التقرير النهائى الذى أعدته اللجنة الثلاثية التابعة للطب الشرعى أشارت فيه إلى أن التعذيب هو سبب وفاة الناشط السياسى التابع للتيار الشعبى محمد الجندى وليس حادث سيارة، كما ادعت التقارير السابقة وتصريحات وزارة الداخلية.
هذه الواقعة أعادتنا إلى عهود ما قبل الثورة والتى انتهكت فيه آدمية المصريين فى أقسام الشرطة ومقار أمن الدولة سابقا. وعندما كان يموت المواطن داخلها يتم إلقاؤه فى الشارع أو بجوار حائط مستشفى ولا أحد يعرف هويته إلا بعد أيام . ثم تخرج التقارير لتعلن لنا إما أنها حالة اصطدام بسيارة أو أن القتيل قد اطلق النار على قوات الشرطة فردوا عليه بالمثل وأردوه قتيلا . من أجل تلك الانتهاكات قامت الثورة المصرية. لعلكم تتذكرون أن الدعوة إلى تظاهرات 25 يناير 2011 كانت فى بدايتها تدعو إلى إقالة وزير الداخلية منددة بعنف الشرطة ثم تطورت الأحداث إلى المطالبة بإسقاط النظام فيما بعد. طالما أعادتنا واقعة الشاب محمد الجندى إلى أجواء ما قبل الثورة.
فيجب علينا أن نتذكر ما حدث للشاب السكندرى خالد سعيد الذى تم التنكيل به أثناء القبض عليه وتعذيبه إلى أن فارق الحياة وساعتها خرجت علينا تقارير الطب الشرعى بأن سبب الوفاة هو ابتلاعه لفافة بانجو أثناء إلقاء القبض عليه مما أدى إلى اختناقه وبدأت الدعاية السوداء للنظام الحاكم وللداخلية آنذاك إلى تشويه صورة الشاب والتشهير به.
ذلك الشاب الذى أصبح فيما بعد الشرارة الأولى لانطلاق الثورة المصرية ورمزا من رموزها كما كان الشاب البوعزيزى قبله مفجر الشرارة الأولى التى أطلقت الثورة التونسية ضد بن على حتى إسقاط نظامه وفراره خارج البلاد. المدقق للوضع الآن فى مصر يرى أنه لا تغيير فى أسلوب إدارة الحكم خاصة وزارة الداخلية، فالداخلية فى مصر قبل الثورة هى نفس أسلوبها بعد الثورة وكأنه كتب علينا إأن نعيش تحت بطشها إلى الأبد . ولا يزال مسلسل تشويه الثوار والناشطين السياسيين على قدم وساق وكأننا مازلنا نعيش أجواء نظام مبارك . إن إصلاح وزارة الداخلية لن يتأتى بتغيير وزير كل بضعة شهور، بل إن التغيير المرجو فيها يتأتى عن طريق تغيير عقيدتها التى تربى عليها أفرادها وإدراكهم أنهم جزء من المصريين وطينتهم نفس طينة جميع أبنائها.
كما لا ينبغى الزج بها فى الأمور السياسية وتحميلها ما لا يمكن تحمله من الأخطاء السياسية للذين بيدهم الأمر والنهى فى البلاد. إن إصلاح الداخلية أمر لا مفر منه حتى نشعر بأن ثورة قد قامت فى مصر من أجل احترام حقوق الإنسان والإعلاء من كرامته، لذلك ينبغى من الآن قبل الغد فتح باب التحقيق لقضية مقتل الشاب محمد الجندى بدءا ممن اختطفوه وعذبوه إلى مشرفى الإسعاف إلى كاتب التقارير السابقة التى ادعت أن ما حدث له هو نتيجة لارتطامه بسيارة كانت مسرعة فى الطريق. ومحاسبة كل من أخفى معلومة تكشف لنا ملابسات ما حدث له. وهذا حقه وحق الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل احترام أدميتنا وإعلاء كرامتنا.
لا أريد أن نصل إلى طريق مسدود وتزداد الهوة بين من بيدهم الأمر وبين من يحكمونهم فالبلد على حافة الهاوية كما يجب أن يدرك من فى الحكم أن بسبب ذلك أسقط نظام مبارك ومن قبله بن على ولا نستبعد أن يتم إسقاط من يحكمون الآن إذا لم تتكشف الحقيقة ويحاسب المخطئون كما يجب أن يعلم المسئولون أن لعنة جيكا ومصطفى والجندى وغيره ممن استشهدوا ستطارد كل من خطط ونفذ وأخفى ما حدث. وينبغى أن يعلم المسئولون "أن على الباغى تدور الدوائر".
عثمان محمود مكاوى يكتب: على الباغى تدور الدوائر
الثلاثاء، 12 مارس 2013 11:13 م
مظاهرات
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة