محمود صقر يكتب: همسة فى أذن أحبابنا أبناء النوبة

مصر كم هى كبيرة وغنية وثرية بتنوعها، فى الثقافة والعادات والتقاليد والفنون المعبرة عن ذلك، وأجمل ما فى هذا التنوع، الانصهار فى وطن واحد، يجمعهم حبه، ويظلهم العيش المشترك على أرضه، إحساس أحسسته وعشته فى ليلة فن شعبى نوبى، بدعوة كريمة من الاتحاد النوبى المصرى بالكويت.

فن فريد يعبر عن ثقافة لها خصوصيتها، شعرت معها بعبق التاريخ وكأنى أمام المصرى القديم، صانع الحضارة ومنشئ الآثار العظيمة.

أحيت هذه الليلة فى نفسى ذكريات جميلة عشتها مع أصدقائى النوبيين فى صباى وشبابى، جيرانى فى حى العطارين بالإسكندرية حيث تجمع النوبيين، كانوا مثالاً لحسن الخلق، وطيب المعشر، وصفاء القلب، مجتمع يتجسد فيه آداب التعارف والتفاهم والتكافل، تلك الآداب الإسلامية والإنسانية العظيمة التى يحتاج تحقيقها مناهج وخطط وبرامج، وجدتها فيهم سجية بلا تكلف، وكما وجدت هذه الصفات فى أصدقاء الصبا والشباب، وجدتها هنا أيضاً فى أصدقائى وأحبابى النوبيين المقيمين بالكويت.

هذه الفئة من شعب مصر عانت مثلما عانى كل المصريين من الحكم الديكتاتورى، ولكنهم تحملوا عبء التضحية بأرضهم فداء لمشروع مصر القومى فى وقتها "السد العالى" ولم ينالوا التكريم والتعويض الذى يستحقونه، وآن الأوان ونحن نبنى مصر الجديدة، أن نتذكر أبناء مصر الأوفياء، أهل الجود والعطاء، من لو عددنا سجاياهم لسطرنا كتباً، ولو عددنا أياديهم البيضاء على أوطانهم لملأنا سفناً.

ولكن همسة أخيرة فى أذن أحبابنا: إنكم قدمتم كثيراً وصبرتم طويلاً وبلادكم الآن تستيقظ من غفلة، وتنهض من كبوة، وفى هذه الأوقات أداء الواجبات مقدم على طلب الحقوق، وأنتم أهل السبق فى هذا المضمار إن شاء الله.

لكم كنت سعيداً وأنا أرى السعادة فى عيونكم تفاعلاً مع فنونكم، جعل الله أيامكم أعياداً.