وتصاعد "الدخان الأبيض"من مدخنة الكنيسة السيستينية بالفاتيكان يعلن للعالم نجاح انتهاء جولة الاجتماع السرى للكرادلة، والتى تبدأ أولى جلساتها غدا، الثلاثاء، يسبقه قداسا احتفاليا فى كنيسة القديس بطرس، وبعد الظهر سيكون دخول الكرادلة إلى قاعة "الكونكلاف" بالكنيسة السيستينية لحضور اجتماع سرى لاختيار البابا الجديد الذى سيجلس على عرش بطرس الرسول.
ومن المقرر أن ينعزل الكرادلة فى مجمعهم المغلق تماما عن العالم، ولن يكون لهم أى اتصال بالخارج، كما لن يكون بإمكانهم تلقى الأخبار أو مشاهدة التلفاز، ويرجع اعتكافهم إلى تحاشى ضغوط العالم الخارجى، وليكون "الله نصب أعينهم فقط"، ووفقا للمادة 43 من الدستور الرسولى "شعب الرب بأكمله" سيخضع الكرادلة للمراقبة والحماية الشخصية أثناء تنقلهم من محلات إقامتهم فى دار ضيافة سانتا مارتا إلى الكنيسة السيستينية.
والكرادلة المجتمعون هم وحدهم الناخبون والمرشحون والذين لم يتجاوزوا الثمانين من العمر، كما لا يجب أن يتجاوز عددهم 120 كاردينالا وفق القانون، وهم موزعون على مختلف قارات العالم، مع الأخذ بعين الاعتبار عدد الكاثوليك والبعد التاريخى، فمثلا تضطلع إيطاليا بأكبر عدد من الكرادلة بحكم كون البابا أسقف روما.
وبابا الفاتيكان هو الرئيس الروحى الأعلى للكنيسة الكاثوليكية ويتمتع بعدة صفات باعتباره خليفة القديس بطرس، وأسقف روما وبطريرك الغرب ورأس الكنيسة المنظورة، ويلقب بـ"الحبر الأعظم والأب الأقدس وصاحب القداسة"، ويحل لقب "سيد أو ملك الفاتيكان" فى المرتبة السادسة من سلسلة ألقابه وتعريفاته منذ عام 1929.
ويخاطب البابا الكنيسة الكاثوليكية والعالم من خلال خطبه وكلماته التى يلقيها فى المناسبات المختلفة، أما الصيغة الأكثر رسمية فهى الرسائل العامة والتى تسمى أيضا البراءة البابوية أو المراسيم البابوية، ويعلن من خلالها البابا عقيدة دينية أو أمرا كنسيا، وللبابا أن يناقش من خلالها قضايا سياسية.
وينتخب البابا مدى الحياة، ويتمتع بصلاحيات واسعة غير محدودة فى الفاتيكان، وتتركز الصلاحيات التشريعية فيما يخص الكنيسة بالمجمع المقدس، أما الأمور التنفيذية فتشكلها مجامع الفاتيكان أو وزاراتها بعد استشارة البابا وموافقته.والعملية الانتخابية للبابا الجديد تتم هذه المرة وفقا لدستور منظم لها، والذى عدل فى عام 1996 خلال حبرية يوحنا بولس الثانى، وتتم عن طريق المجمع المغلق الذى أنشأ فى القرن الـ13، حيث عدل هذا الدستور 53 مرة خلال تاريخ الفاتيكان، ونشأت من خلال هذا المجمع نتيجة للشغور المتكرر للكرسى الرسولى خلال القرون الوسطى، وكانت شروط الخلوة قاسية للغاية تم تخفيفها مع تطور الزمن.
ويجتمع الكرادلة فى الكنيسة السيستينية والمطلة على ساحة القديس بطرس، وبعد إغلاق الأبواب وسلسلة من الأمور التنظيمية تبدأ عملية الاقتراع، ويحتاج المرشح لثلثى الأصوات خلال الأيام الثلاثة الأولى ثم الأغلبية البسيطة، فإذا تعذر الانتخاب فيفسح القانون المجال أمام عميد المجمع لإدارة طرق جديدة كحصر التنافس بين المرشحين الحاصلين على أعلى الأصوات.
وفى حالة الفشل فى اختيار البابا الجديد يقوم عميد المجمع بحرق الأوراق مع مواد خاصة فتبعث عبر المدخنة إلى الحشود فى الساحة "دخان أسود" دلالة فشل الانتخاب، فى حين تضاف مواد أخرى عند نجاح الانتخاب تؤدى إلى تصاعد دخان أبيض.
وبعد الانتخاب، يقسم الكرادلة يمين الطاعة للبابا الجديد والذى بدوره يختار اسما بابويا قبل أن يحيى الجماهير فى الساحة، ويتلو صلاة مباركة المدينة والعالم، وغالبا ما يكون قداس التنصيب فى الأحد الأول الذى يتلو انتخابه.
وكنيسة سيستينا هى أكبر كنيسة موجودة بالقصر الباباوى الذى يعتبر المقر الرسمى للبابا فى مدينة الفاتيكان، وتشتهر بمعمارها الفريد والمستوحى من ذكر معبد سليمان بالعهد القديم وبلوحاتها الجدارية التى رسمت بأيدى كبار فنانو عصر النهضة، ومنهم (مايكل انجيلو، رافاييل، بيرنيني، ساندرو بوتيتشيلي)، أما سقف الكنيسة فإنه يعتبر إلى يومنا هذا من أعظم إنجازات مايكل أنجلو، خاصة لوحة "الحكم الأخ"، حيث قام تحت رعاية البابا يوليوس الثانى، وهو مستلقى على ظهره لمدة 10 أعوام، برسم لوحات غطت 12 ألف قدم مربع "1100 متر مربع" من سقف الكنيسة.






