توقع الكثيرون باستقرار أوضاع البلاد، بعد فوز الرئيس مرسى برئاسة مصر منذ يونيو الماضى، ولكن على عكس جميع التوقعات، لم يتحقق ما يصبو إليه جميع المصريين، ويتطلع إليه جميع المراقبين للأوضاع على الساحة السياسية، بل ازدادت الأوضاع سوءاً على المستوى السياسى والاقتصادى.
ومن هنا ثار الجدل بين المؤيدين والمعارضين للنظام الحاكم، ومن ثم انقسم الشعب المصرى إلى فريقين، الأول منهم مؤيد لمؤسسة الرئاسة على طول الخط، ويبرر الوضع الحالى بأنه نتاج نظام مبارك، وما تمخض عنه من فساد انتشر فى جميع مؤسسات الدولة، لذا ينبغى –كما يرى هذا الفريق- إتاحة الفرصة للنظام الحاكم للعمل لفترة من الوقت، وليس مجرد تقييم السياسات بعد ما يزيد عن ثمانية شهور فقط فى مؤسسة الرئاسة.
أما الثانى، ويضم أغلب المعارضين بما فيهم القوى السياسية المعارضة، والثوريين، وأهالى الشهداء، وغيرهم من المواطنين ممن ليس لهم أى انتماءات حزبية، ويرى هذا الفريق أن الرئيس منذ انتخابه لم يحقق أى إنجازات تذكر للمواطن البسيط –الذى قامت من أجله الثورة- بل ازدادت معدلات الفقر.
وبغض النظر عن بعض التحيزات للمؤيدين والمعارضين، فما يهمنا هنا تحليل المشهد السياسى المصرى بموضوعية، باعتبار المرحلة الحاسمة التى تمر بها البلاد فى تحولها الديمقراطى، واستناداً إلى تصريحات الرئيس خلال خطابه فى ميدان التحرير خلال مراسم تنصيبه رئيساً للجمهورية، والذى قال فيه الرئيس مرسى آنذاك: "إن أخطأت فقومونى".
مؤشرات أزمة مؤسسة الرئاسة فى الحكم خلال المرحلة الحالية
أولاً: أزمة صنع القرار
اتسمت عملية صنع القرار المصرى منذ تولى مرسى الرئاسة، بالارتباك والتراجع، ويتجلى ذلك من خلال قرارات عدة، من بينها قرار الرئاسة بعودة مجلس الشعب، وقرار زيادة الضرائب على بعض السلع، ثم التراجع عن تطبيق تلك القرارات، مما يعطى انطباعاً عن تدنى مستوى الإدارة داخل مؤسسة الرئاسة، وعدم وجود التنسيق الكافى والتشاور بين المسئولين المعنيين لمناقشة عواقب أياً من القرارات المطروحة للإصدار.
ثانيا: غموض السياسات الاقتصادية للحكومة
لم تعلن الحكومة المصرية حتى الآن خطة واضحة تعبر فيها عن سياساتها الاقتصادية خلال المرحلة القادمة لإدارة البلاد، ولكن كما يبدو أن السياسات الاقتصادية باتت رهينة سياسات وشروط المنظمات الدولية، فعلى سبيل المثال قامت الحكومة المصرية بسياسات معينة للحصول على قرض صندوق النقد الدولى –ولم تحصل عليه بعد- بالرغم من أنه كان ينبغى على الحكومة اعتماد سياسات معينة للنهوض بالوضع الاقتصادي، وليس مجرد الارتكان إلى الاقتراض من الخارج، وتجدر الإشارة هنا إلى حالتى كل من تركيا وروسيا خلال نهضتهم، بعد أن كادت كلتا الدولتين أن تعلن إفلاسها، ولكن رفضت حكوماتهم مبدأ القروض، واعتمدوا على الموارد الداخلية.
ثالثاً: عدم السيطرة على العنف داخل المجتمع
ويتجلى الأمر بوضوح خلال الفترة الراهنة فى محاكمة المتورطين فى مذبحة بورسعيد، وعدم رضاء الكثيرين عن الأحكام القضائية، سواء من أولتراس أهلاوي، أو أهالى بورسعيد مما نتج عنه أحداث عنف وقتل، وقام البعض بحرق بعض المؤسسات الهامة، آخرها مبنى اتحاد الكرة، الذى يحتوى على أهم إنجازات الرياضة المصرية، والتساؤل الذى يثير نفسه هنا: هل أصبحت الغلبة للقوى فى ظل غياب دور مؤسسة الرئاسة لإنقاذ الأوضاع؟.
رابعاً: انعدام آلية الشفافية
تهمل مؤسسة الرئاسة تقديم تقارير تفصيلية لعرضها على الشعب – باعتبار السيادة للشعب- من خلال وسائل الإعلام بأهم أعمالها خلال افترى الماضية، كما تغفل توفير قاعدة بيانات للإجراءات التى تتخذها خلال المرحلة القادمة للخروج من الأزمة القائمة.
خامساً: الانقسام السياسى.
تشهد مصر تصاعد فى زيادة حدة الاستقطاب السياسى حتى داخل تيار الإسلام السياسى ذاته، مما ينذر بأزمة طاحنة ستعصف بالبلاد، إن لم تدرك مؤسسة الرئاسة والنظام الحاكم ذلك، ولا أن يقتصر رد الفعل على مجرد تصريحات ليس لها أى جدوى.
سارة محمود خليل تكتب: مؤسسة الرئاسة المسئولة عن الأزمة الحالية
الأحد، 17 مارس 2013 08:57 ص