قال الكاتب الكبير جمال الغيطانى، إننا فى حاجة إلى قراءة تاريخنا جيدا، موضحا أن المصرين عندما يكونون فى الظروف الأصعب تأتيهم المقدرة على تجاوز أى صعوبات.
وأضاف الغيطانى خلال الندوة التى عقدت مساء الأحد، فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، والتى تحدث فيها عن القاهرة القديمة، قائلا "تربيت فى الجمالية وكان الوالد له أصدقاء فى خان الخليلى، ومن خلال هذا المكان تعلمت أن مصر تهضم ما لا يتفق معها، فمثلا بونابرت تحدث العربية وذهب إلى الأزهر وجلس إلى العلماء، كذلك الإنجليز الذين غيروا لغة الهند التى تمتلك 600 لغة لم يؤثروا فى مصر، وكذلك الحال فى الجركس الذين حكمونا 200 سنة ولم يتركوا أثرا.
وأضاف الغيطانى "أنا مدين للقاهرة بتكوينى".. و"رغم أننى ولدت فى جهينة، مديرية جرجا (كما كانت تسمى إداريا فى الأربعينيات) فإن أول صورة فى الذاكرة تنتمى إلى سنة 1948 أثناء الحرب، حيث درب الطبلاوى شارع قصر الشوق، وبيتنا الذى كان يتكون من خمس طوابق أذكر صورة للوالد يصعد بنا إلى السطح ونحن خلفه!
وحين عملت كمراسل حربى وأثناء قراءتى حول الحرب اكتشفت أن سلاح الجو كان ناشئا ولم يشن سوى غارة قدر لها أن تكون فى هذا المكان.
ويلاحظ الغيطانى، أن شرط البناء على النيل أساسى فى أى مدينة مصرية خاصة للأماكن المقدسة؛ معبد الأقصر، والكرنك، وأبيدوس، ودندرة.. النيل مقدس باعتبار أن الماء أصل الحياة قال تعالى" وجعلنا من الماء كل شئ حى"، فضلا عن أن النيل فى الفسطاط كانت تطل عليه الكنيسة المعلقة وجامع عمرو بن العاض قبل أن يتحرك النيل غربا لمسافة 500 متر.
ويعود إلى جنوب القاهرة القديمة الذى تخترق سماءه أروع مآذن العالم الإسلامى، فكل مآذنه حالة بذاتها، ويسرف فى عشقه لمسجد السلطان حسن بمآذنه المصرية الصميمة، بينما كان يثير خياله فى سن الرابعة مسجد محمد على، ولكنه عندما تردد على اسنطبول اكتشفت الأصل المعمارى له.
ويطلع الغيطانى الحضور على سر تردده على شيخ جليل كان يسكن فى القلعة، ويصف ما بين مسجد السلطان حسن ومسجد الرفاعى، وفى هذا الشارع الفاصل بينهما مر أول خط للترام سنة 1896يصل بين الإمام الشافعى والسبتية التى توجد بها محطة الكهرباء التى كانت إذا انقطعت عن "أخبار اليوم" يقول مصطفى أمين – رحمه الله – إن فأر السبتية يقرض الأسلاك ويقطع التيار!
وإذا وقفنا بين المسجدين وولينا الظهر لوجدنا شارع محمد على، وهو أول شارع حديث يقوم على فكرة "البوليفار" أى الشارع المستقيم، وفى منتصفه دار الكتب المصرية، وفى نهايته ميدان العتبة ومسرح الأزبكية.
وأضاف الغيطانى أن الشارع شهد أمورا خاصة بمصر والمصريين، ففيه مقهى فى "دار الكتب" وكان من رواده حافظ إبراهيم وحسن الآلاتى وهو من كبار الساخرين وله كتاب- أتمنى طباعته- "مضحك العبوس والترويح عن النفوس" ويشبه فى ندرته المخطوطات، وهو كتاب نادر فى أدب اللامعقول يسرد حكايات كانت تحدث على مقهى من أشهر مقاهى الشرق، حيث كان يستضيف عشاق صراع الديواك التى لها هواة ومحبين مثل كرة القدم الآن.
ويشرح الغيطانى طبيعة اليهود فى كل مكان فى العالم وتجمعهم فى مكان واحد باستثناء القاهرة التى استطاعوا فيها أن يقيموا 16 معبدا من مصر الجديدة وحتى المعادى.
ويضيف الغيطانى "فى القاهرة سمة مهمة تحتوى عدة مدن متداخلة العاصمة بدأت عندما توحدت الدولة المصرية ما قبل الأسرة الأولى وتم اختيار مكان لإدارة الدولة وكان ذلك فى منف وما تزال بقاياها حتى الآن، والعاصمة فى معظم تاريخ مصر تحركت عند نقطة ينتهى عندها الصعيد وتبدأ الدلتا".
ويقول الغيطانى "نلاحظ فى تأسيس المدن المصرية أنها مرتبطة بالأسطورة، فعمرو بن العاص نصب فسطاطه، وحين أراد أن يزيله وجد حمامة فرفض أن يزيلها وسميت المدينة الفسطاط، وكان عمرو داهية جاء إلى هذا المكان لتثبيت الوضع السياسى الجديد قرب حصن بابليون مركز الحكم الرومانى ووضع بيرقه من نفس المكان الذى تحكم منه مصر".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة