صباحى لـ"السفير الإيطالى": الإخوان قسموا المصريين إلى شعبين.. وعلى الحكومة إعطاء الأولوية للمصالحة الوطنية.. "مرسى" أعاد النظام السابق بغطاء إسلامى.. ويتبع نفس السياسات القمعية لانتهاك حقوق الإنسان

التقى حمدين صباحى، مؤسس التيار الشعبى، مساء أمس الخميس، مواريسيو مسارى، سفير إيطاليا بالقاهرة والمبعوث الخاص السابق إلى الشرق الأوسط، بمقر التيار الشعبى بالمهندسين، واستعرض اللقاء الأوضاع السياسية الحالية بالبلاد، وسبل الخروج من الأزمة الراهنة التى تعيشها مصر.

وأشار "صباحى"، خلال اللقاء، إلى أن مصر بحكم الجغرافيا والتاريخ مؤهلة لكى تكون قائدة المنطقة، لكنها ليست كذلك بسبب السياسات الخاطئة التى تنتهجها الأنظمة الحاكمة، مؤكدًا أن مصر، وبعد عامين من انطلاق ثورتها المجيدة، لم تجن أى شىء من ثمارها، مشيرا إلى أنه لا تزال هناك فجوة عميقة بين ما كان يتوقعه الشعب بعد الثورة والواقع، قائلاً: "ناضلنا طويلا ضد مبارك ونظامه الاستبدادى، ولا يزال نضالنا مستمرًا ضد مرسى وجماعته الإقصائية، التى تريد الهيمنة على مفاصل الدولة المصرية".

وأشار مؤسس التيار الشعبى إلى أن الأسباب الرئيسية للأزمة السياسية التى تعيشها مصر حاليا هى اتباع مرسى وجماعته نفس سياسات النظام البائد، لاسيما فى مجال انتهاك حقوق الإنسان والسياسات القمعية لأجهزة الأمن، وقال "النظام لم يسقط بعد ولكنه ارتدى رداءً إسلامياً".

وأوضح "صباحى" أن النظام القديم لم يسقط بعد لسببين رئيسين، أولهما نظام الحكم الاستبدادى والسياسات القمعية التى ينتهجها "مرسى"، والمتمثلة فى تضخم الذراع الأمنية وعودة ما يعرف بـ"الدولة البوليسية"، ورغبة الجماعة فى الهيمنة على مفاصل الدولة المصرية بشكل أعاق التحول نحو نظام ديمقراطى حقيقى، وثانيهما أن النظام الحالى عجز عن تحقيق العدالة الاجتماعية التى طالب بها المصريون فى ثورتهم، وعدم ضمان توزيع الثروة الوطنية بشكل عادل بسبب انتهاج نفس السياسات الاقتصادية التى كان ينتهجها الحزب الوطنى المنحل، والتى أدت إلى فقر المصريين وضعف بنية الاقتصاد الوطنى، والخلل فى التركيب الاجتماعى للمجتمع، وزيادة الفجوة بين طبقاته.

أضاف "صباحى" أن المستويات المعيشية للمصريين تنحدر بشكل كبير، مما يدفع البعض للانتحار بسبب عدم القدرة على مجابهة احتياجاته الحياتية فى ظل سياسات الإخوان الاقتصادية التى تعتمد على "اقتصاد السوق المفتوح"، مشيرا إلى أنه يرفض قرض صندوق النقد الدولى الذى تسعى الحكومة للحصول عليه لأنه سيزيد من أعباء الدين الخارجى للدولة، فضلا عن مساهمته فى تكريس تبعية الاقتصاد الوطنى لمؤسسات التمويل الدولية.

وحول قرار عدم مشاركة التيار الشعبى بمرشحين منه فى الانتخابات التشريعية القادمة، قال "صباحى" إن التيار الشعبى يحصر هدفه فى استكمال الثورة مع جماهير شعبنا وميادين التحرير، وينضم بكل قوته وكوادره لكافة أشكال المقاومة المدنية السلمية، المتعارف عليها فى كل النظم الديمقراطية، فى مواجهة استهانة النظام الحاكم بكل أشكال المشاركة الشعبية فى صنع القرار، وإزاء استمرار النظام فى إراقة دماء شهدائنا وتعذيب ثوارنا وإهانة كرامة مواطنينا وسحلهم فى الشوارع.

وقال "صباحى" إن قرار التيار بعدم الدفع بمرشحين لخوض انتخابات مجلس النواب القادم جاء نتيجة عدم استجابة السلطة القائمة للضمانات التى طلبها التيار، من خلال "جبهة الإنقاذ"، من أجل ضمان إجراء انتخابات نزيهة تكفل حرية الاختيار للمواطن المصرى، وتضمن مبادئ تكافؤ الفرص بين جميع المتنافسين دون تفريق.
وشدد "صباحى" على ضرورة توافر حزمتين من الإجراءات المباشرة وغير المباشرة لضمان سلامة الانتخابات القادمة ونزاهتها، أبرزها تشكيل حكومة محايدة للإشراف على الانتخابات البرلمانية، وتشكيل لجنة فنية لتعديل المواد الخلافية بالدستور، ورد الاعتبار للقضاء وتمكينه من الإشراف الكامل على العملية الانتخابية بواقع قاض لكل صندوق، وإقالة النائب العام الحالى وتعيين آخر جديد عن طريق المجلس الأعلى للقضاء، ووضع مشروع جاد للعدالة الانتقالية من أجل القصاص العادل للشهداء، ومن ثم البدء فى المصالحة الوطنية لتهيئة الأجواء لانتقال سياسى على أسس ديمقراطية.

وأكد "صباحى" أن جماعة الإخوان تريد التعجيل بإجراء الانتخابات البرلمانية اقتناعاً منها بأنها ستحصل على ثلث مقاعد البرلمان المقبل، مشيرا إلى أن جبهة الإنقاذ لو قررت خوض الانتخابات النيابية فى ظل أجواء تنافسية حقيقية، وتوافر الضمانات التى تطلبها، فأنها ستحصل على ما يزيد على 50% من مقاعد البرلمان، وستكون الكتلة الأكبر داخله.

وبسؤاله عن أهم ما يراه كأهم أولويات للحكومة فى الفترة الحالية، قال "صباحى" على الحكومة أن تضع على رأس أولوياتها فى الفترة القادمة ملف المصالحة الوطنية، وتوحيد المصريين الذين قسمتهم سياسات "الإخوان" بشكل رأسى إلى شعبين "شعب الإخوان المسلمين" فى جانب وباقى المصريين فى جانب آخر، واستطرد قائلاً "أعتقد أن جماعة الإخوان غير جادة فى تحقيق المصالحة بين أبناء الوطن ربما لأنها تريد استخدام بعض الأطراف فى تحقيق أغراضها ومطامعها السياسية".

وشدد "صباحى" على أن المصالحة لن تتحقق إلا بالقصاص العادل لشهداء الثورة واستعادة حقوق المصابين، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وفتح صفحة جديدة قائمة على احترام التعددية التى يتميز بها الشعب المصرى دون التفرقة على أساس عرقى أو جهوى أو أيديولوجى أو طائفى أو نوعى، مشيرا إلى أننا بحاجة إلى تحقيق حالة وحدة وطنية تعكس التنوع الحقيقى للشعب المصرى على غرار الـ18 يوما فى ميدان التحرير.

من جانبه، قال السفير معصوم مرزوق، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالتيار الشعبى، إن القوى الوطنية فى مصر، وفى القلب منها التيار الشعبى، لا تريد منازعة "مرسى" فى سلطته أو الحصول على حقائب وزارية فى الحكومة الجديدة، ولكن فقط تطالب بتشكيل حكومة كفاءات من الفنيين (التكنوقراط) تستطيع الخروج بالبلاد من أزمتها الحالية، ووضع سياسات ديمقراطية أكثر عدالة تؤسس لنظام الحكم الرشيد، وتنحاز لفقراء الوطن فى سبيل تحقيق العدالة الاجتماعية.

وأضاف "مرزوق" أن السياق الديمقراطى يختلف فى مصر عنه فى إيطاليا، مؤكدا أنه بدون ضمانات لتحول ديمقراطى حقيقى يمكن أن تُستغل السلطة، حتى لو تم انتخابها بشكل ديمقراطى، فى تكريس الديكتاتورية، مشيراً إلى أن موسيلينى الذى أسس الفاشية فى إيطاليا جاء إلى السلطة عبر آليات الديمقراطية، وأيضا هتلر الذى أسس النازية فى ألمانيا وصل إلى السلطة عبر صناديق الانتخاب، مشدداً على أنه لو لم يتم الالتزام بشروط الانتقال الديمقراطى يمكن أن تنحرف السلطة عن مسارها الطبيعي، لا سيما فى الديمقراطيات الوليدة.