أحمد ماهر
أحمد ماهر يكتب: تاريخ من الازدواجية والتناقض.. شعارات سيادة القانون واستقلال القضاء يرفعها من يريد تحقيق أهداف الثورة ومن يقف ضد الثورة ويرغب فى عودة النظام القديم فى نفس الوقت
الخميس، 14 مارس 2013 08:48 ص
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فوجئنا مؤخرا بإطلاق دعوات لعودة حكم العسكر مرة أخرى بعد الفشل الذريع الذى نراه يوما بعد يوم فى أداء مرسى فى جميع المجالات.. عناده هو وجماعته ورفضهم لأى توافق حقيقى يحل الأزمة الحالية.
للوهلة الأولى ربما تتخيل أن من يقوم بترويج تلك الفكرة ويجمع توكيلات لعودة حكم العسكر هم الائتلافات الوهمية التى صنعها العسكر بعد الثورة مباشرة للوقوف ضد الثورة أو للتشتيت والتشكيك فى المجموعات والأفراد التى أطلقت شرارة الثورة، وهذا حقيقة وبعضهم بالفعل يعمل على التبشير بعودة العسكر مرة أخرى وأنها هى الحل للنجاة من استبداد الإخوان، وأيضا ربما تشارك بعض المجموعات التى كانت موالية للنظام القديم فى الدعوة لعودة العسكر وهذا منطقى، فنظام الحكم العسكرى فى 2011 و2012 ما كان إلا امتدادا للمنظومة الفاسدة التى تحكمنا منذ عشرات السنين، ولكن المثير للدهشة أكثر أن بعض من يطالبون الآن بعودة حكم العسكر من أجل إنقاذهم من الحكم الفاشل والمستبد للإخوان هم من كانوا يهتفون بسقوط حكم العسكر قبل تولى مرسى لرئاسة الجمهورية، ألهذه الدرجة يئس البعض من الإصلاح وتحقيق أهداف الثورة؟
أيصل بنا الحال لأن يطالب بعض الثوريين الذين وقفوا ضد حكم العسكر الفاشل والمستبد بعودة حكم العسكر مرة أخرى؟ هل تناسى البعض أن كل ما نحن فيه الآن هو بسبب حكم العسكر ومحافظتهم على النظام القديم وتحالفهم مع الإخوان وإدارتهم السيئة لشؤون البلاد.
هل تناسى البعض استفتاء مارس 2011 ورفض المجلس العسكرى لمطالب الثورة بالدستور أولا، وهل تناسى البعض أن هذا المسار الذى فرضه العسكر علينا هو السبب الرئيسى فيما نحن فيه الآن، هل تناسى البعض المحاكمات العسكرية للمدنيين ومذبحة ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء، هل تناسى البعض المجهود الضخم الذى بذله العسكر فى تشويه وشيطنة صورة الثورة والثوار... فكيف يطالب البعض بعودة العسكر أو يعمل البعض على ذلك أو يوافق البعض على تلك الفكرة. أتفهم أن البعض وصل به الإحباط لأقصى الحدود وهو يرى الفشل المستمر لمرسى وجماعته وأنهم لا يهمهم فقط إلا السيطرة على السلطة والحكم وفقط، ولكن أن يرى البعض أن الحل هو أن يرحل الإخوان بأى طريقة ولو حتى عن طريق عودة من تسبب أصلا فى هذا المسار فهو تفكير غريب ويميل إلى الاستسهال بدلا من بذل المجهود فى خلق البدائل. ليس هذا هو الموقف الوحيد الذى ربما يكون فيه تناقض وازدواجية، فمنذ أيام قضت محكمة القضاء الإدارى بوقف الانتخابات البرلمانية وإحالة القانون للمحكمة الدستورية، وما أن تم إعلان الحكم حتى عاد الجدال القانونى والدستورى مرة أخرى حول هل القانون مخالف للدستور ويجب إعادته للمحكمة الدستورية أولا وتأجيل الانتخابات، وهل هذا يعتبر اعترافا بالدستور المعيب؟ وهو الجدل الذى لم يتوقف منذ قيام الثورة حتى الآن، فجميع الأطراف منذ بداية الثورة يتبارزون بالحجج القانونية، حتى ضاعت الثورة فى جدل قانونى ودستورى منذ بدايتها حتى الآن، البعض يتحجج بالشرعية الدستورية والبعض يتحجج بالشرعية الثورية، ثم تتبادل الأدوار تارة أخرى وتجد من كان يتحجج بالقانون منذ شهرين يتحجج الآن بالثورة والتطهير. حتى فقهاء القانون بعد تعايشهم لمدة 60 سنة مع نظام يوليو العسكرى أصبحوا هم القبلة حاليا لدى الشعب لتفسير تلك الأمور الغائبة عن الشعب فيما يشبه فوازير قانونية يعجز بعض الفقهاء القانونيين والدستوريين عن تفسيرها فى بعض الحالات.
ويرصد الدكتور عمرو الشلقانى فى مقدمة كتابه «ازدهار وانهيار النخبة القانونية المصرية» هذه الفوازير والتناقضات، وكان استفتاء مارس 2011 هو أول هذه الفوازير حول سقوط دستور 71 أو استمراره، واختلاف الإعلان الدستورى عن المواد التى تم الاستفتاء عليها، ثم ندخل فى فوازير انتخابات مجلسى الشعب والشورى فى 2011 ونسب الفردى والقوائم، ثم جدلية الجمعية التأسيسية للدستور والاختلاف حول طريقة تشكيلها سواء فى الأولى أو الثانية ومدى مطابقة ذلك للدستور أحيانا وللشرعية الثورية والعرف الثورى أحيانا أخرى، ولا تزال تلك الجدليات القانونية والفوازير مستمرة حتى الآن سواء حول الدستور أو دستورية قانون مجلس الشعب.
ومن الأمثلة الواضحة للازدواجية والتناقض شعار سيادة القانون واستقلال القضاء، فمنذ حركة الضباط يوليو 1952 وبداية النظام العسكرى مرورا بالسادات ومبارك وكان كل ما يتم فعله يتم تغليفه بعبارة سيادة القانون والدستور أو استقلال القضاء، فمنذ البداية تم التعدى على القانون والدستور بحجة حماية الأمن القومى أو القضاء على النظام البائد وأعوان الاستعمار، حتى واقعة الاعتداء على المستشار السنهورى فى 1954 التى تم فيها الانقلاب على الديمقراطية والتنكيل بكل من دعا لعودة الديمقراطية والحياة الحزبية فى مصر، ورفض الضباط لمشروع دستور 54 الذى كان به ترسيخ لقيم العدالة والكرامة والحريات السياسية، نجد فى المفارقات أن المستشار السنهورى نفسه هو من ساند العسكر فى يوليو 52 وبذل كل ما فى وسعة لإيجاد المخارج القانونية لتدعيم كل قرارات وإجراءات الضباط فى ذلك الوقت، وهو نفسه الذى نكل العسكر به بعد ذلك فى مارس 54 عندما خرجت المظاهرات الموجهة التى تهتف ضد الديمقراطية وترفض عودة الأحزاب. ومن التناقضات والازدواجية أيضا أن محاكمة مبارك كانت محاكمة مدنية تطبيقا لشعار سيادة القانون واستقلال القضاء فى حين وجود آلاف المحاكمات العسكرية للمدنيين، وأن المسؤول عن تمثيل حق المجتمع بعد الثورة حتى وقت قريب هو آخر نائب عام عينه مبارك، والذى يجب عدم المساس به حفاظا على استقلال القضاء، وعندما تم الاستبدال به منذ شهور نائب عام أو خاص جديد يتمسك كلا الفريقين سواء من كان معه أو ضده بعبارات استقلال القضاء، شعارات سيادة القانون واستقلال القضاء يرفعها من يريد تحقيق أهداف الثورة ومن يقف ضد الثورة ويرغب فى عودة النظام القديم فى نفس الوقت. بعض القضاء يجب تطهيره من أجل تحقيق أهداف الثورة، فمنهم من قام مبارك بشرائهم طوال هذه السنوات وكانوا عونا له ومبررين استبداده وفساده، فى نفس الوقت لا يجوز البدء فى التطهير الهيكلى والجذرى للمنظومة القضائية ولا يحق لأحد المساس بالقضاء حفاظا على استقلال القضاء رغم أن القضاة هم نفس القضاة. تجد أحزابا وأشخاصا يشيدون بالقضاء العادل والشامخ فى أوقات، وتجد نفس الأشخاص والأحزاب يهاجمون الأحكام ويصفونها بأحكام مسيسة وفاسدة ويجب تطهير «نفس» منظومة القضاء الذى كانوا يشيدون به منذ أيام. وهذه الملاحظة الأخيرة اشتركت فيها كل الأحزاب والقوى السياسية تقريبا، فالكل تقريبا أشاد بالقضاة ودافع عن مواقفهم فى بعض الأحداث، والكل أيضا هاجم القضاء الفاسد غير المستقل الذى يصدر أحكاما مسيسة فى أحداث أخرى. ازدواجيات أخرى كثيرة كالتناقض بين مطالب التطهير تارة ورفضها خوفا من سيطرة الفصيل الانتهازى تارة أخرى. فى تقديرى سنستمر فى تلك الازدواجية لسنوات كثيرة رغم أنها بالفعل مستمرة لأكثر من 60 سنة، ولكن يجب أن نحسم الكثير من القضايا والمفاهيم والقواعد أولا، حتى نستطيع أن نسير فى طريق البناء بدون معوقات وخلافات، وربما يمتد هذا لوقت طويل.
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
غير مسيس
اي توافق.........
عدد الردود 0
بواسطة:
Ali
لانك حافظ مش فاهم
عدد الردود 0
بواسطة:
على بدرخان
يااخى روح الله يستر عليك
عدد الردود 0
بواسطة:
mahmoud
يعنى المطلوب ايه
عدد الردود 0
بواسطة:
akh
لا تعليق
عدد الردود 0
بواسطة:
cheetos_back
ارجع يا باشمهندس
عدد الردود 0
بواسطة:
عمرو
الغريب
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
أن جائتك الريح
عدد الردود 0
بواسطة:
Mahmoud
كلامك صح مع بعض التحفظات
كلامك صح مع بعض التحفظات
عدد الردود 0
بواسطة:
killer bee
السبب ببساطه