بقدر ما كان الهدف إنسانيا، لكن استطاعت السياسة أن تتطرق بأطرافها الخفية إلى جنباته، هذا كان حال المؤتمر الدولى للمانحين لدعم الوضع الإنسانى فى سوريا والذى انعقد بالكويت الأربعاء الماضى، فأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الذى أعلن عن تبرعه بـ300 مليون دولار لدعم اللاجئين السوريين عندما أطلق مبادرته لعقد هذا المؤتمر المهم كان يهدف إلى التركيز على المعاناة الإنسانية لأكثر من 600 ألف لاجئ سورى تقطعت بهم السبل فى دول الجوار.
أراد أن يقول للعالم إنه بين مئات الاجتماعات التى عقدت لمحاولة حل الأزمة السورية تناسى كثيرون معاناة هؤلاء، خاصة فى ظل البرد القارس، وزيادة حالات التدفق من داخل سوريا إلى دول الجوار فى العراق وتركيا والأردن فضلا على مصر.
نعم نجح المؤتمر فى توفير المبلغ التى حددته الأمم المتحدة لتوفير الالتزامات الأساسية للاجئين السوريين خلال الستة أشهر المقبلة، والمقدر بمليار ونصف المليار دولار، وربما أزيد من ذلك، لكن تلاحظ أنه فى حين حاولت الكويت والأمم المتحدة التركيز على الوضع الإنسانى فى محاولة لمساعدة الدول المتلقية للاجئين السوريين، حاول البعض استغلال المؤتمر للترويج لوجهة نظره السياسية، حتى إن كانت على حساب آلاف الضحايا السوريين.. وأقصد هنا تحديدا إيران التى تعمد وفدها المشارك برئاسة وكيل وزارة الخارجية أمير حسين أن يخرج أثناء الجلسة الافتتاحية للمؤتمر للدعوة إلى مؤتمر صحفى لإعلان موقفهم السياسى المساند لنظام الرئيس بشار الأسد.
الوفد الإيرانى حاول «ضرب كرسى فى الكلوب»، وفقا لتوصيف أحد الصحفيين الخليجيين ممن تابعوا المؤتمر، فهم حاولوا جذب انتباه الإعلام الحاضر للمؤتمر عن الهدف الأساسى له، وهو الجانب الإنسانى للأزمة، وراحوا فى سرد الأكاذيب التى حاولوا من خلالها تأكيد دعمهم لآلة القتل الأسدية فى سوريا.
يبدو أن الإخوة فى إيران لا يعنيهم أوضاع اللاجئين السوريين، حتى وإن أعلنوا التبرع لهم من خلال المؤتمر، لأنه لا يجوز لمشارك فى القتل أن يساهم فى تضميد جروح الضحية، كما أن المسؤولين الإيرانيين لم يفهموا رسالة المؤتمر جيدا، فالرسالة كانت إنسانية بحتة ولا علاقة لها بالسياسة ودهاليزها.. لم يفهموا رسالة الكويت والأمم المتحدة باعتبارهما منظمى المؤتمر عندما رفضا توجيه الدعوة لأى من النظام السورى أو المعارضة حتى لا يتحول المؤتمر إلى مناطحة سياسية تستمر معه خسائر المواطنين السوريين ممن لا يعنيهم الصراع على السلطة أكثر من البحث عن حياة آمنة فى بلده ووسط أهله، بدلا من التشرد بين دول الجوار.
لقد نجحت إدارة أمير الكويت للمؤتمر فى تجنيبه الاحتكاكات السياسية لتحقيق الهدف المنشود منه، ولتفويت الفرصة على الصائدين فى المياه العكرة من العبث بهدف هذا المؤتمر الذى لاقى ترحيبا شديدا من الجميع، سواء من حضره أو من تابعه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة