الأديب البورسعيدى قاسم مسعد عليوة يحلل عصيان المدينة الباسلة: عانت من نظام مبارك وأضيرت من حكم العسكر وانفجر الوضع فى عصر الإخوان.. التجار قادوا قاطرة العصيان.. ونساء المحافظة لهن الفضل فى نجاحه

الجمعة، 22 فبراير 2013 04:12 ص
الأديب البورسعيدى قاسم مسعد عليوة يحلل عصيان المدينة الباسلة: عانت من نظام مبارك وأضيرت من حكم العسكر وانفجر الوضع فى عصر الإخوان.. التجار قادوا قاطرة العصيان.. ونساء المحافظة لهن الفضل فى نجاحه الأديب البورسعيدى قاسم مسعد عليوة
بورسعيد- محمد فرج

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكد الأديب البورسعيدى الكبير، قاسم مسعد عليوة أن محافظة بورسعيد عانت من نظام مبارك، وأوذيت من نظام العسكر، وأضيرت من نظام مرسى وجماعته، أى أنها عانت وتحملت الظلم طويلاً فيما وصفها إعلاميو الضلال، زورا وبهتانا، بالمدينة المدللة، عوملت بسياسة العصا والجزرة، ثم اختفت الجزرة وبقيت العصا.

ويضيف الأديب الكبير: "عوقبت المدينة كلها فى عهد مبارك تنمويا وتمويليا واجتماعيا وثقافيا بسبب محاولة الاغتيال التى أشيع حيث أدى فرط خوفه إلى توهمه أن المدينة أرادت قتله، فأوكلت عنها "أبوالعربى" للقيام بالمهمة، فضحى به وشهر فى وجه المدينة الأنياب والمخالب".

وتابع:"الشعور بالضيم تضاعف بعد ثورة يناير فقد تجافى عنها الإعلام، وزيف أخبارها ومحافظها السابق اللواء مصطفى عبد اللطيف، ضاعف هذا الشعور..وفى عهد المجلس العسكرى تم تنفيذ مخطط السوء المعروف بمجزرة إستاد بورسعيد (فبراير 2012م.)، ليعقبها انهمار الإهانات الجزافية فوق المدينة الموسومة ـ عن حق وعلى الدوام ـ بأنها مدينة البسالة والنضال".

ويستطرد الأديب الكبير:" السياسيون أيضا سكبوا البنزين على النيران المشتعلة فى المدينة، حينما جاءوها يعلنون تضامنهم مع أبنائها توجه أغلبهم إلى ألتراس أهلاوى يكسبون وده على حساب المدينة الضحية؛ ثم جاء القرار القضائى الجائر، فى عهد د. محمد مرسى وسلطة الإخوان المسلمين، بإحالة 21 متهما فى هذه المجزرة إلى المفتى، مما يعنى إعدامهم ضمنا، فأحرقت أعصاب سكانها، وبدا واضحا لديهم أن التآمر على المدينة مستمر، ورسخ هذا اليقين باستحداث مجزرة أخرى هى مجزرة سجن بورسعيد فى يوم السبت 26 يناير 2013م. (السبت الدامى) ثم قتل الشرطة لمشيعى الجنازة فى يوم الأحد 27 يناير".

وأضاف "عليوة":" لم يكتف أهالى بورسعيد وقت وقوع المجزرة بإعلان براءتهم منها، وإنما سارعوا بإنقاذ من أمكنهم إنقاذه من أفراد ألتراس أهلاوى، وحملوا المصابين والمتوفين إلى المستشفيات وتبرعوا بدمائهم لهم، وأحضروا لهم الأدوية والبطاطين، وصلوا صلاة الغائب عليهم، وقبضوا على بعض البلطجية بأنفسهم، وطالبوا بالقصاص العادل من المخططين والممولين والمنفذين، ومع هذا قوبلوا بالنكران، فتبين أن المخطط استهدف فيما استهدف أمرين أولهما: ضرب الثورة، وثانيهما: تشويه التاريخ الوطنى لمصر بالحط من مدينها الرمز بورسعيد"
..
وعن دخول بورسعيد فى العصيان المدنى، قال :"هو عصيان متدرج، وعلى وجه التقريب يمكن وصف إجراءاته قبل وبعد تنفيذه بالجيدة، فقد أعلن عنه قبل موعده بمدة كافية، وخوطب بشأنه أهالى المدينة وتوفرت فيه أغلب الشروط الأساسية، لذا كان حريا أن ينجح عبر خمسة أيام فى جذب الاستجابات الأولية له، وأبرزها تمثل فى موظفى وعمال: ديوان عام المحافظة، ديوان مديرية التعليم، المحكمة، مكاتب البريد، مديرية الشئون الصحية، مديرية الضرائب، الضرائب العقارية، مديرية الإسكان والمرافق، مديرية التنظيم والإدارة، مديرية القوى العاملة والهجرة، هيئة ميناء بورسعيد؛ المدنيين بمديرية الأمن ذاتها، وفى المصانع والشركات التابعة لهيئة قناة السويس وفى مقدمتها مصنع الحبال، وفى شركات ومصانع منطقة الاستثمار وما أكثرها، ومعهم المعلمون وطلبة مدارس التعليم الثانوى، والجامعيون؛ وأعطى التجار الذين بارت تجارتهم دفعة قوية للعصيان، لكن الدفعة الأقوى جاءت من نساء المدينة بتعدد مستوياتهن الاجتماعية والثقافية ومراحلهن العمرية فقد أيدن العصيان وتصدرن ومازلن المظاهرات المصاحبة له".

ومع تصاعد الأحداث أغلق الطريق المؤدى إلى ميناء شرق بورسعيد، ومنعت السيارات من الدخول إلى الميناء أو الخروج منه باستثناء السيارات المحملة بالمواد الغذائية.
وشهد أمس (الخامس) خروج بور فؤاد عن بكرة أبيها لدعم العصيان بمشاركة من عمال شركة قناة السويس للحاويات والمقاولين المتعاملين معها بتفريعة شرق بورسعيد، وعمال شركة بورسعيد لتداول الحاويات والبضائع بالميناء الغربى، والعاملين بتحركات هيئة قناة السويس والتوكيلات الملاحية ومديرية التموين، والشئون الاجتماعية، والشباب، والرياضة، والغرفة التجارية، وهيئة قضايا الدولة، وهيئة محكمة بورسعيد، شركة توزيع الكهرباء والغاز، والنيابة الإدارية، بالضرائب على المبيعات والمحامون وتجار قطع غيار السيارات، وجاء المدينة سويسيون، كما جاءوا من قبل هم وشباب من الإسماعيلية والمحلة الكبرى وعواصم كثيرة، لدعم بورسعيد فى عصيانها، وفى بادرة لها مدلولها الواضح بثت القوات المسلحة بأجواء التظاهر والاعتصام الأغانى الوطنية الممجدة لانتصارات بورسعيد، وأثناء مرور مسيرة العاملين بمنطقة الاستثمار بسجن بورسعيد هتف ضابط قوة الجيش المكلفة بتأمينه "الجيش والشعب إيد واحدة" وباتجاه التصعيد أعلن البورسعيديون أن يوم الغد (الجمعة) سيشهد أول محاكمة شعبية لنظام الإخوان المسلمين، فى إشارة واضحة إلى إمكانية التصعيد غير المحدود.

تقودنى خطوة قطع الطريق المؤدى إلى ميناء شرق التفريعة إلى تناول بعض المآخذ على هذا العصيان، وهذا أمر طبيعى فى مثل هذه الأحداث الكبيرة. من هذه المآخذ الاستمرار فى رفع شعار الانفصال "المستحيل"، واستبدال علم المدينة المرتبط بجذر المدينة النضالى بعلم مغاير. لقد خضنا من أجل هذا العلم حرباً عنيفة حينما تجرأ محافظ المدينة السابق اللواء مصطفى عبد اللطيف وعبث به وبدَّله ونجحنا فى استعادة علم المدينة ورمزها النضالى. بالطبع أتفهم الدوافع التى أدت بفريق من أهالى المدينة إلى هذا التصرف، وأرى أنه من الممكن إضافة رمز يدل على الفاجعة التى وقعت إلى العلم الأصلى الذى أراه ويراه كثيرون آية فى الجمال الشكلى والاكتمال المضمونى.

من المآخذ الأخرى تلك البالونات التى نفخت ورصت فوق الممشى السياحى الموازى لقناة السويس وقد ثبت عليها اصطلاح (S.O.S.) بما يعنى (أنقذونا)، فهى بهذا الوضع أتاحت للبعض الزعم بأنها رسالة موجهة للأجانب الذين يعبرون قناة السويس مطالبة بتدخل دولهم لحماية المدينة، وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة، فالبورسعيديون وطنيون يعون تماما أن الخلاف خلاف داخلى، والأزمة أزمة داخلية، وأن القصد من رفع هذا الاصطلاح هو الإعلام عما يدور داخل بورسعيد، وتسليط الضوء على قضيتها، ومزيد من الضغط على السلطة المصرية المعاندة ما دامت لا تخشى غير الإعلام العالمى، لكننى مع هذا أرى أن الصواب قد جانب رجل الأعمال الذى أقدم على هذه الفعلة، إذ كان حريا به استخدام أية عبارة أخرى أو إضافة عبارة أو جملة موجزة تبطل أى تأويل مغرض.

والصمت فى العصيان المدنى يفوق الصخب فى النتيجة والأثر، بل هو فعل مرغوب فيه ويتماشى مع طبيعته، لكن الأوضاع مع العناد السلطوى الذى لا يسمع ولا يستجيب تطلب تنظيم المظاهرات وترديد الهتافات بلا توقف، لعل بعضاً منها يقنع رجال السلطة بخطورة الوضع الملتهب داخل المدينة.

المدهش أنه بالرغم من سخونة الأجواء المصاحبة للعصيان الذى نفذته المدينة، وبالرغم من الغياب الشرطى لم يُسرق محل واحد من المحال المغلقة، ولم يقتل أو يصاب أى شخص على مدى هذه الأيام الخمسة.

المطالب ليست فقط مشروعة، لكنها أيضاً واضحة، جادة، عادلة، وممكنة، وأهمها: معاملة شهداء وضحايا يومى 26 و27 يناير 2013م. وما تلاهما معاملة شهداء وضحايا الثورة؛ التحقيق القضائى الحقيقى، أكرر.. الحقيقى، فى الجرائم التى ارتكبت بحق بورسعيد بحيث يخضع لها المخططون والمحرضين ومصدرو الأوامر قبل ومع المنفذين؛ مراجعة الأحكام الضمنية التى كشف عنها فى القرار القضائى الذى تلى فى يوم 26 يناير 2013م. بإحالة أوراق 21 متهماً إلى المفتى؛ اتخاذ الإجراءات الاحترازية توقيا لما عساه أن يحدث يوم النطق بالحكم فى مجزرة إستاد بورسعيد الرياضى الذى حدد له يوم 9 مارس 2013م بحيث لا يقتصر دور الجيش على حماية الملاحة فى قناة السويس وبعض المنشآت الهامة، وإنما يمتد كذلك إلى حماية المدنيين؛ معالجة الأضرار الاقتصادية التى حاقت بالمدينة على كل الأصعدة، فالأمر لا يقتصر على أعمال التجارة والمنطقة الحرة فقط، كما يعتقد البعض، وإنما له امتداداته المتشعبة إلى المطاعم والفنادق وحركة النقل الداخلى والخارجى ومحال البقالة، حتى أصحاب الحرف لدرجة أن نجاراً قال لى متحسراً "أنا مدقتش مسمار من أول الأزمة لغاية دلوقت".
ومع تباطؤ استجابة مؤسسة الرئاسة لهذه المطالب، وانصراف الحكومة عنها، فإن سقفها آخذ فى الارتفاع، ومطالب أخرى أخذت فى الظهور كمطلب إعادة علاوة القناة التى كانت تصرف للعاملين فى محافظات القناة الثلاث، والإعفاء من سداد فاتورة الغاز الطبيعى أو منح علاوة غاز طبيعى للعاملين بالمدينة، باعتبارهم أولى من الإسرائيليين الذين يحصلون على غاز مدينتهم بأسعار بخسة دعما لاقتصادهم وآلة حربهم ضدنا نحن المصريين والعرب.

لمن يثبط الهمم بقوله إن أول المتضررين بهذا الاعتصام هم أهالى بورسعيد وفقراؤها، ولأعضاء مجلس الشورى، الذين يريدون معاقبة مدن منطقة قناة السويس، أقول إن من دعا وشارك وأيد ودعم هذا العصيان هم أهالى المدينة وفقراؤها؟.. فالأضرار التى حاقت بهم سبقت العصيان، ومن ثم فهم لن يخسروا أكثر مما خسروا، ويطمحون بعصيانهم تحسين شروط حياتهم وتعزيز كرامتهم وكرامة مدينتهم، بعدما نفد صبرهم، فالكساد طال كل متجر ومحل وورشة، والظلم نال كل أسرة، والحزن عشش فى كل بيت وشارع وحارة.

وأحسب أن من أسباب استمرار هذا العصيان لخمسة أيام حتى الآن، واحتمال استمراره لأيام أخر، أن خطواته وإجراءاته تمت بمعزل عن القيادات السياسية والنخب المركزية، أى القاهرية، كذلك مشاركة القوى السياسية المعارضة داخل المدينة فى هذا العصيان دون أن ترفع راياتها، هى والنقابات العمالية والمهنية المستقلة وغير المستقلة والنوادى والجمعيات الثقافية والأدبية، والروابط والألتراسات البورسعيدية متصدرة المشهد، وأراها خطوة حكيمة من القوى السياسية عدم رفعها لراياتها، لأنه لوحدث ورفع كل فصيل سياسى رايته فلربما شهد العصيان صراع الديكة وفشل كما حدث مع عصيان 2012م.
لقد حذرتُ من قبل فى أكثر من مقالة وحوار صحفى وتسجيل تليفزيونى بأن الأمر جد خطير، لكن أحداً من المسئولين لم يلتفت لا لتحذيراتى ولا لتحذيرات غيرى، وقد لمستُ فى المدينة اتجاها نحو التصعيد إذا ما ظلت آذان السلطة من طين وعجين. وبكل وضوح أظهرت بورسعيد عدم انطلاء مناورة إعادة نظام المنطقة الحرة إلى ما كان عليه، ولا المبلغ الزهيد الذى ستدعم به هيئة قناة السويس محافظات بورسعيد والإسماعيلية والسويس، عليها؛ بل إن أهل المدينة كلهم اعتبروها رشوة وإهانة جديدة لكرامتهم.
لهذا أقول إن فك العصيان أو تصعيده، وحل الأزمة أو تعقيدها، أمور مرهونة بمؤسسة الرئاسة والحكومة، فهما المسئولتان عن تداعى المواقف والأحداث، وهما اللتان أوصلتا الأمور إلى ما وصلت إليه الآن، ومسئوليتهما توجب عليهما التخلى عن العناد، فالتسويف والمماطلة واللجوء إلى العنف كلها أساليب سلبية النتائج، ولا منجاة لهما إلا بالاستجابة الفورية لمطالب المدينة المشروعة وإلا ـ وحسبما تشير كل الدلائل ـ فالقادم أصعب وأخطر وقى الله مصر مما يحاك لها.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة