فى إحدى قرى الريف المصرى شب حريق فى أحد المنازل ليلا، فأسرع قاطنوه هربا من الحريق رجالا ونساء وقد كانوا جميعا" بلباس النوم. نجا جميعهم من الموت.
إلا بعض الفتيات مكثن داخل البيت حياء" من أن يشاهدهن المتجمهرون خارجه، فآثرن الموت خجلا" من الحياة فضيحة، فعلَق المتواجدون عليهن قائلين:(اللى اختشوا ماتوا) وقد أصبح مثلا شعبيا" مأثورا"حتى الآن.
نحن جيل الستينيات والسبعينيات عشنا عقودا" خاضعين وخانعين لنظام الاستبداد الحاكم فى مصر ، كنا نخاف من كل شىء من الشرطة إذا مرت بالقرب منا، من أمن الدولة التى كانت تحكم بالحديد والنار مستغلة قانون الطوارئ الذى كان يخول لها القبض والتفتيش والاعتقال حتى بدون سبب. كنا نخاف الكلام فى السياسة كما كنا نخاف الكلام فى الدين، كنا نحيا فى سجن كبير وتحكمنا دولة الإرهاب، وبدأ يسرى فى نفوسنا إحساس بغيض بأن أوطاننا ليست ملكا" لنا وبدأننا نفقد شيئا" فشيئا" شعور الانتماء لهذا الوطن العزيز.
جاءت ثورة 25 يناير التى قام بها شباب مصر العظيم وقد حملت التغيير الذى كنا ننشدة وكنا نتمناة ونفضت عنا غبار السنين، وسقط النظام المستبد بحزبه ورجالاته وبكل أدواته التى كنا نخافها ونخشاها فى بضع أيام قلائل ضحى هؤلاء الشباب بدمائم النفيسة لأنهم استحوا أن يعيشوا حياة الذل والهوان التى رضينا بها نحن، وكان لهم شرف الشهادة.
إن ما يحدث فى مصر الآن لا يرضى أحد من إضرابات واعتصامات وعصيان مدنى فى بعض المدن من ناحية، وفلتان أمنى وتدهور اقتصادى وتدنى لقيمة الجنيه.
من ناحية أخرى، فضلا عن سياسة الإقصاء والاستحواذ من جانب السلطة الحاكمة وجماعة الإخوان المسلمين، وحالة التخبط اللاإرادى فى إدارة البلاد واتخاذ القرارات ثم العدول عنها، انتهاء "إلى الصراع القائم بين الأحزاب الأخرى فى محاولة منهم للنيل من النظام القائم بغية الوصول لكرسى الحكم بغير الطرق الديمقراطية التى لا يملكون أدواتها، فقط يعارضون من أجل المعارضة، معتقدين خطأ وعلى غير الحقيقة أن جموع الشعب معهم، دون تفكير فى مصلحة الوطن فقط من باب الصراع على السلطة، وعندما تدق ساعة الاختبار الحقيقى أمام صناديق الانتخابات تراهم يولون الأدبار وما أكثر الأعذار. ذلك كله يعود بنا إلى أصل المثل الشعبى القائل (اللى اختشوا ماتوا) !!!!
صورة ارشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة