الشعب المصرى هو شعب متدين بطبعه، يعشق ويقدر ويحترم رجال الدين، هو الشعب الأكثر تديناً فى العالم كله، وعندما أتحدث هنا عن الدين لا أخص الدين الإسلامى فقط بل الإخوة المسيحيون أيضاً لديهم نفس القدر من التدين والتقدير لرجال الدين.
إن الديانة فى مصر ليست مجرد خانة تضاف للبطاقة الشخصية فحسب، بل هى سلوك وارتباط وعادات يقوم بها المصرى يومياً ويحفز غيره أيضاً على القيام بها.
ومن خلال هذا التكوين السلوكى للمواطن وانشغال التليفزيون الرسمى للدولة بالأمور السياسية والفنية، ظهرت القنوات ذات الطابع الدينى التى تعتمد فى المقام الأول على {مبدأ الترهيب}، وهو القاعدة الأولى فى عملية غسيل مخ الأفراد.
وبعد الفشل الزريع الذى حاق بهم فى تطبيق قواعد غسيل المخ البسيطة لهذا الشعب صاحب خبرة السبعة ألاف عام، نجدهم يلجأون إلى {مبدأ التكفير}... والتكفير هنا لا يطلق على غير المسلم فقط بل على كل من يخالف مذهبهم... ولا نسمع منهم سوى (حرام وحلال وكفر) هذا بالإضافة إلى السُباب والتراشق بالألفاظ التى قل ما تخرج من شخص مُغيب العقل، وأصبحت كلماتهم هذه لعبة فى يد البرامج الساخرة على شاشات الفضائيات.
أنا أعلم جيداً أن هناك منهم علماء ينشغلون بالدعوة إلى الله فقط، يبحثون عن القول والدليل، يؤمنون بسمو الدعوة ويعلمون أن الداعية إلى رحيل، لا يبرحون حتى يأصلوا العلم تأصيل، ولا يشترون بآيات الله ثمن قليل، فهؤلاء لهم أجرهم وعند الله الكثير.
لكن المشكلة فى من ترك سمو ورفعة الدعوة واتجه إلى هدف دنيوى أو سياسى أو هدف إعلامى من خلال قذف كل من هو مشهور حتى يحقق نسبة عالية فى المشاهدة لقنواته، هؤلاء لا يعلمون بأنهم يضرون بالدين أكثر مما ينفعون.
هؤلاء لابد من سن قوانين حاسمة لهم تعاقبهم تلك القوانين مرتين، المرة لأولى لجهلهم المفرط وإصرارهم على التشدد وتكفير كل من على غير المذهب، والمرة الثانية لأنهم تكلموا باسم الدين، فالدين أكبر وأوسع منهم جميعاً فهم يتشدقون ويتعالون بالرواية على الحنفية والمالكية والشافعية وبعضهم يذم الأشعرية والماتريدية ولا ينصتون إلا لمنهجهم المتطرف ولا يتكلمون كثيراً عن وساطة الإسلام معتقدون بأن التشدد هو صلب التدين، يُمررون من خلال قنواتهم سلع صاحبة ربح دُنيوى قد لا تأتى بأى هدف مفيد للمشترى سوى بحصوله على البركة منها كبعض الأعشاب والزيوت التى يُطربون آذان الناس بها وبعض الأطباق والأوانى التى ترفض بعض القنوات صاحبة الإعلام المتحرر الإعلان عنها.
الدعوة إلى الله تأتى بالسلوك قبل الكلام، تأتى بالفعل قبل القول، تأتى بالوسطية قبل التشدد، تأتى بالزهد قبل جمع الأموال فى إطار لا يرضى الخالق.
محمد صبرى درويش يكتب: القنوات الدينية والأهداف الدنيوية
الثلاثاء، 12 مارس 2013 08:29 م
جامع وكنيسة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
نشأت النادي
نأسف لهذه القنوات الدينية