ربما سيلوم علىّ بعض أصدقائى لاستخدامى مثال كهذا.. ولكنى دائما أقول ما أشعر به.. وأنا الآن أشعر أن نظام الرئيس الراحل «أنور السادات» والرئيس المخلوع «حسنى مبارك» كانا يتعاملان مع «سيناء» بأسلوب طفولى جداً.. نحاول ونحارب ونقاتل من أجلها وعندما نمتلكها نزهد فيها وننصرف عنها.. تماما كما يفعل الأطفال عندما يريدون لعبة جديدة وما أن يمتلكوها حتى ينصرفوا عنها ويهملوها.
أعتذر لسذاجة المثال.. ولكنه شعور يراودنى من سنوات طويلة.. لقد حاربنا من أجل سيناء وألقينا بخيرة شبابنا فداءها وخرجَتْ علينا كل وسائل الإعلام تهنئ شعب مصر ورئيس مصر بعودة سيناء وتغنَّى باسمها كلُّ المغنيين وأَشعرَ فيها كل الشعراء ونشأنا -نحن مواليد السبعينيات- فى خدعة إعلامية كبيرة اسمها «عودة سيناء».
ما معنى عودة سيناء؟
إن الرجل منا يحارب ويكافح من أجل استعادة حقه.. حقه هذا قد يكون أرضه أو منزله أو أى شىء مملوك له وتم اغتصابه منه قهرا.. فيظل الرجل يكافح ويناضل حتى يستعيد حقه المنهوب.. وإذا استعاده كان عليه أن ينعم به ويستفيد منه.. وإلا فسيكون قد أجهد نفسه وأضاع ماله ووقته وربما حياته من أجل لا شىء.
أنا أرى أن عودة سيناء للسيادة المصرية عودة قاصرة ومعيوبة ويلزمها إعادة نظر كبيرة جدا فى معنى كلمة «عودة سيناء».
إنَّ رفْعَ علم مصر فوق أراضى سيناء لا يعنى عودتها وإنما يعنى فقط السيطرة العسكرية عليها.. أما العودة الحقيقية فلها معانٍ أُخَر.. هذه المعانى ترتبط باستغلال سيناء ومواردها وخيراتها لصالح الشعب المصرى.. وترتبط أيضا بشعور الأفراد والمواطنين الذين يسكنون سيناء أنهم جزء من هذا الوطن.
عودة سيناء معناها أن يكون لأهل سيناء كل الحقوق التى يتمتع بها المواطن المصرى وعليهم كل الواجبات التى يؤديها المواطن المصرى.
ما معنى عودة سيناء إذا كان معظم أهلها لا يؤدون الخدمة العسكرية مما أشعرهم بأنهم فصيل منبوذ يعامل من قبل الحكومة معاملة خاصة ويتم تنحيته من العمل العام وشرف الجهاد والدفاع عن بلاده؟
ما معنى عودة سيناء إذا كانت الأراضى والعقارات والممتلكات ما زالت تخضع للأحكام العرفية الخاصة بأهل البدو مع تهميش كامل لإجراءات الدولة وقواعد الملكية والحيازة التى تتبعها فى أى إقليم آخر؟
ما معنى عودة سيناء إذا كانت الحكومة لا تقوم بأى استثمارات حقيقية فى هذا الإقليم المفعم بالثروات؟ اللهم إلا بعض كبار رجال الأعمال «القلائل» الذين أدركوا قيمة سيناء -بدون توجيه حكومى- ووضعوا أموالهم واستثماراتهم فى هذا الإقليم.
ما معنى عودة سيناء إذا كان الشعب السيناوى بنسبة %40 تقريبا لا يهتم بتسجيل أبنائه فى السجلات المصرية ولا يحملون بطاقات هوية ولا رقما قوميا لإثبات شخصيتهم وانتمائهم للقطر المصرى؟
إن عودة سيناء الحقيقية فى استغلالها وفى ضمها إلى حضن مصر بشكل كامل.. عودة سيناء تعنى زراعتها واستثمار الثروات التعدينية الموجودة فيها.. عودة سيناء ستتحقق عندما يفتخر المواطن السيناوى بانتمائه إلى هذا البلد وهذا لن يحدث إلا عندما يجد الرعاية المناسبة والخدمات المناسبة والوطن العادل الذى يساوى بينه وبين أى مواطن آخر من أى إقليم آخر فى الحقوق والالتزامات.. وقتها فقط سنقول إن «سيناء العظيمة» قد عادت لمصر.. أما رفع العلم المصرى فى ظل الاحتقان والغضب والتهميش الذى يعانى منه الشعب السيناوى فهذا لا يخرج من كونه هزيمة لإسرائيل وسيطرة عسكرية مصرية على سيناء.
عدد الردود 0
بواسطة:
جواهر - القدس
فهلوة لغوية أم سذاجة فطرية ؟!
عدد الردود 0
بواسطة:
أبو أسكندر
عندك حق شاعر المستقبل