة والذى يختص بمعاونة مجلس الإدارة فى إدارة الهيئة وتصريف شئونها وفقا لنص المادة رقم "7" من قرار رئيس الجمهورية رقم 374 لسنة 1991 قد عرض على مجلس الإدارة مذكرة مضمونها أنه بتاريخ 31 يوليو لعام 2006، ورد كتاب اللواء بكر الرشيدى محافظ البحر الأحمر بالموافقة على تخصيص قطعة أرض بمساحة 5 ملايين متر مربع بمنطقة "جمشة" لإقامة مشروع سياحى للمتهم الثانى هشام الحاذق بتاريخ 3 أغسطس لعام 2006، ثم عرض الطلب على مجلس إدارة الهيئة والذى قرر الموافقة من حيث المبدأ على الطلب المقدم من المحافظ على أن يقوم المستثمر باستيفاء نموذج طلب التخصيص وتقديم الملائحة المالية، وهو ما يقطع بأن مجلس إدارة الهيئة قد وافق من حيث المبدأ على تخصيص مساحة تطابق المساحة موضوع الدعوى، وإن كان قد تم استبدالها فيما بعد أو استبدال جزء منها مما لا يتوافر معه الركن المعنوى لدى المتهمين بالإضرار والتربح ولن يثبت مخالفة المتهم الثانى لإجراءات واستيفاء نموذج طلب التخصيص مما يؤكد اطمئنان المحكمة إلى شهادة سراج الدين التى أبداها أمامها.
وأشارت المحكمة إلى أنها اطمأنت إلى تقريرى اللجنة المشكلة من هذه المحكمة من عضوين بالجهاز المركزى للمحاسبات وباقى أعضاء اللجنة بأن موقع الأرض بالعين بشركة النعيم لم يكن مدرجا ضمن مخططات التنمية بالمنطقة السياحية، وظل مستبعدا من الطرح منذ إنشاء الهيئة، نظرا لطبيعتها الجبلية الوعرة وتحتاج الأرض، محل الدعوى، لاستثمارات ضخمة لتنميتها، وبدلا من إتاحة الفرصة لاستثمار أرض صحراوية وعرة لإقامة مشروع مميز بما يوفر فرص عمل وجذب سياحى إذا بالإجراءات المتبعة ضد المتهمين تعيد الأرض إلى طبيعتها الجبلية الوعرة وحيث إنه لما تقدم وكان الشك قد ران على أدلة الإثبات فى الدعوى وكانت الأحكام القضائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين وليس على الحدث والتخمين وأن الشك يفسر دائما لصالح المتهم الأمر الذى يتعين معه القضاء وفقا لما ارتأته المحكمة حسبما استقر فى يقينها ببراءة المتهمين.
كانت النيابة العامة قد وجهت تهمة تخصيص أراضى الدولة بغير حق لجرانة، وتسهيل حصول المتهم الثانى عليها، حيث إن جرانة قام بتخصيص قطعة أرض مساحتها 5 ملايين متر مربع بالعين السخنة لصالح شركة النعيم، التى يمتلكها رجل الأعمال الإماراتى هشام الحاذق، بسعر دولار واحد للمتر بالأمر المباشر، بالمخالفة لتوثيق مجلس إدارة الهيئة العامة للتنمية السياحية.
فى حيثيات الحكم ببراءة جرانة والحاذق.. أدلة النيابة قاصرة ولم تقنع المحكمة لإدانتهما.. تحريات الرقابة لم تكن مدعومة بدليل .. وتقرير اللجنة المشكلة من "الجنايات" نفى التهمة وأثبت اتباعهما طرقا قانونية
الأحد، 17 مارس 2013 01:52 م