لم يكن خبر استقالة الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة مفاجأة، فهذه الاستقالة كانت متوقعة ومنتظرة، لكنه أجلها لما بعد الانتهاء من معرض القاهرة الدولى للكتاب، كما يقول مقربون من الوزير، حفاظا على صورة مصر فى العالم، ولكى لا تهتز صورتها دوليا، خاصة أن معرض القاهرة يعد من أقدم معارض الكتاب الدولية فى العالم، حيث يبلغ عمره 44 عاما.
المقربون من الوزير يؤكدون أنه عاش ضغوطا نفسية كبيرة خاصة بعد تكرار حوادث القتل من جانب الحكومة بالشكل الذى أشعره بالخجل من نفسه، ويؤكدون أنه كان بين أمرين أحلاهما مر، فإما أن يترك الوزارة ويؤثر على سمعة مصر دوليا، ويعرضها لموجات الأخونة المتتالية، أو يستمر فى عمله إلى حين الاطمئنان على تعهدات مصر الدولية بإقامة معرضها الدولى فى موعده، لكن ما لم يحتمله "عرب" هو أن يرى مشهد سحل المواطن "حمادة صابر" أمام الملايين، ومن جانب حكومة هو أحد أعضائها، ويؤكد أصدقاء عرب أنه كان متأثرا إلى حد بعيد بأحداث الاتحادية الأولى ومقتل شباب مصر من الجانبين، مرجحين أنه قد اتخذ القرار النهائى بالرحيل عقب التأكد من قتل الشاب محمد الجندى الذى توفى إثر تعذيب الداخلية له، وتأكده من أن مؤسسة الرئاسة وحكومة الدكتور هشام قنديل يعملون بنفس الآلية القمعية مع المصريين.
ولم تكن هذه الأسباب وحدها هى التى دفعت عرب لتقديم استقالته، فهناك العديد من الأسباب المهنية، والتى علمها "اليوم السابع" من مصادره الخاصة بمجلس الوزراء، وكانت سببا فى غضب عرب، وتأكيده على نيته تقديم استقالته فور انتهاء فعاليات الدورة الرابعة والأربعين من معرض القاهرة للكتاب، ومنها واقعة مهمة جدا، وهى رفض الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء دعم وزارة الثقافة ماديا بعد طلب رسمى من الوزارة للمساعدة فى إقامة المعرض، وقالت رئاسة الوزراء إنها لا تمتلك أموالا وتعانى من أزمة اقتصادية، وبعدها بأيام قليلة قدمت رئاسة مجلس الوزراء نفسها مبلغ يقدر بحوالى نصف مليار جنيه دعما لوزارة الشباب والرياضة التى يتولى حقيبتها الدكتور أسامة ياسين المنتمى لجماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، وهو ما أشعر عرب بإحباط كبير، وأيقن أن مجلس الوزراء لم يدعم سوى الوزراء الإخوان، وأنه تعدى مرحلة "أخونة الحكومة" إلى مرحلة إفشال الوزراء غير المنتمين إلى الجماعة، وإنجاح وزراء الجماعة، كما أيقن أن مؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء لا ينظران بعين الاعتبار إلى وزارة الثقافة، ولا يهتمون بها، ولا توجد على أجندتهما ما يتعلق بالثقافة أو التراث أو الحضارة المصرية.
سياسة مؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء أيضا، والطريقة التى يتعاملان بها مع الوزراء أيضا، كانت واحدة من الأسباب التى دفعت عرب للاستقالة، فالوزراء فى حكومة قنديل يعلمون القرارات الرئاسية مثلهم مثل رجل الشارع من الجرائد والقنوات الفضائية، وهذا ما أزعج عرب كثيرا، عندما قرأ فى الجرائد عن الإعلان الدستورى الذى أصدره مرسى فى نوفمبر 2012، وإلغاء نفس الإعلان الدستورى، وعندما قرأ أيضا عن إعلان حالة الطوارئ وغيرها من القرارات التى تتخذها مؤسسة الرئاسة منفردة، أو بعلم الوزراء المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين، ودون علم باقى الوزراء وكأنهم مجرد ديكور.
جدير بالذكر أن عرب حضر اجتماعا عقدته دار الشروق مع بعض قيادات الوزارة واتحاد الناشرين أمس فى أحد فنادق القاهرة، واتفق خلال هذا الاجتماع على مد فترة المعرض، لكن اللافت فى الأمر أنه حضر بسيارته الخاصة، ولم يحضر بسيارة الوزارة، كما أنه لم يذهب إلى مكتبه هذا الصباح، وهو ما يؤكد أن قرار الاستقالة نهائى ولا رجعة فيه.
وكان عرب قد تقدم باستقالته للمرة الأولى من حكومة الدكتور كمال الجنزورى، فى يونيه 2012، ووقتها تولى الدكتور محمد إبراهيم وزير الدولة لشئون الآثار مهمة تسير وزارة الثقافة حتى اختيار وزير جديد، وبعدها تشكلت حكومة جديدة برئاسة الدكتور هشام قنديل، وكانت المفاجأة باختيار الدكتور محمد صابر عرب للمرة الثانية وزيرا للثقافة، وتولى عرب المهمة، مؤكدا أنه لو تخلى كل مصرى عن دوره فى هذا الوقت الصعب فلن تقوم البلد من جديد، وظل عرب يمارس عمله إلى أن شهدت مصر أحداث الاتحادية وقتها لوح عرب باستقالته، وأكد أنه على مستعد للرحيل من الوزارة فى أى وقت، لأن الجو العام فى مصر لا يسمح بالعمل، والمناخ السياسى والاجتماعى أصعب مما كان يتخيل، فالحكومة لا تساعده كوزير للثقافة، والأهم من ذلك أنها لا تراعى مطالب الشعب الغاضب الذى لن يهدأ إلا بتلبية مطالبه.
موضوعات متعلقة..
وزير الثقافة صابر عرب يقدم استقالته
كواليس استقالة وزير الثقافة من حكومة قنديل.. الحكومة رفضت دعم الوزارة بـ 70 مليون جنيه ودعمت وزير الشباب الإخوانى بنصف مليار.. وصابر عرب أجل القرار حتى انتهاء معرض الكتاب حفاظًا على صورة مصر
الإثنين، 04 فبراير 2013 07:20 م