للأسف الشديد أن كل التبعات فى التصدى ومحاولة إفشال سيناريو الإفشال، لا يقع إلا على عاتق طرف واحد فقط، وهو السبب الأساسى للمشكلة، وهو النظام الذى أدت الثورة إلى وصوله للحكم.
ولا يتحمل أى طرف آخر أى تبعات بهذا الخصوص. وأنا أعتقد أن غريزة البقاء، التى أدت باللاعب الرئيسى لتنفيذ هذا السيناريو، هو نفس السبب الذى يجب أن يدفع النظام الوليد لإفشال هذا السيناريو والعمل بكل الوسائل ليقدم نموذجا ناجحا للعمل السياسى للمنطقة والعالم كله، وإنه فى حالة نجاح سيناريو إفشال النظام والثورة المصرية فإننى متأكد بأن حركات الإسلام السياسى سوف يتم إقصاؤها تماما عن أى واجهة للعمل السياسى السلمى فى المنطقة كلها لعقود طويلة.
وبناء عليه يجب على النظام الوليد أن يعى تماما جسامة التحديات التى يتعرض لها والمصدر الحقيقى، وليس فقط العوارض التى تطفو على السطح، يجب أن تتسم ردود أفعاله بقدر كبير من الحكمة فى التصرف والتوقيت، ومن الثقة بالنفس مع وضوح الرؤية، وإظهار القوة والصلابة فى التصميم على النجاح.
يجب عليه أن ينتقل من موقع المفعول به إلى الفاعل، بأن يتوقع خطوات حاسمة وتحضير عدة سيناريوهات لكل مشكلة محتملة لمنع حدوثها أو وأدها فى بدايتها.
يجب أن يسارع فى التعامل بكل حكمة وحزم لإنهاء عوارض عدم الاستقرار الحاصلة وعدم السماح لها بالاستمرار والازدياد.
ويجب عليه أن يحتوى بكل ذكاء الأطراف المحلية والإقليمية حتى لو استدعى الأمر أن يقدم بعض التنازلات فى مقابل الاستقرار للبناء والنجاح.
وكما ذكرت سابقا فإن تلك الأطراف المحلية والإقليمية ليست هى الأطراف الفاعلة حقيقة فى هذا الصراع ومهما وصلت الخصومة فإنها تنتهى عند حدود وجود خطر داهم على الوطن ليلتقى الجميع راغبين أو راغمين فى النهاية تحت مظلة الوطنية والقومية.
ولذلك فإننى أؤكد أن اللاعب الرئيسى سوف يحرص كل الحرص ألا يتعرض الوطن لخطر داهم فى هذه المرحلة حتى لا يلتئم شمل الفرقاء.
وأن هذا سيكون فقط السيناريو القادم إذا فشل فى التخلص من النظام أو تطويعه والاطمئنان من جانبه، ونجح النظام فى استيعاب الأطراف الإقليمية والمحلية إلى جانبه. يجب على النظام أن يسارع فى بناء جسور ثقة ومحبة خالصة قوية وصلبة بينه وبين كل القيادات الرسمية والسياسية والشعبية على مختلف المستويات لكسب ولائهم، فإذا كان معيار الكفاءة فى تقلد الوظائف المختلفة هو ضمان النجاح فإن الولاء هو ضمان الاستقرار لتنفيذ هذا النجاح. ولا أقصد هنا الولاء الأيديولوجى ولكن أقصد الولاء الوطنى، بأن تحرص القيادة على إشعار كل من حوله إخلاصه للوطن ومما لاشك فيه أن الإخلاص النابع من القلب يصل إلى القلب وخصوصا إلى المحايدين والمخلصين لهذا الوطن وهم كثير جدا وأكثر تأثيرا من الحاقدين الكارهين.
يجب على النظام أن يفكر جديا فى القيام بخطوات إيجابية، عاقلة، ومؤثرة من شأنها أن تربك حسابات اللاعب الرئيسى وتشتت تفكيره وتحول اهتمامه لمحاولة الرد على هذه الخطوات فيصبح فى مكان المفعول به، ويتم وضعه دائما تحت ضغوط سياسية مختلفة تقلل من اهتمامه بالشأن الداخلى المصرى.
يجب عليه أن يبدأ فورا فى تنفيذ مشاريع تنموية ضخمة تستحوذ على اهتمام الداخل وتوجه طاقة عموم الشعب إلى البناء وتحل مشكلات البطالة، وإذا كان التمويل مشكلة فيجب عليه إيجاد حلول وطنية وعملية مبتكرة وسريعة لحل مشكلة التمويل.
يجب عليه فورا ودون أى تردد أن يثبت للجميع بشفافية كاملة ويحقق الحد الأدنى من التوافق الوطنى بين مختلف القوى والفئات الوطنية حتى لو لزم الأمر لأن يقدم بعض التنازلات من أجل تحقيق الاستقرار، وعليه أن يفضح بكل وضوح للشعب كله الفئات التى لا تريد التوافق بأى ثمن ولكن فقط تتصلب لموقفها الأحمق حتى ولو كان سيؤدى إلى انهيار الوطن. ساعتها سيكون الخارج عن التوافق الوطنى إنما هى فئة قليلة سيرفضها المجتمع وتنتهى بأن يأكلها حقدها وحمقها.
وفى الختام أؤكد أن نجاح تيار الإسلام السياسى فى حكم مصر سوف يقلب كل موازين القوى فى العالم ولذلك فإنه سوف يواجه تحديات ضخمة تعوق طريقه وتحاول إفشاله، ولذلك فمن المؤكد أيضا أن القائمين على هذا الأمر يجب أن يكونوا على قدر المسئولية الضخمة الملقاة على عاتقهم ويتحلوا بقدر كبير من الحكمة وسرعة البديهة، باذلين كل طاقتهم، داعين الله أن يرزقهم والأمة كلها التوفيق والسداد.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
magdy
رأي حكيم