نحمل أخطاءنا كل يوم فوق ظهورنا ونعانى من ثقلها أشد المعاناة، ورغم تعدد شكوانا إلا أننا لا نفكر يوما من أن نتخففَ من تلك الأخطاء ولو بمحاولةِ تصحيحها.
"سيزيف" عوقب بحمل الصخرة ودفعها إلى قمة الجبل وبمجرد اقترابه من ذروة الوصول حتى تهوى به إلى القاع فيعاود الكرةَ، أخطاؤنا هى الصخرةُ نفسها التى حملها" سيزيف" صاحب الأسطورة المعروفة وحملها "أحمد جلال" بطل فيلم "ألف مبروك" للفنان "أحمد حلمي".
صارت حياة أحمد جلال فى حلقة تدور وتدور لتعيد نفسها، حاول أن يغير أحداث يومه حلمه المكرور ليتخلص من نهايته اليومية مع دقات الساعة الثانية عشرة، لكن المحاولة تنتهى باستيقاظه من النوم فزعا بحلم الموت اليومى، لم يفكر أحمد فى الصخرة إلا فى نهاية الفيلم، تكشفت له حقيقة خطاياه المتكررة؛ إهماله شأن أسرته، أنانيته التى ضاعفت من قسوته مع أخته، لم يفكر يوما أن يخاطبها كصديق ويتخلص من غطرسته، أيضا تمادت نرجسيته فحوَّلته إلى إنسانٍ كثير الشك حتى طال الشك أباه فاتَّهمه بالاختلاس، ولم يرحم أمه المريضة – والتى لم تخبره عن حقيقة مرضها؛ لأنه لا يعبأ بها ولا يفكر إلا فى نفسه - واتهمها بتناول المخدرات، أمسك أحمد بخيوط الحقيقة الدافعة إلى نهايته الحُلمية، بدأ فى إصلاح أخطائه، تصالح مع نفسه، تخلص من سلبيته وبدأت يده تمتد عونا للآخرين، سارت الأمور مُشعرةً أن التخلص من الصخرة بات وشيكا، وأن الأمل فى استمرار الحياة - بعد التغيير - مع دقات الثانية عشرة صار تحقيقه مؤكدا، وتمام زفافه بعد هذه الإصلاحات العديدة التى عمل على تنفيذها طيلة اليوم، لكن المخرج فاجأنا بإنهاء حياة أحمد باختياره هو( لا كهروبه الدائم طيلة الفيلم من تلك النهاية)؛ حيث وقف بسيارته أمام عربة النقل الكبيرة، فى هذه اللحظة لم يستيقظ من الحلم صارخا كعادته، كانت أسرته هى التى صرخت، ناعية ابنها الذى مات ليلة عرسه، موت أحمد ليس مأساويا ولم يختر المخرج هذه النهاية كى يخلق جوا تراجيديا يستعطف به جمهور الفيلم؛ لكن ليؤكد رمزية الفيلم المأخوذ عن الأسطورة الإغريقية، استطاع أحمد المكروه من عائلته وزملائه فى عمله وأهالى منطقته، أن يحضر فى مخيلتهم وقد تغير للأفضل متخليا عن حماقاته السابقة، فتمكن من أن يكون غائبا حاضرا عن أن يكون حاضرا غائبا.
ارشيفيه
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
كرم محمود
ثناء