سحر الصيدلى تكتب: شمس الكلمة

الإثنين، 11 مارس 2013 10:59 ص
سحر الصيدلى تكتب: شمس الكلمة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أبت الجبال أن تحمل الأمانة فوهبها الله للإنسان لما أنعم عليه من رجاحة العقل وقدرته على إيصالها على الوجه الذى يرضى رب العالمين، لذا فقد أعان الله الإنسان على حملها وتحمل مسئوليتها.

وللأمانة أنواع عديدة ولكن أهمها أمانة الكلمة لأنها هى التى تعبر عن ضمير الإنسان، فإن صدق وكان أميناً فى نصحه مع أخيه الإنسان استقامت حياته وانعدم فيها الاعوجاج وتكون ذمته بذلك قد برأت أمام خالقه، فكلمة الحق هى مصدر إشعاع العقول وشمس تبزغ لتسعدنا بدفئها وضيائها ونورها الذى يغمر حياتنا بالحق والعدل. فإن كتمناها غابت شمس الحق وانبرى الظلام يلوح لنا بوجهه الموحش الكئيب ليغرقنا فى سبات لا أمل فيه ولا رجاء.

فالكلمة أمانة، والدين جوهره النصيحة. ويقاس الأمر بشخصية الفرد وأخلاقه، وبمدى قدرته على قول الحقيقة مهما كانت قاسية، مع إدراكه بأن كلمة الحق قد تشعل نيران الخلاف مع من لا يطيقون سماعها، فيصبح التسامح والوفاق صعباً، لا سيما إذا كان المتلقى يتمتع بصفة الأنا العالية.. ورغم ذلك كله تظل الكلمة مسألة أخلاقية تعيش فى ضمير الفرد وتشكل بالنسبة له الوازع الذى لا يقوى على كتمانه أو تغليفه بعبارات الرياء والنفاق.

وهناك أشخاص آخرون يتفهمون هذه الحقيقة فيسعدون بسماع كلمة الحق ويشكرونك؛ لأنك وضعتهم على المسار الصحيح دون أن تجامهلم، فقد منحتهم النصيحة من قلب صادق لم تفقد معه ذاتك ولا اتزانك ولا كرامتك، ولم تخف من قول الحقيقة التى ستحاسب عنها أمام بارئك، فكانت لكلماتك وقع السحر على المتلقى فلا يجد سوى أن يبادرك بالثناء والشكر والدعاء لك على ما أسديته له من نصح وما بصرته به من أمر دينه أو من أمر دنياه.

وهناك أشخاص، والعياذ بالله، يحبون أن يكون لحياتهم طعم زائف مغلف بالمديح الدائم والنفاق الذى لا ينتهى تحكمه الأنا الكاذبة ويغلفه الغرور..فهم يرون أنهم موسوعة تاريخية وعلمية وفكرية وأدبية ودينية غنية بالعلم والمعرفة والوثائق والحقائق المقرونة بالأدلة الزائفة فيرسمون كلماتهم ويزينون حروفهم ويرتبون أفكارهم ويبرمجون أدمغتهم ليثبتوا للجميع أنهم قادرون على كل شىء، فيصمون آذانهم عن كل نصيحة، ويغمضون أعينهم حتى لا يرون ولا يسمعون كلمة حق تهز عروشهم الواهية فهم مصممون على السير بأفكارهم الخاطئة، ونشرها بين الناس والتباهى بها. هؤلاء أعوجاجهم كبير وحاشيتهم منافقة أكثر منهم فيزينون لهم دربهم الخاطىء بالفل والرياحين مع أنه درب قاتم مظلم ملىء بالأشواك، ويحيط به النفاق من كل جانب.

علينا إذاً أن ننطق بكلمة الحق حتى ولو كان المتلقى صاحب سلطة وجاه، فلا أحد معصوم عن الخطأ، علينا مواجهتهم بالكلمة الصادقة والأمينة وبالنصيحة النابعة من القلب المجردة من الرغبات المشبوهة، أوضغائن النفس، وإنما فقط نقولها لوجه الله لا نبغى من ورائها سوى الحق وإصلاح شأن من نقدمها له. والأجدر بنا أن نكون صادقين مع أنفسنا؛ لأن صاحب الكلمة الصادقة يحظى بتوفيق الله وتكون لديه دائماً الحجج والبراهين التى تدعمه، وتدلل على صدق ما يقول.

وأمانة الكلمة لا يقتصر نفعها على المتلقى فقط ولكنها تكسب قائلها احترامه لذاته فى المقام الأول. أما الكاذب فيسلب الله منه حججه وبراهينه وعقله ويصبح كالأعمى والأصم؛ لأن الحقيقة تلجمه ولأنه لم يتعود على النطق بها، وهو أيضاً لم يتعود إلا على سماع المديح والثناء والإطراء الكاذب ممن حوله من المنافقين.. فما أجمل أن يلتزم القلب بحكمة العقل، وأن يلتزم العقل بطيبة القلب ويعملان معاً لإنصاف الكلمة الصادقة وإعلاء راياتها، ونبذ كل كلمة فيها كذب أو نفاق أو تضليل للناس، أو إيذاء لعقولهم، فلا تبخل أيها الإنسان بكلمة الحق إرضاء لله ولنفسك ولوطنك، ولكى تنام وضميرك ينبض بالراحة والسكينة.






مشاركة




التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

محمدحامدحسين

صدقت ..!!

عدد الردود 0

بواسطة:

المستشار : أحمد حنفى احمد

أميرة اليوم السابع ( الأستاذة : سحر الصيدلى )

عدد الردود 0

بواسطة:

عبداللطيف أحمد فؤاد

A very good essay

A very good essay and a very good writer

عدد الردود 0

بواسطة:

أسامة صالح

إلى الساحرة أ/ سحر الصيدلي

عدد الردود 0

بواسطة:

محمود

موضوع رائع وهام

عدد الردود 0

بواسطة:

نور مصطفى

راااااااااااااااااااااااااااااااااااائع

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

أحسنت سيدتي

مقال ممتاز جدا سلم قلمك اللامع بالتوفيق يا رب

عدد الردود 0

بواسطة:

د. طارق النجومى

الناصح الأمين

عدد الردود 0

بواسطة:

سحر الصيدلي

ردود الى أصدقائي الكرام

عدد الردود 0

بواسطة:

dr_maysara

صدقتى

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة