يبدو أن آثار سياسات أول حكومة بعد ثورة 25 يناير، حكومة الدكتور عصام شرف، مازالت تلقى بظلالها على الشارع المصرى، ففى الوقت الذى نشهد فيه حالة من الغضب الكبير نحو سياسات جهاز الشرطة وعقيدة ضباطه، أكد عدد من الخبراء تجاهل عدد من وزراء الداخلية السابقين لثلاثة مشروعات لإعادة هيكلة الجهاز، وهو التجاهل الذى يعتبره البعض عاملا قويا فى الأحداث التى تشهدها البلاد الآن.
الدكتور سعد الدين إبراهيم مدير مركز ابن خلدون للدراسات أكد فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن وزير الداخلية السابق منصور العيسوى استدعاه فى حضور عدد كبير من قيادات الداخلية ليشرح لهم مشروع إعادة هيكلة الشرطة الذى تقدم به، وهو عبارة عن ثلاثة أقسام رئيسية، أولها إعادة أو مراجعة كل المناهج الدراسية والعملية لإعداد ضابط الشرطة، والقسم الثانى يتمثل فى التدريب الميدانى فى النواحى المختلفة منذ تخرجه وحتى توليه مسئولية عمله.
وأضاف إبراهيم أن القسم الثالث من مشروع إعادة هيكلة الداخلية يتمثل فى إنشاء قوافل شعبية فى كل حى شعبى، فمثلا لو يوجد بالقاهرة 30 حياً، فيوجد بكل حى مجموعة من المواطنين تحت مسمى اللجنة الشعبية، تقوم بمساعدة الشرطة فى عملها من ناحية، وكذلك تكون رقيبا عليها إذا حدث تجاوز أو تعامل أفرادها مع المواطنين معاملة غير كريمة.
واستطرد إبراهيم: المشروع المقدم لمنصور العيسوى كان حصيلة تجارب بلدان مرت بالتحول الديمقراطى بعد حكم طويل من الدكتاتورية مثل شيلى فى أمريكا الجنوبية وبولندا ورومانيا فى أوربا وأند ونسيا فى آسيا، أى أن التجارب جاءت من ثلاث قارات مختلفة، تم فيها تأهيل جهاز الشرطة بحيث تتواءم مع عملية التحول الديمقراطى فى نفس الوقت يبادر الجهاز بالمحافظة على الأمن دون تقصير.
وأشار إبراهيم إلى أنه سلم الوثيقة الخاصة بالمشروع للوزير آنذاك، ولكن قيادات الداخلية فى ذلك الوقت رحبوا شفهيا فقط بالمشروع، وتجاهلوه تماما، وأجلوا تنفيذه ليكون فى أول أكتوبر 2011 ولكن الوزارة تم استبعادها وجاءت حكومة جديدة، وبالتالى لم يكتب للمشروع أن يطبق وبالتالى لم يحالفه التوفيق والنجاح.
أما المشروع الثانى لإعادة هيكلة وزارة الداخلية فتقدم به ناصر أمين رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إلى وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم، وكان سببا فى إقالته حين فكر فى تنفيذه، حيث تم عقد لقاءً بين الوزير وبين عدد من المنظمات، وأعربت المنظمات الحقوقية وقتها عن نيتها فى مساعدة الوزير بكل الطرق وبالفعل وعد الوزير بتطبيق المشروع وتفهم أن سياسة الوزارة يجب أن تتغير وأن تنحاز للمواطنين أكثر من النظام وهو الفهم الذى أدى به إلى الإقالة.
وأشار أمين إلى أن رغبة النظام الحاكم فى عدم تطبيق المشروع وتجاهله هى السبب فى تحويل ضباط الشرطة الآن لضحايا كى تستخدم عصا الحاكم بغض النظر عن أى وضع آخر الأمر الذى دفع بالجنود فى مواجهة أمام الشعب.
وأكد أمين أن النظام الحاكم لا يريد إصلاح الشرطة وإنما يريد استخدامه من أجلب السيطرة على المواطنين وكبت حريتهم وهذه العقيدة لا تصلح للأجهزة الأمنية وتؤدى بالبلاد إلى ما هو أسوأ.
عمرو هاشم ربيه الخبير السياسى أكد أن هناك مشروعا ثالثا تم تقديمه من خلال مجلس الشعب السابق، إلا أن هناك نوعا من التحفظ الشديد على تنفيذ مشروع هيكلة الشرطة وهو الأمر الذى يضع علامات استفهام عديدة خاصة بعد وضع هذه المشاريع بشكل متعمد فى الأدراج.
وقال ربيع إنه ينبغى أن نقارن بين مشروع هيكلة الشرطة وبين ما يحدث الشارع الآن فلا احد ينكر ما يتعرض له ضباط الشرطة حيث يوجد منهم من لا يحمل سلاح وفى نفس الوقت كلنا يجد مجموعة يتهجمون على قسم شرطة أو يقطعون طريق ويعترضون المواصلات وحركة المرور أو يتهجمون على محلات ونجد أن أقصى تعامل معهم يكون من خلال القنابل المسيلة للدموع.
وأكد ربيع أن تسليح رجال الشرطة أمر واجب لمواجهة العنف وليس لمواجهة المتظاهرين وهنا يجدر بنا الإشارة إلى أن تجاهل تنفيذ مشروع هيكلة الشرطة كان عاملا قويا فيما تذمر ضباط الشرطة من ناحية ووجود علامات استفهام كبرى على عملهم من ناحية أخرى.
من جانبه أشار محمد زارع رئيس المنظمة المصرية للإصلاح الجنائى أن التعامل مع المشاكل فى مصر لا يتم بشكل جذرى، حيث يتم تصديرها للشرطة وللأسف فإن الشرطة مضطرة للاصطدام بالشعب والسبب الرئيسى يكمن فى أن الشرطة لا يراد لها الإصلاح وإنما يريد الحاكم أن يستغلها لمصالحه.
وقال زارع إنه يعترض على مصطلح هيكلة الشرطة، لافتا إلى أن المصطلح الأقرب للواقع يكون تطهير الشرطة من بعض قيادتها الفاسدة والتخلص من عقيدتها القديمة فى أن تكون وسيلة لحماية الحاكم على أن تكون وسيلة لحماية الشعب وأمنه.
وأكد زارع أن هناك عاملا قويا يتعلق بالشرطة وما يحدث لها فى مصر وهو أن كثير من الضباط المتهمين بقتل المتظاهرين لازالوا فى مواقعهم وكان هناك عدد من وزراء الداخلية شديدو العنف مع المتظاهرين منها الوزير الحالى اللواء محمد إبراهيم الذى يتعامل بعنف شديد مع المتظاهرين.
وأشار زارع إلى أن الأجهزة القضائية تعد هى الآخر سببا قويا فى عرقلة تطهير الشرطة فهى لا تقاوم العنف الذى يقوم به الضباط ولا تفصل فيه بشكل حاسم فلو كان هناك محاكمات عادلة للضباط لما وصل الاحتقان بين المواطنين والشرطة إلى هذا الحد.
الشرطة تجنى ثمار تجاهل حكومات ما بعد الثورة لـ 3مشروعات لإعادة هيكلة الداخلية.. سعد الدين إبراهيم: قدمت للعيسوى نموذجا لجهاز الأمن فى شيلى ورومانيا ورحب شفهيا وتجاهلها عمليا
الثلاثاء، 12 مارس 2013 06:06 ص
سعد الدين إبراهيم