شارك أمس الأربعاء، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان فى اجتماع بوزارة العدل، لمناقشة وضع مشروع قانون جديد للجمعيات الأهلية، واعترض ممثلو المركز فى الاجتماع على إدراج مشروع القانون المقدم من وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية، فى جدول أعمال الاجتماع، وقالوا إن القانون المقترح لا صلة له بموضوع الاجتماع.
وأضاف المركز فى بيان له اليوم الخميس، أن القانون المقترح يستهدف تأميم المجتمع المدنى، وتحويل الجمعيات والمؤسسات الأهلية إلى دواوين إدارية تراقب نشاطها الأجهزة الأمنية المتعددة، التى منحها القانون دورا رسميا لأول مرة فى تاريخ قوانين الجمعيات الأهلية فى مصر، وذلك فى إطار ما أسماه القانون "اللجنة التنسيقية".
وأضاف بيان المركز، أنه فى إطار عملية تأميم المجتمع المدنى، التى لا تعرفها سوى أعنى الدول الشمولية، تصبح بمقتضى القانون الأموال "الخاصة" بالجمعيات أموالا عامة، وموظفيها بمثابة موظفين فى الحكومة، وتخضع للضبطية القضائية، وتابع المركز "وإمعانا فى التعبير عن مدى عداء الحكومة لمبادئ حقوق الإنسان، فإن القانون يقصر نشاط الجمعيات على التنمية والرعاية الاجتماعية، بينما يتعامل مع منظمات حقوق الإنسان وكل مؤسسات التوعية بالقانون والدستور كأحزاب سياسية، ويحظر التمويل الخارجى لأنشطتها، كما يحظر القانون على كل الجمعيات الأهلية القيام ببحوث ميدانية، أو استطلاعات رأى، بل وما أسماه القانون "العمل الأهلى" أى كل الأنشطة التى تستهدف "تحقيق أهداف تنموية وإنسانية" بدون تصريح من الجهات الأمنية".
وجدير بالذكر، أن مجلس الوزراء كان قد ناقش مشروع القانون منذ ثلاثة شهور، ووافق عليه بعد أن أبدى عليه ملاحظات محدودة، وطلب من وزارة الشئون الاجتماعية عرضه على ما أسماه "الحوار المجتمعى"، الذى يشكل اجتماع أمس أحد حلقاته، وقد أكد ممثل وزارة الشئون الاجتماعية فى اجتماع أمس أن عدة وزارات وأجهزة أمنية شاركت فى صياغة هذا المشروع، الأمر الذى يؤكد أنه مشروع الحكومة، وليس وزارة الشئون الاجتماعية وحدها.
كما أكد بيان المركز أن مشروع قانون الحكومة المقترح لتنظيم الجمعيات الأهلية ينطلق من فلسفة قمعية بائسة، وهو أكثر تقييدا من القانون الحالى رقم 84 لسنة 2002، وأكثر قمعا وعداء للمجتمع المدنى من كل قوانين ومسودات قوانين الجمعيات الأهلية فى عهدى عبد الناصر ومبارك، وفترة حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بل إنه يتعارض مع نص المادة 51 من الدستور الجديد، التى تنص على تأسيس الجمعيات بـ"الإخطار"، وهو ما خالفه مشروع القانون علميا، برغم أنه استخدم لفظ "إخطار"، كما يتيح القانون للحكومة التدخل فى النشاط اليومى للجمعيات، وفى مدى صلاحية مرشحيها لمجالس إدارتها، فضلا عن التحكم الأمنى فى أنشطتها ذاتها، من خلال منح اللجنة التنسيقية "الأمنية" حق الموافقة أو الرفض لتمويل أنشطة بعينها.
وأشار مركز القاهرة إلى أن مشروع القانون الجديد يحظر أية أشكال أخرى لتنظيم المجتمع المدنى، باستثناء الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وهو الأمر الذى يؤدى فى حالة إصدار هذا القانون، إلى تجريم عدد من منظمات حقوق الإنسان والجماعات الشبابية والفنية والأدبية، وكل أشكال التنظيم المدنى المستقلة التى نشأت بعد الثورة، مضيفا أن إصدار هذا القانون قد يؤدى إلى انتقال عدد من منظمات المجتمع المدنى للعمل من خارج البلاد، على النحو الذى عرفته دول قمعية، مثل ليبيا فى عهد القذافى، وسوريا وزيمبابوى، وغيرها.
ووصف المركز فى بيانه فلسفة مشروع القانون بالتجسيد لعداء حكومة الدكتور محمد مرسى للمجتمع المدنى، ومحاولة السيطرة عليها بشتى الطرق، وعدم احترام التزامات مصر الدولية بمقتضى الاتفاقيات التى صدقت عليها الحكومة المصرية من قبل، والمعايير الدولية الخاصة بحقوق المواطنين فى تكوين الجمعيات والدفاع عن حقوق الإنسان.
وأضاف المركز، أنه لا شك أن دعوة وزارة العدل للحوار المجتمعى فكرة جيدة، بقدر ما يكون هناك مشروع قانون جاد يمكن الحوار حوله، أما غير ذلك فيؤدى فقط إلى إيهام المجتمع بأن هناك مشاورات جادة تجرى، بينما هناك مشروع قانون ينتظر تقديمه بصورة تبدو كما لو كانت ديمقراطية، واقترح أحد ممثلى الحكومة فى اجتماع الأمس "أن يكون تصويت المجتمعين محددا لنتيجة المشاورات".
ودعا مركز القاهرة الحكومة لسحب المشروع المقترح منها، والبت فى المشروع المقترح من 56 منظمة حقوقية وجمعية أهلية، باعتباره نقطة الانطلاق، أو المقترح السابق لوزير العدل بالعودة إلى المواد الملغاة من القانون المدنى ذا الصلة.
وجدير بالذكر أن السيد وزير العدل، كان قد أبلغ مركز القاهرة قبل الاجتماع بأن مشروع القانون المقترح من 56 منظمة حقوقية وجمعية أهلية، وسيكون مطروحا كأحد البدائل فى الاجتماع، ولكن الملف الذى جرى توزيعه على المجتمعين لم يتضمن هذا المشروع.
وأوضح ممثلو مركز القاهرة فى الاجتماع أنهم لن يكونوا شركاء فى أى اجتماع يناقش أى مقترح بتأميم المجتمع المدنى، وتحويله إلى مصلحة حكومية، وشارك فى الاجتماع من مركز القاهرة محمد زارع، ومحمد الأنصارى، ومثَّل وزارة الشئون الاجتماعية مستشارها القانونى الدكتور محمد الدمرداش، كما شارك مندوب عن المجلس القومى لحقوق الإنسان، ومندوب عن الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية، وممثلين عن مركز العقد الاجتماعى بمجلس الوزراء، وأدار الاجتماع المستشار الدكتور هيثم البقلى من وزارة العدل.
"القاهرة لحقوق الإنسان" يرفض مسودة قانون "التأمينات" للجمعيات الأهلية.. المركز: المشروع يتصادم مع الدستور ويستهدف تأميم المنظمات.. ويحظر البحوث الميدانية واستطلاعات الرأى بدون تصريح الأمن
الخميس، 07 فبراير 2013 03:16 م