يقضى آلاف العراقيين المعتصمين والمتظاهرين فى المدن السنية منذ نحو شهرين أيامهم فى ممارسة هويات متنوعة من الصباح وحتى المساء، فيما يخصص يوم الجمعة من كل أسبوع للتعبير عن مطالبهم فى مشهد لم تألفه البلاد من قبل.
وتشهد المدن السنية فى "الأنبار والفلوجة وصلاح الدين وكركوك والموصل" ومناطق بمدينة بعقوبة، وأحياء العامرية والأعظمية فى بغداد مظاهرات غير مسبوقة للمطالبة بإلغاء القوانين والقرارات التى لا تسمح لعشرات الآلاف من العراقيين بممارسة حياتهم السياسية أو صرف رواتبهم المتوقفة منذ الغزو الأمريكى للبلاد عام 2003، وأيضا إطلاق سراح آلاف المعتقلين من الرجال والنساء، غير المدانين بجرائم.
ورغم أن الحكومة العراقية واجهت مطالب المتظاهرين بالرفض فى الأسابيع الأولى، إلا أنها أجبرت بعد اتساع موجة المظاهرات على تلبية المطالب، وكلفت نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستانى ولجنة ضمت وزيرى "العدل وحقوق الإنسان" بالاستماع لمطالب المتظاهرين.
وأطلقت الحكومة أيضا سراح أكثر من ثلاثة آلاف معتقل وتدرس ملفات آخرين، وألغت المخبر السرى ومنحت الحقوق التقاعدية لنحو 10آلاف موظف من العاملين فى أجهزة الأمن، وموظفى ديوان الرئاسة إبان حقبة صدام حسين.
وتبلغ المظاهرات والاعتصامات ذروتها كل يوم جمعة، حيث تشهد إقامة صلاة موحدة فى الشوارع وأماكن الاعتصامات، ثم تبدأ الخطب لقادة المظاهرات التى يتقدمها رجال الدين وشيوخ العشائر تطالب الحكومة بالإسراع فى تنفيذ مطالب المتظاهرين، وعدم التسويف فيما يطلق المتظاهرون شعارات حماسية وأهازيج شعبية تؤكد تمسكهم بالاستمرار فى هذه المظاهرات.
وقال د.عثمان الدليمى عضو هيئة التدريس بجامعة الأنبار، "إن لجان التنسيق للمظاهرات والاعتصامات تمرست على أساليب تعامل جديدة قد تكون واحدة من الأمور التى أخذت تحرج الحكومة وتنصاع لتنفيذ مطالب الجماهير الذين يقولون إنها حقوق وليست مطالب تتمثل بإقامة منصات للخطب الدينية والجماهيرية، وتوفير الأجواء المناسبة للصحفيين للتغطية، بالإضافة إلى التمسك بلغة خطاب لا تعطى مجالا للحكومة للتحايل عليها".
وأضاف "أن تسميات أيام التظاهر فى كل يوم جمعة التى تزداد فيها الحشود الجماهيرية أسبوعيا من مهمة رجال الدين الذى أطلقوا عليها جمعة "العزة والكرامة" و"للظالم يوم" و"لا تراجع" و"الوفاء" لشهداء الفلوجة و"لا للحاكم المستبد"، وغير ذلك من التسميات ذات الدلالات والمعانى المقصودة".
وذكر أن جمعة "لا تراجع" من أصعب الأيام التى مرت على الحكومة وقواتها العسكرية عندما فتح جنود قوات الجيش العراقى النيران على حشود المتظاهرين، وقتلوا تسعة أشخاص وأصابوا عشرات فى مدينة الفلوجة التى انطلقت منها شرارة المظاهرات.
وخلال أيام الأسبوع يقضى المتظاهرون أوقاتهم داخل سرادقات وسط انخفاض كبير فى درجات الحرة وهطول الأمطار أحيانا، فى ممارسة فعاليات فنية ورياضية وثقافية بإشراف لجان تنسيق المظاهرات.
وقال الشاب محمد الدليمى "25 عاما" بدأت اللجنة الشبابية بإقامة بطولة للشباب المعتصمين بحضور كبار قادة التظاهرات من رجال الدين وشيوخ العشائر والمثقفين، حيث يتبارى عدد من الفنانين والمبدعين المعتصمين برسم لوحات فنية تشكيلية تعبر عن المظالم التى تعرضت لها النساء العراقيات فى المعتقلات الحكومية، فضلا عن لوحات أخرى عكست تفاصيل الحياة اليومية للإنسان العراقى، ومنها صفحة المظالم والاعتقالات التى يواجهها الإنسان العراقى فى سجون العراق وأمريكا.
فيما قال أحمد الأنبارى "27 عاما" المنسق الفنى للجنة الشبابية للمتظاهرين "إن الخطة التى وضعها المبدعون الفنانون هى أن نوثق بريشة الفنانين التشكيليين معاناة وصبر وإرادة الجماهير بالأنبار التى واجهت ظروف الشتاء من برد شديد وأمطار غزيرة، فضلا عن تفاصيل تخص كرم المضايف لأبناء الانبار فى تقديم أصول الضيافة للجماهير المعتصمة والمتظاهرة فى ساحتى العزة والكرامة بالرمادى والفلوجة".
اعتصامات متظاهرى الأنبار العراقية.. برد وسياسة وفن ومرح
الجمعة، 08 فبراير 2013 11:13 ص
مظاهرات الأنبار