محمد الجازوى

خيال المآتة..

الثلاثاء، 26 فبراير 2013 08:45 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وسط غيطان الذرة الشامى الأشجار المحيطة كلها تتنفس عطر الفجر الجميل، نظرت فى الأفق الشرقى وجت دميه على شكل إنسان مصنوع من القش المخبأ فى ثياب أبيض يستخدمونها لشكلها المفزع لإخافة الطيور والغربان.. والمعروف باسم خيال المآتة" هذه الدمية كنت أراها تقف شامخة قوية حتى تخيف من يقترب منها، ولكن عندما نظرت إليها وجدتها فى هذه الأيام.. تقف وسط حقول الذرة الشامى.. فى انكسار وقد استباحته الغربان والطيور ووقفت على رأسه وفكت بمناقيرها مشدة الرأس وجعلت الثوب الأبيض أشبه بخريطة العالم السياسية فى أطلس مناهج التربية المدرسية.

فأصبح خيال المآتة غير قادر على منع الطيور للوصول إلى ثمار الأرض.. فهنا تذكرت الجنرال الذى وجد خيال المآتة الموجود فى حقله فى شكله الضعيف وغير قادر على منع الطيور من الوصول إلى ثمار الأرض.. فدخل غرفته وفتح خزانة الملابس القديمة وأخرج البدلة العسكرية الخاصة به العتيدة المزينة بالأنواط والنياشين، التى أسبغتها عليه الحكومة لجهوده المقدرة فى قمع كافة أشكال التمرد والعصيان فى طول البلاد وعرضها.. ثم نضى الغبار عنها وتركها جانبا وأحضر الأخشاب اللازمة لصنع خيال مآتة برتبة جنرال وعندما وضع خيال المآتة فى وسط الحقل أصاب الغربان والطيور الفزع الشديد وهربت من كل أنحاء البلاد وفى كافة الاتجاهات تتخبط بأجنحتها.. والتزمت جحافل النمل بحظر التجوال.. وعم السكون المكان إلا من حفيف السنابل مع الرياح.. كأنها جماهير الغوغاء تهتف بحياة الجنرال الشامخ المزين بأنواط الشجاعة ووسام الخدمة الطويلة والممتازة فى شكل أول وآخر انقلاب ناجح قام به فى حياته دون تدبير قوى خارجية أو أرصدة فى البنوك.

وبعد يوم جميل بين أحضان الزرع فى جو نقى.. بعيد عن صخب المدينة وهمومها فى وسط أحزان الصورة السابقة عدت إلى القاهرة وعند وصولى إلى أول إشارة مرورية وجدت عسكرى المرور المسئول عن تنظيم سير السيارات غير قادر على التنظيم لا أحد يسمع له أو ينتبه إليه.. فتذكرت عسكرى المرور قبل الثورة تراه واقفا حذرا له عينان كالصقر تسمر فوق ناصية ينظم حركة السير فلا برد يفزعه ولا خوف من الحر.. له صفارة تدوى فتوقف دفعة السير وتدوى مرة أخرى فكل طائع الأمر.. وإن سيارة خرجت على عجل بلا عذر فويلها.. أخذتنى حالة من الحزن فتذكرت خيال المآتة فى الحقول وعسكرى المرور فى المدينة بعد الثورة.

وعند وصولى إلى ميدان تمثال نهضة مصر المجاور لحديقة الحيوان بالجيزة فى اتجاه كوبرى الجامعة وخلفه قبة جامعة القاهرة فهو تمثال كبير من حجر الجرانيت، يعد رمزاً لمصر الحديثة وأهم أعمال الفنان المصرى النحات محمود مختار، كما أن له دلالة خاصة فى الإشارة للأحداث السياسية، التى مرت بها مصر فى تلك الفترة الهامة، حيث كانت مصر تطالب بالاستقلال والنهضة والحرية والعدالة الاجتماعية فى فترة الاحتلال.

ولكنى وجدت تمثال نهضة مصر بميدان جامعة القاهرة أصبح غير قادر على تفعيل النهضة والتعبير والسيطرة على نشر الحرية والعدالة الاجتماعية.. فتذكرت خيال المآتة وعسكرى المرور.. فلا أملك سوى التعبير عن شخصى فى محاولة البحث عن المعنى المشترك بين خيال المآتة وعسكرى المرور وتمثال نهضة مصر فالكل لا يحقق ما يطلبه الإنسان البسيط داخل الوطن الحبيب من أمن ونهضة وحرية وعدالة اجتماعية.
فلماذا انكسرت الرموز فى ميادين الوطن الحبيب؟.. مجرد سؤال.





مشاركة




التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

عماد عبد الحميد

مقال جميل ..

عدد الردود 0

بواسطة:

أبو ندى

قول للزمام أرجع

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة