د. رضا عبد السلام

ماذا بعد عودة أعضاء الحزب الوطنى للمشهد!!

الجمعة، 22 فبراير 2013 11:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعتقد أن أخطر ما تضمنته قرارات المحكمة الدستورية العليا بشأن مشروع قانون الانتخابات البرلمانية البند الخاص بعودة المعزولين سياسياً، وتحديداً أعضاء النظام السابق الذين لن يشملهم الحظر، وهؤلاء يشكلون كل نواب النظام السابق على مستوى الجمهورية باستثناء اثنى عشر نائبا فقط!!

أعادت قرارات الدستورية الحياة من جديد لنواب النظام السابق، وبدءوا على الفور بإعادة ترتيب أوراقهم والاتصال والشروع فى تكوين حزب سياسى انضم إليه الآلاف خلال ساعات على مستوى الجمهورية، بغرض الدخول بقائمة موحدة على مستوى الجمهورية!!
لاشك أن هذا التحول المفاجئ أربك جميع القوى السياسية وحتى المواطن المصرى، وذلك للاعتبارات التالية:

أولاً: لقد أربك هذا القرار (قرار الدستورية) النظام الحاكم، وتحديداً حزب الحرية والعدالة، الذى يعانى بالفعل من تراجع شعبيته فى الشارع المصرى، فما بالنا بالوضع مع عودة الحياة لرموز النظام السابق، وخاصة أولئك الذين لا تثار شبهات فساد بشأنهم!!
ثانياً: أن المشهد العام فى مصر حالياً فى غاية السوء، وخاصة بعد تدنى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية وتردى حال المواطن المصري، الذى عاد ليتباكى على زمن مبارك. فها هو تفسير الدستورية قدم للشعب رجال نظام مبارك على طبق ذهبى. فالمؤكد أن عودتهم تصادف توقيتاً داعماً وظروفاً داعمة لهم لا للفريق المنافس وأقصد هنا التيار الدينى بكافة أطيافه.

ثالثاً: أن الأحزاب الكرتونية الأخرى، وخاصة الكثير من الأحزاب التى شكلت ما سمى بجبهة الإنقاذ، ضاعت بين مطرقة الإخوان وسندان رجال النظام السابق، وخاصة بعد تدنى شعبيتهم مؤخراً، وإدراك الشارع المصرى أن الكل يبكى على الكرسى والسلطة، وأن الكثير من المنتمين لجبهة الإنقاذ لا يقلون فى تطرفهم عن من يوجهون إليهم سهام النقد.

فى ضوء هذا التحول الغريب والمفاجئ، يثار تساؤل مهم عن شكل العلاقة وطبيعة المنافسة خلال الأشهر القادمة!! فرجال الحزب الوطنى عائدون عودة المنتصر الجريح. فكثيراً ما أهانهم الإخوان وحاولوا تهميشهم ونعتوهم بالفلول، وها هم يعودون بكلمة القضاء رغم أنف الإخوان، فهل سكون مشهداً سلمياً؟ أم أنه ستكون لديهم رغبة الانتقام ورد الاعتبار؟ وهل سيقف الإخوان مكتوفى الأيدى؟ أم أنهم سيحاربون بكل ما أوتوا من قوة لوأد حلم عودة رجال النظام السابق؟! وهل سيسعفهم الوقت؟ ياترى هل سيقتنع الشعب بالحجج التى سبق وأن ساقها الإخوان لضرب رجال النظام السابق خلال الانتخابات البرلمانية السابقة؟ أم أن المشهد مختلف تماماً – وهذا ما أميل إليه – ولن يلتفت الشارع لأى ادعاء يسوقه الإخوان بعد أن تبدلت الأحوال وتردت الأوضاع؟!

بالنسبة لى، ومن أعماقى أنا لست سعيداً بهذا المشهد العبثى الذى نحياه، وذلك لخوفى على مصر المكلومة بنا جميعاً. طبيعى أن من حق أى مواطن مصرى أن يتقدم للترشح طالما لم يثبت بحقه حكم جنائى يدينه، وبالتالى فإن رجال النظام السابق أبرياء أمام القانون، ولكن ألم تكن الأوضاع قد استقرت نسبياً وسكت أغلب رجال النظام السابق أو على الأقل سلموا بالأمر الواقع وبدأ بعضهم فى الانخراط فى تيارات وأحزاب سياسية وليدة؟!
ما حاجة مصر لأن نزيد الواقع المرير اشتعالاً؟! هل تتحمل مصر المزيد من الحرائق؟ أعلم كأستاذ بكلية الحقوق أن هناك شيئا اسمه القانون، ولكنى أعلم أيضاً أن هناك شيئا آخر اسمه روح القانون واعتبارات الملائمة الاقتصادية والسياسية وغيرها. فهل يتحمل الواقع المصرى فتح فوهة جديدة تزيد البركان اشتعالاً؟!

على كل حال، فى اعتقادى أن المشهد السياسى فى مصر سيزداد سخونة، وقد تصل إلى حدود لا أتمناها لمصر، خاصة وأننا أما طرفين عنيدين، أحدهما على رأس السلطة ويعانى شبح الانهيار السريع، وطرف عائد وهو يشعر بجرح غائر وسيحارب بكل قوة لرد اعتباره، خاصة وأن الشارع بات مهيأً للقبول به من جديد.

أما الأحزاب الكرتونية، وخاصة من انشغلوا منهم خلال الأشهر الماضية فى حروب فضائية، فهؤلاء أضاعوا فرصة ذهبية، وعليهم إعادة ترتيب الأوراق والاكتفاء بموقع المشاهد من بعيد. تلك الأحزاب كان أولى بها أن تنزل إلى الشارع، وتتقرب من الناس، وتقدم برامج تنموية داعمة، لا أن تنشغل بمهاترات سياسية وفضائية، أفقدتها هى الأخرى احترام وتقدير الشارع. والله أعلى وأعلم.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة