دعت صحيفة "كريستيان ساينس مونيور" الأمريكية، المستثمرين إلى ضرورة عدم التخلى عن مصر، وقالت إن كانت البلاد مستورد يكافح لتلبية احتياجاته الداخلية من الطاقة، إلا أنها من حيث النفط، يعتقد أن لديها إمكانات كبيرة غير مستغلة.
وتضيف الصحيفة، أن مصر لا تشعر بالجوع فقط نحو الطاقة، بل إنها تتضور جوعا، وهذا الجوع الشديد سيلعب دورا فى عدم الاستقرار الثورى الكامن الذى يدفع المستثمرين الأجانب إلى التساؤل عما إذا كان يجب أن يتركوا البلاد.
فى الوقت الراهن، تريد مصر شراء 968 ألف طن من السولار لتسلم إبريل – يونيه، لتفادى أسوأ أزمة وقود، وسط احتجاجات فى جميع أنحاء البلاد والتى تهدد سيطرة الإخوان المسلمين على السلطة قبيل الانتخابات البرلمانية المقبلة.
والأسابيع الأربعة الماضية كانت صعبة للغاية على خلفية الاضطرابات السياسية والتوترات نتيجة لنقص الوقود الذى جعل الناس يصطفون لساعات أمام محطات البنزين.
والحكومة فى مأزق بشأن دعم الوقود، ولم تقرر بعد خطوتها التالية، هناك عدد من المقترحات فى هذا المجال، أحدها تخفيض الدعم على الوقود بنسبة 10% خلال السنوات الخمسة المقبلة إذا استمرت الإدارة الحالية طوال هذه المدة، والمقايضة تشمل وعدا بزيادة الرواتب بنفس المبلغ. وهناك لعب على مسألة تقنين دعم الوقود أو شراء المزيد من الوقود المدعوم جزئيا بدلا من خفض الدعم. وفكرة أخرى تشمل تسليم أموال الإعانات النقدية بدلا من الإعانات العينية.
ومهما كانت الحلول، تتابع الصحيفة، فإن حقيقة الأمر هى أن الحكومة ستجد أنه من المهم فى الأسابيع والأشهر المقبلة تقديم مزيد من الوقود، وذلك فى ظل المؤشرات الاقتصادية غير الجيدة مثل تراجع احتياطى النقد الأجنبى ووجود شكوك جادة بشأن ما إذ كانت مصر ستحصل على قرض صندوق النقد الدولى أم لا قبل أن يتم استنزاف الاحتياطى تماما قبل أن يتم تخفيض قيمة الجنيه.
وتصف الصحيفة هذا السيناريو بأنه كابوس بالنسبة للمستثمر على المدى القصير، لكن على المدى الطويل وبالتركيز على صناعة الطاقة، فيجب الأخذ فى الاعتبار بقناة السويس.
وتمضى الصحيفة قائلة: على المدى الطويل، يجب أن يلحظ المستثمرون الأجانب أن مصر ستلعب بطريقة أو بأخرى دورا مهما فى الجغرافيا السياسية للطاقة. فقناة السويس واحدة من أهم مناطق الشحن عالميا، وفى ظل الفوضى، فإن الاحتجاجات العنيفة والوضع الاقتصادى الكارثى، ظلت عائدات القناة بالعملة الأجنبية ثابتة ومعزولة عن كل شىء آخر. صحيح أن صناعة السياحة عانت بشدة، إلا أن الشحن كسب كثيرا أكثر حتى مما كان عليه الحال قبل الثورة، ومن المؤسف أن العنف قد انتشر الآن فى مدن القناة.
وتؤكد الصحيفة على أن قناة السويس تجعل مصر مركزا محتملا للطاقة عابر للقارات بالنسبة لأوروبا وآسيا وأفريقيا، وستكون مصر ذات أهمية خاصة فى إيجاد أسواق أكبر للنفط والغاز الجديد القادم من غرب أفريقيا، وهذه هى المخاطرة فى التخلى عن مصر فى الوقت الراهن وقبل أن يستقر الحال ويتحدد ملامح عهد ما بعد مبارك، وتشدد الصحيفة على أن هذا الطريق سيكون وعرا ويمكن أن ينجم عنه ثورة أخرى، لكن التخلى عن موطئ قدم للطاقة فى مصر الآن يعنى التخلى عن طرف رئيسى فى المستقبل.
ودعت ساينس مونيتور المستثمرين فى مجال الطاقة إلى ضرورة الاستعداد لثورة أخرى محتملة، لكن على المدى الطويل يجب أن يعترفوا بوضع مصر فى هذا السوق.
وتشير الصحيفة إلى أن شركات الطاقة الكبرى لا تخشى كثيرا من عدم الاستقرار السياسى، بل على العكس أعلنت شركة إينى الإيطالية عن اكتشاف نفطى فى الصحراء الغربية هذا ا الأسبوع، واكتشفت شركت إنرجى الكويت نفطا فى أكتوبر الماضى فى خليج السويس، وتفكر "شل" فى اتفاق لبناء محطة غاز سائل فى مصر، لأن الطلب على الغاز الطبيعى يفوق الإنتاج.
غير أن الصحيفة تلفت إلى أن المشكلة الرئيسية فى مصر فى الوقت الراهن هو حكومتها. فبينما تظل الشركات الكبرى ملتزمة بالتنقيب والتنمية فى مصر، إلا أنها تمت إعاقتها بسبب بيئة استثمارية غير جذابة، وفى الناحية البيروقراطية، فإنه كابوس. التكنولوجيا من الصعب استيرادها والنفقات من الصعب الموافقة عليها. وماليا: الشركات المملوكة للدولة لا توفى بالتزاماتها المالية تجاه شركائهم الأجانب، حيث إن هناك مليارات من الدولارات من المتأخرات.
وختمت الصحيفة تقريرها قائلة، إنه لو سقطت الحكومة مرة أخرى، فإن هذا قد يزداد سوءا، إلا أن الشركات الكبرى قد نجت بالفعل من الثورة، وستظل صامدة مع عدم انتهاء الثورة.
"ساينس مونيتور": مصر بها إمكانات كبيرة بمجال الطاقة غير مستغلة وتدعو المستثمرين الأجانب لعدم التخلى عنها.. وتؤكد للقاهرة دور مهم فى الجغرافيا السياسية للطاقة.. وقناة السويس دورها حيوى فى إنقاذ البلاد
الجمعة، 08 فبراير 2013 11:48 ص